-->

توفيق بوعشرين :الحفيظ هو الله

10 يونيو 2015 - 22:19

 

لم تمر إلا أسابيع معدودة على حادثة طانطان حيث احترق 34 طفلا في حافلة كانت تقلهم إلى نشاط رياضي، حتى فجعنا مرة أخرى بحادث الصخيرات، حيث ابتلع البحر 11 طفلا كانوا يسبحون في بحر غير محروس مع مدرب التيكواندو… هزة كبيرة أصابت الرأي العام جراء الحادث المفجع في بلاد الحياة فيها رخيصة، والطفولة مهملة، والموت يتربص بالجميع، في الطرق القاتلة والحافلات المجنونة، وفي المنازل الآيلة للسقوط، وفي الشطآن غير المحروسة، وفي الشوارع المليئة بالعنف…
التحقيق في الفاجعة مازال مستمرا، لكن هناك أسئلة حارقة لا يمكن للمرء أن يكتمها، منها: إذا كان شاطئ الصخيرات نقطة سوداء فلماذا لا تضع الوقاية المدنية حراسة مشددة عليه لمنع الكبار والصغار من الاقتراب منه؟ مدرب التيكواندو الذي حمل 45 طفلا وتوجه بهم إلى الشاطئ، من أعطاه رخصة نقل الصغار من مدينة إلى أخرى؟ حمل 45 طفلا والتوجه بهم إلى الشاطئ للتدريب يفرض وجود تأطير تربوي من قبل إطار بشري مدرب، وهذا ما لم يكن يتوفر عليه نادي النور للفنون القتالية ببنسليمان. أين كان الدرك الملكي وهو يرى 45 تلميذا ينزلون إلى شاطئ دون تأطير تربوي كاف؟ كيف تسمح عائلات الأطفال لأبنائها بالسفر والتوجه إلى البحر أو إلى أي مدينة أخرى دون أن تتأكد من أن الجهة المكلفة بهم تتوفر على شروط السلامة والأمان؟
في السنوات الأخيرة نبتت نوادٍ رياضية كثيرة في المدن الصغيرة والكبيرة في الأحياء الشعبية، حيث وزارة الشباب والرياضة غائبة تماماً، وحيث أماكن اللعب والتدريب وممارسة النشاط الرياضي تكاد تكون منعدمة، فاستغل عدد من الرياضيين هذا الفراغ، واستغلوا الإعفاءات الضريبية، واستغلوا غياب المراقبة من قبل السلطات العمومية، وشرعوا يفتحون مدارس لتعليم الفنون القتالية وكمال الأجسام والرقص واليوغا، وكل هذا بدون دفتر تحملات، ولا تأطير من الدولة، ولا مراقبة من قبل السلطات المختصة. إنها العشوائية التي تعم كل أوجه الحياة في بلادنا، حيث l’informel هو السائد في السكن والاقتصاد والتعليم والرياضة والتجارة…
ما عادت الحياة اليوم رخيصة كما في سالف الأزمان، حيث كان الناس يتقبلون الموت وينسبونه إلى القضاء والقدر فقط، وما عادت أخبار الكوارث تبقى محصورة في بيوت الضحايا وعائلاتهم ومحيطهم القريب.. صار الإعلام المحلي والدولي يشركان الجميع في الفاجعة، فتتحرك المشاعر، ومعها الأسئلة السياسية والقانونية حول المسؤولية الخاصة والعامة.. الخاصة يجيب عنها القضاء، والملف الآن بين يديه، ونحن لا نريد أن ندين مصطفى العمراني، مدرب التيكواندو، الذي فقد هو الآخر ابنته في الحادثة المروعة على شاطئ الصخيرات، لكن نريد أن نثير الانتباه إلى المسؤولية العامة، إلى شروط السلامة في البلاد، إلى مراقبة السلطات العمومية، إلى جاهزية الوقاية المدنية، إلى مسؤولية الحكومة والبرلمان عن وضع إطار قانوني جديد لجل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والرياضية واللوجستيكية حيث «الحافظ الله»، وحيث لا تتوفر البلاد على الحد الأدنى من الوقاية من المخاطر، وإذا حدث ووقعت الكارثة لا نملك الإمكانات للحد منها ولا لتخفيف الأضرار والكوارث وعدد الضحايا… مازلت أتذكر زلزال الحسيمة حيث عاينت الصحافة وجود سيارتي إسعاف في مدينة يقطنها أكثر من 90 ألفا، والمثير للسخرية أن واحدة من سيارتي الإسعاف كانت معطلة منذ أشهر قبل أن يضرب الزلزال الحسيمة ومناطقها، حيث لأول مرة في التاريخ كان عدد القتلى أكبر من عدد الجرحى، وحيث وصلت الكلاب المدربة من أوربا للبحث عن الناجين بين الأنقاض فيما لم تصل الكلاب المغربية من الرباط والدار البيضاء إلا بعد أيام على الفاجعة. هذا ورش كبير يتطلب حوارا وطنيا ومخططا استعجاليا.. كيف نوفر السلامة والأمان في «أجمل بلد في العالم»…

