استطلاع رأي جديد قامت به مؤسسة «أصداء بيرسون مارستيلر» الإماراتية، شمل عينة من الشباب العربي ينتمون إلى 16 بلدا عربيا بينها المغرب، أظهر أن الشباب العربي لم يعد ينظر إلى غياب الديمقراطية كـ»عقبة مهمة» أمامهم. فـ15 في المائة فقط من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن غيابها يطرح مشكلا. وقد تقلصت هذه النسبة بشكل تدريجي خلال السنوات الأربع الماضية. فبعدما كانت النسبة 41 في المائة في 2012، ثم 38 في المائة في 2014، انهارت في 2015 لتصل إلى الرقم المذكور أعلاه.
شكوك في الديمقراطية
وكما انكمش الاعتقاد السياسي عند الشباب العربي في أهمية الديمقراطية، تراجعت ثقته أيضا في قدرة الربيع العربي على إحداث تغيير إيجابي في المنطقة. ففي عام 2015، أعرب 38% منهم فقط عن اعتقادهم بتحسن أوضاع العالم العربي بعد أحداث الربيع العربي مقارنةً بنسبة 72% في عام 2012. ونتيجة لذلك، تباينت آراء الشباب العربي حول إمكانية نجاح التجربة الديمقراطية في الشرق الأوسط. وبحسب المؤسسة، فإن الاضطرابات الإقليمية المستمرة قد ألقت بظلالها على الشباب العربي خارج منطقة الخليج العربي؛ وحينما سئلوا عن رأيهم حول واقع العالم العربي بعد أحداث الربيع العربي، قال 35 في المائة من المشاركين في شمال أفريقيا، و25 % في بلدان شرق المتوسط، إنهم أفضل حالا؛ أما بالنظر إلى السنوات الخمس القادمة، فعبر 39% في شمال أفريقيا و26% في بلدان شرق المتوسط عن اعتقادهم بأنهم سيكونون في وضع أفضل. وعندما سئلوا عما إذا كانوا يتفقون مع عبارة ”الديمقراطية
لن تنجح في المنطقة“، قال 39% من المشمولين بالاستطلاع إنها لن تنجح، فيما أعرب 36% عن اعتقادهم بأنها ستنجح، وبقي 25% متشككين حيال الأمر.
وتباينت الآراء حول الديمقراطية إلى حد كبير من بلد إلى آخر؛ فكان الشباب اليمني الأكثر تشكيكاً فيها (أبدى 61% اعتقادهم بأن التجربة الديمقراطية لن تنجح)، تلاهم الشباب القطري (60%)، فالسعودي (59%)، ومن ثم العماني(52%)، والتونسي (46%). وكانت البلدان الخمسة الأكثر تفاؤلا بإمكانية نجاح الديمقراطية هي الكويت (أبدى 58% اعتقادهم بأن التجربة الديمقراطية ستنجح)، والعراق (48%)، وليبيا (42%)، والإمارات (44%)، وفلسطين (36%).
وانعكس تباين الآراء حول الديمقراطية أيضاً في إجابات الشباب حول أبرز العقبات التي تواجه المنطقة، حيث حدد 15 % منهم فقط «الافتقار إلى الديمقراطية»، علماً أن «العيش في بلد ديمقراطي» كان الرغبة الأبرز لدى 92% من الشباب العربي المشمولين باستطلاع عام 2011.
