الحسين الوردي.. ريفي يتيم تجرّأ على "بويا عمر"

16 يونيو 2015 - 14:32

داخل قبة البرلمان قال قولته الشهيرة: « يا أنا يا بويا عمر »، ولم يقل صراحة إنه سيستقيل إن عجز عن تحرير المئات من المرضى النفسيين والعقليين، الذين رمت بهم الأقدار، وتواطؤ الأسوياء، في واحد من أكثر « المعتقلات » الاجتماعية سوءا، لكنه كان مصمما على الذهاب إلى النهاية.
حينما قال قولته رد عليه حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، بنعته بـ »بويا الحسين »، مشككا في خلفيات قراره، حيث ذكر أن المشاكل داخل وزارته أكثر من أن تحصى، وأنه يغطي عليها بنقاش مفتعل حول « بويا عمر ».
أمس الاثنين، صار ما وعد به الوردي حقيقة: السلطات تشرع في تفكيك إحدى أكبر قلاع الشعوذة وإهانة كرامة الإنسان في المملكة، بعد أن نقل المرضى إلى المستشفيات العمومية والمراكز التي أعدت لهذه الغاية.
من يعرف الوردي يدرك جيدا حزمه وعدم تردده، وقال أحد أفراد ديوانه لـ »اليوم 24″ إنه يلتحق بمكتبه باكرا كل صباح، و »قد يفاجئك كل يوم بفكرة أو تصور لمشروع.. هو لا يبالي بالضجيج الذي يمكن أن تثيره أفكاره، بل يلقيها على « قارعة » التداول العام ويمضي إلى العمل ».
تبوأ الحسين الوردي المرتبة الأولى بين وزراء الحكومة في أكثر من استطلاع حول الشعبية والنجاح، ما يؤشر على أن المغاربة سعداء بإنجازاته، أو لنقل « نسبة كبيرة » من المغاربة. هو صاحب أفكار جريئة، بل شكل الاستثناء في أكثر من مناسبة داخل حكومة توصف بأنها « نصف ملتحية »، إذ دعا إلى توسيع دائرة النقاش حول الإجهاض، وخالف بعض تصورات حلفائه، كما أصدر دراسة تدعو إلى الاعتراف بالمثلية الجنسية وعدم تجريمها، وكان سباقا إلى البحث في إمكانية التحاق الرأسمال بقطاع الصحة، بفتحه في وجه المستثمرين، حينها واجه اتهامات بالسعي إلى خوصصة قطاع حساس، فضلا عن رفضه تزويج القاصر تحت 18 سنة تحت أي ظرف.

الغاضبون من الوردي

لكن في المقابل، يعتبر الوردي من أكثر وزراء حكومة بنكيران « انخراطا في الصراعات »، بحسب كثيرين.. هنا يرد مصدر مقرب منه: « هو لا يفتعل الصراعات، وهو يصلح أوضاعا يجب أن تصحح ولا تقبل التأجيل، والمتضررون من الإصلاح هم من يطلقون النار ».
ويبقى أكثر المتحمسين للهجوم على الوردي قياديو الاستقلال، الذين لن ينسوا له إعفاءه لرحال المكاوي من مهمة كاتب عام الوزارة. مكاوي اليوم هو عضو اللجنة التنفيذية، وأحد أكبر صناع القرار في الاستقلال، ولا يفوت فرصة دون أن « ينال » من الوزير الذي سحب منه التفويض عقب ما صار يعرف بـ »فضيحة اللقاحات »، قبل أن يُخرجه من الوزارة.
الصيادلة كذلك أغضبتهم بعض قرارات الوزير، الذي سعى إلى تخفيض أسعار بعض الأدوية، فكان رد الفعل أقوى مما يتصور، وصل إلى حد الاعتداء الجسدي وتبادل السباب داخل أحد أروقة مجلس النواب، قبل أن يحال الملف على القضاء.
آخر الغاضبين من الوردي كانوا الطلبة الأطباء، الذين احتجوا على مشروع قانون يتعلق بـ »الخدمة الصحية الوطنية الإجبارية »، الذي يسعى إلى تجاوز النقص الحاد الذي تعرفه المناطق النائية في الأطقم الطبية، وسيلزم في حال تمريره جميع مهنيي الصحة الجدد بالعمل سنتين في المناطق النائية، في إطار خدمة صحية وطنية إجبارية على غرار الخدمة العسكرية الإجبارية.

