توفيق بوعشرين: «فلقة» للوزراء الأربعة 

14 مايو 2015 - 21:54

خرج أربعة وزراء من حكومة بنكيران الثالثة، ويستعد آخرون لأخذ مكانهم. أمس نزل بلاغ الديوان الملكي يخبر الرأي العام بأن الملك محمد السادس قبل استقالة وزيرين (الشوباني وبنخلدون)، وقبل طلب إعفاء عبد العظيم الكروج من منصبه، علاوة على قبول استقالة وزير رابع، محمد أوزين، الذي استقال هو الآخر عقب فضيحة ملعب مولاي عبد الله بداية هذه السنة، وأن الجالس على العرش يطلب من رئيس حكومته أن يقترح أسماء جديدة لتعويض القديمة حسب ما ينص عليه الدستور…

ما هي الرسائل التي حملها البلاغ الملكي الذي أعطى الضوء الأخضر لخروج الوزراء من مكاتبهم؟

أولا: الوزراء الأربعة الذين غادروا مناصبهم الوزارية لم يفعلوا ذلك زهدا أو طوعا، أو اعترافا بالخطأ والتقصير وسوء التقدير. ثلاثة منهم جاءت الإشارات الملكية من أعلى تفيد بضرورة خروجهم من الحكومة، وواحد، أي الكروج، جاءت المبادرة من رئيس الحكومة لدفعه إلى خارج الفريق الوزاري. هذا بغض النظر عما يقوله الدستور أو ما لا يقوله… هذا معناه أن السلطات العليا في البلاد أصبحت تتفاعل أكثر مع الرأي العام والصحافة والفايسبوك وتويتر ومواقع النيت، ومشاعر الناس وآرائهم حول السلط وحول الوزراء.. الكروج أثار استياء الناس لأنه أخذ علبة شوكولاتة كبيرة إلى منزله بمناسبة عقيقة ابنه، وبعث بالفاتورة إلى الوزارة لتؤديها عنه، ورغم أنه نفى الأمر في البداية، وحاول تطويق الفضيحة، فإنه وجد نفسه أمام عاصفة استياء كبرى. زميله في الحركة الشعبية، محمد أوزين، وجد نفسه في ورطة أكبر من البرك المائية التي أغرقت ملعب مولاي عبد الله بمناسبة إقامة مباراة دولية لكرة القدم، وبعد أن ظل يكابر ويعاند لأسابيع، اضطر في الأخير للرضوخ للأمر الواقع، والخروج من الوزارة، أما الكوبل الحكومي، الوزير والوزيرة اللذان كانا على وشك الزواج، فإنهما وجدا نفسيهما وسط بحر من الانتقادات لتشجيع الوزير لتعدد الزوجات في بلاد تنحو نحو التضييق على هذه العادة الشرقية، وقبول الوزيرة أن تكون ضرة لامرأة أخرى… وهكذا غادر هذا الفريق الصغير سفينة الحكومة بعقوبة سياسية، لكن الذي ربح من هذه النازلة هو الرأي العام والصحافة وسلطتها الرابعة…

ثانيا: باستثناء الكروج الذي أقيل من مهامه ولم يستقل، فإن وزير العلاقة مع البرلمان، الحبيب الشوباني، والوزيرة المنتدبة في وزارة التعليم العالي، سمية بنخلدون، ومحمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، سمح لهم بالخروج من الوزارة بأقل الأضرار، أي بنوع من حفظ ماء وجوههم، بادعاء أنهم قدموا استقالاتهم ولم يقالوا، والواقع غير هذا، فهؤلاء الوزراء بقوا متشبثين بكراسيهم إلى آخر لحظة، وعندما وصلت الإشارات من أعلى تفيد بضرورة أن يدفعوا فاتورة أخطائهم، عندها فقط استسلموا للأمر الواقع، وحرروا استقالاتهم باستثناء الكروج، الذي لم يعرف كيف يخرج، أو لم يجد من يدافع عنه ليغادر وقد مسح آثار الشوكولاطة على فمه. 