واش هداك وجهك ولا . كفاك…
تحركت آلة البهتان الإعلامي من جديد ضد كاتب هذه السطور الذي اكتشف أن «المنشور إياه» والمطبوعة الصفراء التي تزين وجهها بالألوان لتخفيف البشاعة الكامنة وراء نفوس أصحابها.. المنشور والمطبوعة مهتمان بما أكتبه إلى درجة الهوس، والاثنان يبحثان في مزبلة الأنترنت عن أي ثقب ليدخلوا منه إلى السب والقذف والافتراء والبلطجة الإعلامية. لقد أوضحنا أمس في موقع الجريدة أسباب الجهل الذي دفع البعض إلى الاعتقاد أن ما نشر في افتتاحية «الإهانة» مأخوذ من مقال جاك اطالي الذي ترجمناه بالحرف في الجريدة الأسبوع الماضي، ولا يعقل أن نعمد إلى نسخه في افتتاحية تصدر بعد أيام، وقلنا إن الافتتاحية تقاطعت مع أحداث تاريخية جاءت في مقال المفكر الفرنسي، وهي أحداث معروفة، ولهذا لم يكن ضروريا الاستشهاد بصاحبها، لكن التحليل والرأي عمود الافتتاحية و80 في المائة منها لا علاقة له بمقال اطالي، لكنها النفوس المريضة يزعجها أن تظل هناك أقلام لا تبيع ولا تشتري، ويؤلمها أن تظل هناك أصوات مستقلة تقول ما تعتقد أنه حقيقة للسلطة ولغير السلطة، فيما هم تحولوا إلى «نكافات» يزفون كل العرسان إلى مخادعهم طمعا غالبا، وخوفا أحيانا… أستحيي أن أدافع عن نفسي في جريدة أديرها، وأن أشغل القراء بتوافه النفوس المريضة، وأختار تارة تجاهل ما يُكتب لأن الناس يعرفون معدن كل واحد، وتارة الذهاب إلى القضاء ليقول كلمته في تسريب رقم حساب بنكي مغلوط مشمول بالحماية الدستورية والقانونية حتى وإن كان صحيحا.
إن ما جرى في هذه النازلة يذكر بجرائم الإعلام المصري الذي كان يعرض بعد الانقلاب مضمون المكالمات وأرقام الحسابات على الهواء مباشرة لمن يعتبرهم أعداء للسلطة دون حياء، مثل ذلك الذي يعري سوأته أمام الناس

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Ali meriche منذ 8 سنوات

الضرب في العمق...ما هو الغالي و النفيس عند المغربي الاصيل المكون الاكبر للمجتمع المغربي...هذه هي استراتيجية الدولة العميقة في كبح التغييرالطبيعي للمشهد السياسي الراهن...فرموز هذه الدولة يرعبها هذا التغيير و يهدد مصالحها لكونها المسيطرة الحصرية على الاقتصاد و المال وثروات الشعب و مقدراته..و للحفاض على مكتسباتهم الغير المشروعة طبعا..فهم يعمدون انطلاقا من قوتهم في مراكز القرار الى استخدام تقنية الهجوم بدل الدفاع..فاي تغيير في الساحة السياسية بات يرعبهم و يزعجهم الى درجة انهم يريدون قلب كل الموازين و الرجوع الى ما قبل دستور 2011..فهم يريدون احداث انقلابا ناعما على كل المؤسسات الدستورية و البقاء بعيدين و متوارين عن المشهد..فهم يراهنون في تنفيذ مخططهم على الاذرع التابعة لهم بالامر او بالمال الفاسد..اغلى شيئ عند السواد الاعظم عند المغاربة هو دينهم وعرضهم و فلذات اكبادهم..و لضرب الحكومة الحالية وقد نختلف معها في اشياء كثيرة الا انها تبقى وليدة ارادة جماهيرية افرزتها صناديق شفافة و نزيهة..يعمد رموز هاذا الكيان الي تجنيد الاعلام و معارضة ضعيفة و الجمعيات الشاذة و كذا بعض المؤسسات الدستورية كالهاكا و جهات محسوبة عليهم في القضاء..فهذه الاركيسترا ستعمل جاهدة الى افشال حكومة ذات مرجعية اسلامية و احراجها امام من ادلوا لها باصواتهم. وا صعدوها مركز الحكم.فكل الاحداث المتتالية و المتسلسلة لها علاقة بالدين الاسلامي هوية للدولة و بالاسرة المكون الاساسي لمجتمع مسلم ومحافظ وتلطيخ سمعة نساء المغرب و اثارة غضبهن لانهن الام و الاخت و الزوجة والجدة و العمة..النصف الاخر للمجتمع المغربي...فهذه الاركسترا العقيمة بتوجيهات من رموز الكيان العميق تريد ارباك المشهد العام برمته بضربها على الاوتار الحساسة للمغاربة..و هذا شيئ خطير يتجه نحوالمجهول..