بداية ومسار
كثيرون لا يعرفون أن الوزير الذي شغل الناس بقراراته، آخرها « مبادرة الكرامة » التي استهدفت « بويا عمر »، نشأ يتيما محروما من الأب.
ولد الوردي في بلدية ميضار يوم 22 شتنبر 1956، وقد بدأ مساره الدراسي بالشريف محمد أمزيان، ثم بثانوية عبد الكريم الخطابي، وكان على الدوام متفوقا على زملائه في الدراسة، حيث عكف على التحصيل العلمي منذ الصغر، وكان يمارس كرة اليد ضمن فريق « هلال الناظور »، إلى أن صار يلقب بـ »البروفسور الدكتور الحسين الوردي ». لكن قبل أن يصير « البروفيسور » و »السيد الوزير » باع الصحف سنوات 1978 و1979 و1980، حينما كنت طالبا بكلية الطب والصيدلة التابعة إلى جامعة محمد الخامس بالرباط، التي التحق بها بتفوق ليحقق أحد أكبر أحلامه، إلى أن حصل على شهادة الدكتوراه في الطب، واجتاز مباراة الأطباء الداخليين وظفر بوظيفة بقطاع الصحة بالناظور، حيث عمل بالمستشفى الحسني بالمدينة.
طموح الوزير دفعه إلى مغادرة المغرب في اتجاه فرنسا عام 1984، للحصول على مجموعة من التكوينات في تخصصات التخدير والإنعاش والمستعجلات، وبعد عودته إلى المغرب غادر من جديد في اتجاه كندا، لدراسة طب المستعجلات والكوارث، وبعد عودته إلى المغرب أصبح رئيس قسم المستعجلات بالدرالبيضاء، وبعدها أستاذا مدرسا بكلية الطب والصيدلة، ليصبح عميدا للكلية.
وحين جرى تعيين ابن الريف وزيرا للصحة، وضع كثيرون أيديهم على قلوبهم. فالرجل ابن الدار ويعرف ما يجري داخلها، وليس من السهل مغالطته في قضية من القضايا. كما استبشر كثيرون بالتعيين، وتيقنوا أن من يعرف جيدا القطاع الذي يديره، ويمتلك الجرأة السياسية لتنفيذ قناعاته، لابد أن تكون أعماله شاهدة عليه، « البروفيسور الوردي امتلك الجرأة ليقوم بما عجز عنه غيره، الذين لم يستطيعوا الاقتراب من أعشاش الدبابير، المحمية بالنفوذ، أو تلك المحمية بالسلطة الاجتماعية والثقافة السائدة ».

كلمات دلالية

الحسين الوردي بويا عمر
شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

عبد الحميد محمد الزروالي منذ 9 سنوات

الشخص الوحيد الذي كان يجب على السلطات إيذاعه ضريح بويا عمر, كي يلتمس الشفاء من خرجاته وانحرافاته ,و يتعالج من قلة أدبه وتطاوله على أسياده في شخص حكومة السيد عبد الاله بنكيران وباقي اعضاء الحكومة هو " بويا حميد شباط". إن قرار البروفسور الحسين الوردي وزير الصحة العمومية يجب على جميع المغاربة أن يصفقوا له ,إذ يعتبر ثالث أحسن قرار يحسب للحكومة بعد تعميم التغطية الصحية بنظام" رميد", وتخفيض أثمنة الأدوية. تابع مسيرتك الاصلاحية أعانك الله ووفقك.

احمد منذ 9 سنوات

لم يطلب الاعتراف بالمثلية ولم بطلب عدم تجريمها وعادة ما تعرف المثلية حينمايظهرها مرض جنسي اهمتلكًالامراض مرض انعدام المناعةًالمعروف بالسيدا هنا عوص معالجة المرض يتابع المعني بالأمر بالسدود الجنسي ويعاقب بالحبس مدة ينشر فيها مرضه بين النزلاء مما تحتم ام إعفاءه من العقاب وإرساله لمؤسسة علاجية اومعالجته من مثليته بالطرق العلمية ومعالجةًالامراض الفتاكة التي قد ينقلها للغير مما يكون أحجر الصحي وقاية للمريض وللمجتمع

العبدلاوي منذ 9 سنوات

بهذا العمل يكون السي الوردي قد دخل التاريخ من أبوابه الواسعة لأنه سبق بها أصحاب الفخامة والجلالة والسمو