ثالثا: واقعة خروج الوزراء من حكومة بنكيران على إثر فضائح أو ورطات سياسية أو سوء تدبير إداري أو سياسي.. هذه الواقعة تلقي الضوء على إشكالية اختيار الأحزاب للنخب التي تمثلها في الحكومة، وشروط الاستوزار ومعاييره وضوابطه ومؤهلاته.. هذه معضلة كبيرة. في السابق، كانت الكلمة الأولى والأخيرة للقصر في اختيار الوزراء الذين يدخلون إلى الحكومة، رغم أن هذه العملية لم تكن تسلم من سوء اختيار، وحتى من طرائف، لكن بعد دستور 2011 صار للأحزاب، أو بالأحرى لقياداتها، هامش أكبر لاختيار الوزراء الذين يمثلون الحزب في الحكومة، وهنا وقعت كوارث، حيث حمل زعماء أحزاب لوائح للاستوزار يندى لها الجبين، بعض من فيها استوزر والبعض الآخر لم يصل إلى الحكومة…

والأكثر مدعاة للسخرية في هذه العملية أن زعماء الأحزاب لا يتدخلون لإجبار وزرائهم على الاستقالة بعد أن يتورطوا في فضائح كبيرة أو صغيرة، كما أن أغلبية الأحزاب لا تراقب أداء وسمعة وزرائها، حيث يصير هؤلاء جنرالات في الحكومة لا يحاسبهم أحد من قواعد الحزب ولا من هيئاته، إن كانت لجل الأحزاب المغربية هيئات أصلا.

أمام المغرب طريق طويل لتأهيل الحقل الحزبي للرقي بنخبه لتستحق أن تجلس على كرسي الوزارة، وأن تمثل 34 مليون نسمة…

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

الياس منذ 9 سنوات

تعجبني مقالاتك لكني اعتبرك ادكى من ان تصدق ان خروج الشوباني كان بسبب زواجه,فالعادة ليست مشرقية و قد عدد الحسن التاني و عدد عبد الله باها و الرميد و لم يعتبر احد من السلطة الرابعة انهم اقترفوا فضيحة كما سميتها

الغراب منذ 9 سنوات

سي بوعشرين رغم تقديري الكبير لك أود أن اطلب منك تصحح خطأ فادحا ارتكبته في مقالك فامر تعدد الزوجات ليس عادة شرقية بل هي تشريع إلاهي واضح من خلال اية التعدد في القرآن ولن يستطيع أي مخلوق كيفما على شانه أن يلغي هذا التشريع.

