قراءة في نتائج انتخابات العمال والمأجورين

26 يونيو 2015 - 23:00
قيادات المركزيات النقابية - ارشيف

الحلقة الأولى من مسلسل الانتخابات التي ستعرفها المملكة من هنا إلى 2016 ظهرت يوم أمس، حيث أعلنت نتائج انتخابات العمال والموظفين، وأسفرت هذه النتائج عن خلاصات اجتماعية وسياسية أولية، سنعرضها بعد عرض النتائج:
جاء المستقلون في مقدمة انتخابات الإجراء والموظفين، أي في القطاعين الخاص والعام، وحصلوا على ٪49٫79، ثم تبعهم مناضلو الاتحاد المغربي للشغل، أقدم نقابة في المغرب، حيث حصل الاتحاد على ٪17.6، ثم جاءت في المرتبة الثالثة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بـ٪9.2، ثم لحق بها الاتحاد العام للشغل بـ٪7.5، ثم جاء الاتحاد الوطني للشغل بـ7.3٪، ثم الفدرالية الديمقراطية للشغل بـ٪3.8، ثم المنظمة الديمقراطية للشغل بـ٪1.8…
ماذا تعني هذه النتائج؟
أولا: انخفض عدد الموظفين والمأجورين الذين يختارون اللائحة المستقلة في الانتخابات الأخيرة، ونزلت تمثيليتهم من ٪55٫09 سنة 2009 إلى ٪49٫79 الآن، وهذا معناه أن الانتماء إلى النقابات انتعش، أو ما يسمى في لغة النقابيين بـ«التنقيب»، وهذا يؤشر على متغيرين أساسيين؛ الأول هو جو الانفتاح السياسي الذي شجع الموظفين والمأجورين على الانتماء إلى النقابات، حيث بدأ الخوف من الانتماء إلى النقابات يتراجع في المعمل والإدارة والجماعات المحلية والمقاولة، وهذا بفضل الربيع المغربي، والحراك الذي عرفه المغرب. ثانيا، انخفاض عدد المستقلين الذين يترشح جلهم بدون انتماء نقابي بدافع من الخوف من إدارة الشركات والمقاولات، ما يعني أن الرأسمال المغربي بدأ يشفى من الحساسية التي كان يشعر بها تجاه النقابات، فيعمد إلى دفع مناديب العمال إلى الترشح على اللوائح المستقلة. وهذا يعني، ثالثا، أن الحرية النقابية بخير، وأنها تتحسن في هذه السنوات الأخيرة، وأن حضور النقابات يزداد رغم أنها تشكو طوال الوقت.
ثانيا: الحدث الثاني الذي طبع الانتخابات الأخيرة للعمال والمأجورين هو فقدان الفدرالية الديمقراطية للشغل، التابعة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، صفة التمثيلية لأنها حصلت على نسبة أقل من ٪6، وهكذا نرى أن خلافات الإخوة الأعداء داخل اتحاد لشكر نزلت بنقابتهم من ٪6.57 من المقاعد التي كانت بحوزتهم في انتخابات 2009 إلى ٪3.83 الآن، حيث خسرت النقابة موقعها ضمن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وبالتالي، ستغيب عن مجلس المستشارين المقبل، في الوقت الذي عرفت أغلبية النقابات الأخرى زيادات متفاوتة في المقاعد التي حصلت عليها في هذه الانتخابات.
ثالثا: الحدث الآخر الذي سجلته هذه الانتخابات هو حصول نقابة إسلاميي العدالة والتنمية على المرتبة الرابعة بنسبة أصوات وصلت إلى ٪7.3، بعد أن كانت قد حصلت في سنة 2009 على ٪4.6، أي بزيادة ٪2.67 من المقاعد. وبالأرقام، حصلت نقابة يتيم، في القطاعين العام والخاص، على 1994 مقعدا بعد أن كان بحوزتها 771 فقط، وهذه ثاني أكبر زيادة تحصل عليها نقابة في هذه الانتخابات بعد الاتحاد المغربي للشغل، الذي انتقل من ٪13.22 من المقاعد سنة 2009 إلى 17.6٪. هذا مع العلم أن نقابة مخاريق استفادت من انضمام جناح العزوزي إليها بعد الخلافات الحادة مع الفاتحي.
تحسن أرقام نقابة «البي جي دي»، رغم أنه موجود في الحكومة التي أخذت قرارات صعبة وغير اجتماعية كان من المفروض أن تعاقب عليها من قبل الطبقات العمالية والطبقة المتوسطة، يدل على أن شعبية حزب بنكيران لم تتأثر، وأن الموجة مازالت تحمل الإسلاميين إلى أعلى، وأن خطة التواصل القريب من الناس تؤتي أكلها.
رابعا: حصلت العديد من النقابات، التي اختارت الحوار والسلم الاجتماعي والمرونة في التفاوض والتفاهم مع أصحاب المصانع والشركات على الإضراب والاعتصام وتوقيف آلة الإنتاج.. حصلت هذه النقابات وفروع لها على نتائج مهمة في هذه الانتخابات، وحسنت موقعها وسط المشهد النقابي، وهذا دليل على أن التصعيد والشراسة، واللجوء السهل إلى الإضراب لا يفيد العمال ولا النقابات ولا الرأسمال، وأن الطرق الحديثة في حل الخلافات، ومنها الاتفاقيات الجماعية، تفيد كل الأطراف، فقد مضى الزمن الذي كانت سمعة النقابات تقاس براديكالية زعمائها ولجوئهم إلى الإضرابات والمواجهات، فالعامل يريد حقوقه وكرامته، لكنه يريد أيضاً الحفاظ على عمله وعلى مصدر رزقه، فعندما يجري إغلاق معمل فالذي يتضرر أولا هم العمال وليس رب المعمل.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