خوف متزايد من «داعش»
وإذا كانت ثقة الشباب العربي قد تزعزعت في إمكانية نجاح التجربة الديمقراطية في بلدانهم، فإن مخاوفه تزداد أكثر فأكثر، ليس من غياب الديمقراطية، وإنما من خطر آخر (جديد هذه المرة): داعش. حيث أبدى واحد من كل أربعة مشاركين تقريباً (73%) مخاوفه من تمدد نفوذ هذه الجماعة المتطرفة، واعتبرها اثنان من كل خمسة مشاركين (37%) العقبة الكبرى التي تواجه المنطقة. وفي الوقت نفسه، أعرب أقل من نصف المشاركين (47%) عن ثقتهم بقدرة حكوماتهم على التعامل مع هذا التهديد الجديد. وأظهر الاستطلاع وجود تباينات كبيرة في أرجاء المنطقة لجهة الثقة بقدرة الحكومات على مواجهة خطر «داعش»؛ فبينما أبدى 3 من كل 5 مشاركين (60%) في بلدان الخليج العربي، وأكثر من نصف المشاركين (53%) في شمال أفريقيا، ثقته بقدرة حكوماتهم على مواجهة التنظيم، كان هذا رأي 25% فقط من شباب بلدان شرق المتوسط.
ويبدي الشباب العربي قلقاً واضحاً حيال قدرة حكوماتهم على التعامل مع ازدياد نفوذ التنظيم الإرهابي، وخصوصاً في البلدان التي لديها حدود مجاورة مع المناطق الجغرافية التي سيطر عليها. ويعتبر الشباب اللبناني الأكثر قلقاً بين أقرانهم؛ حيث قال 77% منهم إنهم «لا يثقون في قدرة حكومتهم على مواجهة ازدياد نفوذ «تنظيم الدولة الإسلامية»، وتلاهم في ذلك الشباب الليبي بنسبة 63%، ومن ثم البحريني (59%)، فالعراقي (56%)، والأردني (51%).
ويرجع هذا القلق، حسب الاستطلاع، إلى الانتشار السريع الذي حققه «تنظيم الدولة الإسلامية»، وتأثيره الواضح في أنحاء العالم، من خلال استخدامه وسائل التواصل الاجتماعي، والضرب في قلب العالم العربي، والاستحواذ على مناطق نفوذ واسعة في سوريا والعراق، محاولا طمس الحدود، ومطالباً بالامتثال لفهمه المتشدد للدين الإسلامي. واكتسب «تنظيم الدولة الإسلامية» سمعته السيئة في العالم، إثر هجومه العنيف على المدنيين وعمال الإغاثة الدوليين والصحافيين، إضافة إلى اضطهاده المبني على عقيدة مغرقة في تزمت جميع الطوائف والأعراق التي لا تنصاع له.
وتحول الخطر الذي يشكله تنظيم «داعش»، والإرهاب بشكل عام، إلى مبعث قلق رئيسي عند الشباب العربي، غطى على باقي العقبات الاقتصادية والسياسية، وبينما يقول 69 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إن خطر الإرهاب هو العقبة الكبرى التي تواجه المنطقة، توارت غياب الديمقراطية والبطالة وارتفاع تكاليف المعيشة إلى الوراء.
ومع ذلك، لا يزال الشباب العربي يبدي تفاؤلاً حذراً بالمستقبل بالرغم من التحديات التي تواجه المنطقة؛ إذ لدى سؤال المستجوبين عن رأيهم بالسنوات الخمس الماضية، يعتقد 3 من كل 5 أشخاص (57%) أن بلادهم «تسير في الاتجاه الصحيح»؛ حيث يعتقد 81% من الشباب الخليجي أن الأمور في بلادهم «تسير في الاتجاه الصحيح» مقارنة مع 57% في شمال إفريقيا، و29% فقط في بلدان شرق المتوسط.
الإمارات تسحر الشباب العربي
أغلب الشباب العربي يحبذون العيش في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويرغبون أن تحذو بلادهم حذوها كنموذج للنمو والتطور للعام الرابع على التوالي.
وعندما طلب إليهم تسمية البلد الذي يفضلون العيش فيه أكثر من غيره في العالم، وقع اختيار المشاركين على دولة الإمارات العربية المتحدة التي تقدمت على 20 بلداً بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا وكندا. وعلى نحو مماثل، وعندما سئل المشاركون عن الدولة التي يرغبون لبلدهم أن تحذو حذوها كنموذج للنمو والتطور، أشار حوالي ربع المشاركين (22%) إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، تلتها الولايات المتحدة (15%)، وألمانيا (11%).