samir2 منذ 9 سنوات

ومتى تستقيل الحكومة وتعلن الانتخابات!! استقلالها عن الدولة العميقة التي يتغنى بها بن كيران في تدخلاته المضحكة!!..متى يستقيل القانون عن السلطة الفوقية المتحايلة ويعلن لنا القصر موقفه من التماسييح والعفاريت بعد تحديد هويتها والاهتداء إليها لالقاء القبض عليها..هل يحكمنا القصر أم يحكمنا القانون وفيما تفيدنا اقالة الشيباني وماذا نستفيد من استقالة-الكراطة-هل نضخها كالعملة في جيوبنا!!واسفاه الشعوب تطيير في مصاعد الديمقراطية والرفاه ونحن نمضغ -مذاق-الاستقالة والاقالة فارحيين برحيل بعض الوزراء من الحكومة !!هذا هو الانجاز التاريخي وشعار الاستثاء حينما يفشل المسؤولون في تحقيق وعودهم او يقترفون الفضائح يتبخرون في الهواء تاركيين -الماشية-تجتر في تعليقاتها الساذجة وينسى الجميع معنى المتابعة والحساب..واذا كان الشوباني قد تزوج بالشابة بن خلدون في خضم النقاش المشتعل بخصوص التعدد الزوجي في بلدنا فان الكروج قد سبقهما الى خلط همومه العائلية بالشأن العام الوطني عندما أدخل يده في جيوب المواطنيين بمناسبة عقيقة ابنه-او ابن المغاربة مادام قد ساهموا فيه بالفاتورة!!! وهاهو اوزين يفتح فمه امام بعض وسائل الاعلام مرحبا بالمفتشيين ان هم ارادوا التأكد من ممتلكاته كأنه ينسي الشعب في جريمة الكراطة والاستضافة الكروية المغشوشة التي كلفت الوطن ماديا ومعنويا وشوهت صورته في وسائل الاعلام العالمية ما جعل أحد الافارقة يقول لي انذاك-!!mon frere ..t es marocain hhhhhaaahha-ساخرا من سطل اوزين مول حفرة-الزين-وقبله وصفنا وزير التشغيل بالماعز التي يرعاها كي-- يبرع --أبنائه!!ولازالت الفضائح مستمرة.إني كمواطن في حاجة الى السكن والغذاء والتطيب ولست في حاجة الى التفرج على كلاب السياسة تنهش بعضها بعضا تحت قبة البرلمان..أنا في حاجة الى الكرامة والعدالة ولست في حاجة الى اعفاء الشوباني أو بقائه في منصبه..أنا في حاجة الى تعليم لائق و شغل يحفظ يداي من التسول ولست في حاجة الى الخوض في تفاصييل عض اللبار لشباط وحسابات الاخير مع رئيس الحكومة وانشقاقات الاحزاب-الدكانية-وجنائز الزعماء الذين افنوا أعمارهم في الزعامة زعما زغما!!!! أنا وأنا وأنت..

نوالدين خصيم منذ 9 سنوات

كيف ننتظر من رئيس حزب ما أن يحاسب وزيره الذي قدم له علاوة ﻹقتراحه في الوزارة.؟! وهو اﻷمر الغالب فب أحزابنا اليوم مع استثناء حزب العدالة والتنمية تحت رئاسة بنكيران على اﻷقل.

Chriff منذ 9 سنوات

بدت ملامح بعض الوزراء تلوح رائحتهم وتشم عند الشعب الصبور , وانهم لمجموعون الى ميقات يوم معلوم. الله يحفظ ملكنا الهمام الشجاع والله يبعد عنا كل الحراميين

محمد الحيداوي منذ 9 سنوات

اسمحلي الاستاذ توفيق انا معجب بمقالاتك ولكن في رأيي لم توفق في هذا المقال ، اذا كان خروج الكروج و والزين منتظر فإن خروج الشوباني وسمية لا يمكن ان تبرره بالسماح بتعدد الزوجات أو غيره الا اذا كانت هناك اجندة للفساد تريد رأس الشوباني بالخصوص . الاستقالات لا تكون( بأخطاء شخصية ) ان كان ما قام به الشوباني يعتبر خطأ وانا لست مع هذا الرأي الاستقالات تكون لاختلالات تدبيرية ،وإلا فإن اعفاء الشوباني كان لحاجة في نفس يعقوب .