samir2 منذ 8 سنوات

أينما كنتم يدركم الموت ولو في الفايسبوك..جربوا الاختباء في تويتر..أو تسلقوا أعشاش التانغو ويلحق بكم المنون كي يقطفكم!!والى حدود كتابة هذه السطور لم أستوعب بعد كيف يظهر هواة النقد عقب كل فاجعة فيصبحوا محللين للغيب كأنهم في جلسة من تلك الجلسات المملة التي يظهر فيها حميدوش للتعليق على هزائم المنتخب !!..إن الغيب لا يخضع للتحليل والحمد لله أن الاطفال لم يموتوا في حافلة وإلا كنا قد إمتشقنا سيوفنا للاجهاز على وزير التجهييز أم أن البحر كان مخموا!!لا ربما الامواج هي التي كانت تقوده بتهور !!لا لا عفوا واد الشراط هو المسؤول لانه قتل أحمد الزايدي!!!..يجب أن نستخرج كل أموات الارض حتى نعرف هل غياب الحذر هو المسؤول عن وفاتهم فالعالم قد تطور ولم يعد الموت يرتدي جبة القرون الوسطى!!..أحسبت أن الموت يصطحب أصحاب الرخص!!.والله لن يمت من عنده رخصة فالعالم قد تغير!! البكاء وراء الميت خسارة للمداد ومضيعة للوقت وهدر لبطارية الحاسوب الذي نختبأ ورائه معشر الكرام فمن يحمل المسؤولية للمسؤولين في مثل هذه الحالات كأنه يحمل المسؤولية لنفسه اذا أصابه مرض ..قريبا قد نفتح ورشا لتحميل المسؤولية ونزرع كاميرات للمراقبة حتى اذا تنفس أحدنا سنهرع الى مهاجمة المسؤولين لانهم لم ينجحوا في تنفييذ الوعود!!..العالم يتقدم ونحن نتكلم..الى اللقاء ..الى اللقاء يا مسؤوليين الى اللقاء!!!!!!!!!!!-

mohamed منذ 8 سنوات

طيور الضلام استادي الكريم

wafaa منذ 8 سنوات

Desole je ne suis pas d''accord avec toi car la responsabilité est pas celle du proprietaire de l'ecole mais du l'Etat qui n a pas mis en place des signe comme quoi la plage est dangereux c'est l Etat qui n'a s'interessé au monde en plus que le ministre de transport a deja dit en plein public au parlement qu'il a vecu la meme chose qd il ete encors jeune alors qu'il sait bien les danger de cet endroit et n a pas reclamé ca. pour ces enfants ils ont tjrs l'habitude de partir a la meme place et en plus il n y a pas de truc affiché montre que l endroit est risqué surtout qu'il y avait du monde sur la meme plage donc pas question que cet ecole a amené les gens a cet endroit mais le vrai probleme est que tt le monde y part donc il y a une responsabilité et unique celle de l'Etat et plus precisement des ministres qui font rien pour ce pays a part des monsonge et dispute entre eux au parlement ils ne sont pas aptent de gerer ce pays et doivent le dire et aient le courage comme les ministres d'europe .

ouzzig منذ 8 سنوات

خويا توفيق حادثة طانطان قرب واد الشبيكة راح ضحيتها 14 طفلا فقط والباقي مسافرون تختلف ٲعمارهم. 14 طفلا هم افراد الفريق المدرسي الرياضي وليس 34 طفلا

التالي