احمد عبد الحي اوبوجا منذ 9 سنوات

السيد البروفسور الحسين الوردي تفوق في تسيير قطاع نهبته اللوبيات والمافيا والرشوة لكن نؤاخده نحن مساعدي الصيادلة بالمملكة في مساهمته الغير المقصودة في تمرير القانون المنظم لمهنة مناولي الادوية 25 لسنة 2014 الدي جاء ببنود لا صلة لها بواقعنا نحن المستخدمين الدين نبلغ زها خمسين الف مساعد والاهم من هدا لم يشاركنا في اتخاد هدا القرار المجحف ونحن مؤطرين بجمعية وطنية للمساعدين التقنيين بصيدليات المغرب ولنا رئيسها وكاتبها العام والدين سبقا لهما ان التقيا بالدكتور الحسين الوردي وكدا الشوباني باعتباره المكلف بالمجتمع المدني والعلاقات مع البرلمان وحملوا له الملف المطلبي الدي صيغت قراراته بتوافقمع مختلف الممثلين للمستخدمين من نقابات وتنظيمات وجمعيات عبر ربوع المملكة وانا بدوري ان كتب الله للدكتور الحسين الوردي قراءة هدا المقال اطالبه وبجدية ان يهتم بملفنا ويصحح المسار الدي بداه وله الف شكرولك سيدي الوزيران تدخل الى صفحة الجمعيعية الوطنية بالفايسبوك التي تحمل اسم ** المنبر الرسمي للجمعية الوطنية للمساعدين التقنيين بصيدليات المغرب ** ولكم جزيل الشكر

hassan منذ 9 سنوات

ردا على الراسيلي ... البروفسور الوردي يدعو إلى الإعتراف بالمثلية أي أن الظاهرة موجودة بالفعل في واقعنا، لكن عوض محاكمتهم فهو يدعو إلى معالجتهم أي يعتبر أن المثلية مرض يجب معالجته.

rassili منذ 9 سنوات

ما أعيبه عنه هو ما جاء في افي المقال: كما أصدر دراسة تدعو إلى الاعتراف بالمثلية الجنسية وعدم تجريمها،

ilias منذ 9 سنوات

a7ssan wazir fi al 7okouma, allah ya3tih se77a

خديجة العلوي منذ 9 سنوات

لله الى ما تقفوا مع هدا الرجل ولو ب الدعاء يحاول ان يصلح اخطاء غيره نحن معك للامام ايها الوزير الشهم الله معاكككككككككككككككك

observ.nad منذ 9 سنوات

Cette appelation est discriminatoire.c'est un brave homme qui adéfié le lobi pharmaceutique et peut aller plus loin dans son proget de réforme de la snté au Maroc

nadir منذ 9 سنوات

أحترم هدا الوزير كثيرا و أدعوا له أن يستمر في نفس المسار و أن لا يتراجع عن أي قرار لآن كل قراراته و مشاريعه حتى الآن هي صحيحة مئة في المئة

متتبع.الناضور منذ 9 سنوات

جل الو زراء المتميزون في عهد الحسن الثاني رحمه الله ووارت سره انتهى بهم الامر في القصور اللملكية كمستشارين كل في مجاله وتخصصاته. وما ينقصنا هو مستشار لجلالته في قطاع الصحة .فمتمنياتنا الخالصة للسيد الحسين ان يحضى بلقب مستشار للملك مكلف بقطاع الصحة بعد انتهاء وﻻيته على راس هده الوزارة.وان يسير بعيدا في مشروعه لتحسين الخدمات وتطهير القطاع من "البانضية" ورد الاعتبار للمريض.انشر جازاك الله

azdnmrb wldnwl منذ 9 سنوات

تبارك الله عليه الله يكتر من أمثاله لهذا كنطلب من سيد الوزيردواء قصور الغدة الدرقية للأطفال الغير الموجود في صيدلياتنا نجلبه من فرنسا l-hyroxine لأن إبني مصاب بها منذ ولادته وأجد صعوبة في إقتناءه

متتبع.الناضور منذ 9 سنوات

رجل نزيه يقود سفينة غارقة ومتئاكلة.لوبي الصيادلة ولوبي الاطباء يواجهون قراراته بنوع من الكبرياء والاستهتار.جيوب المواطنين تشتكي من النهب الممنهج للاطباء العموميون كلما زار مواطنا مركزا صحيا او مستشفى عمومي...الرشوى تمخر جل موظفي القطاع فشكرا للوزير ان هو عالج الموضوع بسرعة وباقل ضرر

taha منذ 9 سنوات

chapeaux al wardi

زمان منذ 9 سنوات

قولا و فعلا هكدا يكون العمل

التالي