محمد ناجي منذ 9 سنوات

الواقع أن مسؤولية الأحزاب ثابتة وكبيرة في هذه التعثرات التي تصطدم بها الحكومة بين الحين والحين، والتي تنجم عن خروج وزير وإحلال آخر مكانه ليكمل الماتش مع الفريق. وهون ما يترتب عنه بلا شك خسائر مادية ومعنوية. فأما مسؤولية الأحزاب في هذه الأزمات فتتمثل في اختياراتهم للأشخاص الذين يرشحونهم لتمثيلهم في الحكومة، وهي اختيارات قد لا تنبني على مقاييس موضوعية، أو كُـفـئـية .. وهذا لا يقتصر على الحكومة ؛ بل يتجاوزها إلى البرلمان أيضا. ولذلك فقد كان وزير الداخلية محقا عندما رفض شرط توفر رئيس الجماعة على شهادة الباكالوريا ، أو على شهادة أعلى، وتمسك بالإبقاء على أشباه الأميين في المسؤوليات الكبيرة؛ وحجته في ذلك أن الأحزاب هم من يرشحون أشباه الأميين ويزكونهم. فإذا كانوا يطالبون بضرورة توفر رئيس الجماعة على شهادة أعلى من الابتدائية، فلا يرشحون للانتخابات إلا من يتوفر على تلك الشهادة المطلوبة .. وهو على حق في ذلك. لأن أي حزب يجتهد ليحصل على أكبر نسبة من الأصوات لتكون حظوظه أوفر للوصل إلى رئاسة الجماعة .. وهو لا يشترط على أنصاف الأميين ممن يرشحهم ألا يصلوا إلى رئاسة الجماعة، فكيف يفرضها عليهم وزير الداخلية. أما الخسائر التي تتولد عن هذه التعديلات المتكررة في أعضاء الحكومة ، فهي على عدة أوجه : أولها أن المنصب الوزاري الواحد سيصبح يتقاضى عنه شخصان راتبي تقاعديهما، وتعويضاتهما . ثانيها أن الوزير الجديد قد يبدو له فيوقف ما كان قد بدأه من قبله، ليأتي ببرنامج جديد، ربما لا يكفيه الوقت المتبقي في عمر الحكومة لإنجازه. فتضيع الأموال المصروفة على برنامج الوزير المغادر هباء، وتضيع المصاريف التي تصرف لإنجاز برنامج الوزير الوافد، الذي جاء بأفكار جديدة ويرنامج جديد لم يُـعـطَ الوقت الكافي لإنجازه. ثالثا : أننا نعتبر أن العمل الحكومي بحال يلا كلعبو شي "ماتش" ديال شي حاجة، ماتش ديال الرامي مثلا، حيث قد يضطر اللاعب إلى المغادرة لغرض ما، فيسلم يده (أوراقه) لِـلاَعب آخر ليكمل الطرح . وكأن المسألة ليست قائمة على برنامج محدد أو على مخطط مدروس، كان للوزير يد طولى في وضعه، ويتحمل مسؤولية إنجازه إلى النهاية .. حيث تبدو المسألة هنا وكأن فيها شيئا من العبثية أو اللامبالاة، والتي تستفاد من أن ( أي واحد كان فالوزارة بحال بحال، اللي جا يخدم ). وهو ما يدل على أنه ليس هناك وزير يسير وزارته وفق برنامج وضعه لنفسه بتضامن مع الحكومة، وإنما هو ينفذ ما يؤمر به؛ فإذا غادر، فيأتي آخر ليصبح هو الذي يتلقى الأوامر والتعليمات لتسيير الوزارة التي أصبح مَـأتِـياً به إليها .. بحال اللي جاب شي كابران للورش ديالو أو للفيرمة ديالو، مُـهِـمْـتُو ايْـقابْـل الخدامة شكون جا وشكون مجاش.. وشحال تيسال هادا وشحال تيسال لاخُـرْ . الله يعفو علينا من هاد الهم

عبد الغني منذ 9 سنوات

أحترم آراءك كثيرا لكني أراك قد جعلت من تورط في افتناء أمور شخصية من مال الشعب ومن ساهم في تبذير أموال المواطنين في صفقة مشبوهة كمن لم تمتد يده إلى شيء من ذلك . زواج الوزيرين لم يوقع أي ضرر على المواطنين من قريب أو بعيد لدلك ومن باب العدل و الموضوعية لا ينبغي أن نجعلهم في الأمر سيان و إلا سيصبح الأمر أشبه بالمغالطة المقصودة و هذا ما ننزه عنه صديقنا توفيق المشهود له بالموضوعية و العمق في التحليل

التالي