اهنيدة محمد منذ 9 سنوات

يمكن ان أجزم ان كاتب المقال ينتمي سياسيا الى حزب بنكيران أو الى جهة أخرى تدافع عن أطروحات وتوجهات الدولة المغربية ، فمن خلال مضمون هذا المقال يريد صاحبه ان يوهم القارئ ان شعبية العدالة والتنمية في منحى تصاعدي ولازالت تتصدر المشهد السياسبي والنقابي رغم القرارات المؤلمة التي اتخدتها حكومة بنكيران ضد مصلحة الشعب المغربي . وهذا مجانب للصواب في نظري لأنه اعطى أرقام غير صحيحة : فمثلا يقول ان نقابة يتيم حصلت على 4،6 في المائة خلال انتخابات 2009 يعني اقل من عتبة التمثيلية في حين نحن نعرف انها كانت من النقابات الاكثر تمثيلية ، بالاضافة الى احصائيات أخرى غير دقيقة. فالانتماء السياسي لصاحب المقال أفقده التشخيص الموضوعي لظروف اجراء انتخابات 3 يونيو 2015. فمن خلال التحليل الدقيق والرزين لهذه الظروف يمكن القول انها فصلت على مقاص النقابات الحزبية وخاصة نقابة حزب العدالة والتنمية ، وفي هذا الاطار يمكن الاشارة الى : 1) تحديد تاريخ 2015/06/03 لم يكن بريئا ، حيث في هذا التاريخ تكون المؤسسات في قطاع التعليم على الاقل شبه فارغة . 2) التخبط في تحديد الجهات الانتخابية حيث لم تحسم الخريطة الا اياما قليلة قبل تاريخ الاقتراع. 3) التلاعب في معايير تحديد الفئات الجهوية والمركزية ،مثلا في التعلين :المبرزون فئة مركزية وملحقو الادارة والاقتصاد فئة جهوية في حين عدد المبرزين اكبر من عدد ملحقو الادارة والاقتصاد. 4) استعمال الموارد البشرية واللوجستيكية والمالية للاحزاب التي تنتمي لها هذه النقابات. 5) واخيرا تأخير الاعلان عن النتائج النهائية لحاجة في نفس الطامحين والمستفيدين من التمثيلية النقابية ربما المفقودة .

الحياد السلبي منذ 9 سنوات

وماذا عن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ؟؟؟ هناك ملاحظات جوهرية كان يجب ان ينتبه اليها صاحب المقال . اعتقد ان الجوهري في هذه المقالة ليس محاولة تقييم النتائج بقدر ما هو الهدف محاولة الحديث و'' التأكيد " عن شعبية حزب بنكيران !!! وبغض النظر عن الظروف التي حكمت هذه الانتخابات ، والتأخر في اعلان النتائج ، والابعاد السياسية من وراء هذه الانتخابات ... والتي فعلت فعلتها بتعويم الانتخابات ب " اللامنتمون " والحصار لصالح طرف معين فان هناك ملاحظات كثيرة موجودة على بعض المواقع الالكترونية ...

التالي