توفيق بوعشرين: سيناريو أزرق لما بعد 2016

20 يوليو 2015 - 22:30

هو موسم الهجرة الجماعية للأعيان نحو حزب التجمع الوطني للأحرار إذن، هذا ما يُستشف من اتجاه حسن الدرهم وسعيد شباعتو وعبد القادر تاتو وعبد الكبير برقية وأسماء الشعبي… وآخرين كثيرين نحو القبلة الزرقاء.. هذا أكثر من مجرد تفصيل في الحياة السياسية ويومياتها الانتخابية.
إن العين السياسية المدربة على قراءة تفاصيل المشهد السياسي، وتحولات الحقل الحزبي، وتخطيط الدولة العميقة لسيناريوهات المستقبل لا يمكن أن تخطئ خلفيات هذا الميل المفاجئ نحو الحمامة الزرقاء. لنتأمل أولا الوقائع ثم نرَ القراءات الممكنة لها من هنا إلى 2016، حيث ينتهي العمر الافتراضي لحكومة بنكيران وتبدأ مرحلة جديدة يتم التهييء لها من الآن.
أن يعلن الدرهم وشباعتو وحتى بلفقيه (الذي كاد يحط الرحال في خيمة الأحرار قادما من المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ‘‘يا حسرة’’ لولا اعتراض عائلة الوزيرة بوعيدة لأسباب قبلية وانتخابية)، مضاف إليهم عشرات رؤساء الجماعات الذين غادروا الحركة الشعبية (تاتو وبرقية وعائلة فضلي إضافة إلى العشرات من رؤساء الجماعات والمجالس)… اتجاههم إلى الحزب الأزرق، كل هذا يؤشر على وجود قوة جذب معينة لهذه الكائنات الانتخابية نحو الأحرار، سواء كان الأمر تلقائيا أو بتخطيط مسبق، أو بحاسة هؤلاء الذين يستشعرون اتجاه الريح في المملكة فيتبعونها. هذا النزوح نحو الأحرار جزء من التحضيرات القبلية للرجوع إلى سيناريو 2011، ومحاولة القيام بعملية «دوباج» قوية لهذا النادي السياسي للأعيان من أجل دفعه إلى الفوز في الانتخابات الجماعية ثم التشريعية المقبلة، مع الاحتفاظ بحزب العدالة والتنمية في الائتلاف الحكومي المقبل، لأنه حزب مازال في بندقيته الكثير من الذخيرة، لأن إبعاد المصباح إلى المعارضة خطر على التوازنات الهشة في المغرب، لكن في الوقت نفسه فإن التدخل الخشن من أجل إضعافه في الانتخابات عن طريق الإدارة، كما وقع في 2009، خطر على استقرار المغرب والصورة التي يريد أن يسوقها النظام عن نفسه.
المؤشر الثاني هو الإعلان المسبق لحزب الأحرار تحالفه مع أحزاب الأغلبية للظفر بعمادات المدن الكبرى ورئاسة الجهات المهمة، مستغلا وجوده في الموقع الحكومي الذي يعطي الحزب إمكانات لا تتيحها المعارضة. لقد بقي ‘‘الأحرار’’ مترددا في إعلان هذا التحالف مخافة إغضاب حزب البام إلى آخر لحظة، حيث استوت الطبخة وجرى الحسم في إعداد وتجهيز الأحرار للعب الدور الأهم بإسناد باقي الأحزاب الأخرى، وخاصة بام إلياس العمري واستقلال شباط اللذين سيتكفلان بمناوشة العدالة والتنمية وإلهائه، وحتى إنهاكه، في حروب سياسية وإعلامية من هنا إلى موعد الانتخابات التشريعية بعد أن يجرب الجميع «البروفة» الأولى في الانتخابات الجماعية…
المؤشر الثالث على هذا السيناريو بدا واضحا في اجتماع صلاح الدين مزوار، يوم الخميس الماضي في حي كاليفورنيا الراقي بالبيضاء، مع أغنياء المدينة ورجال أعمالها، حيث تحدث مزوار كرئيس حزب مقبل على قيادة الحكومة المقبلة، وبعث رسائل الطمأنة إلى قشدة المجتمع التي أصبحت خائفة على نمط عيشها وعيش بناتها بعد أحداث الصاية ومثلي فاس، وهكذا طمأن مزوار من حضروا هذا التجمع الانتخابي الخاص إلى أن الحزب يمثل صِمَام أمان التوجه الليبرالي في المغرب، وأن الحزب له برنامج وأفكار لدعم الرأسمالية المغربية والقطاع الخاص الذي يعاني صعوبات كبيرة، مثل ما حدث ويحدث مع قطاع العقار.
لماذا يجري إعداد حزب الأحرار ليحل محل العدالة والتنمية في رئاسة الحكومة؟ ألم يجرب هذا السيناريو وفشل في 2011 مع تحالف G8؟ ثم ما هي حظوظ هذا السيناريو في النجاح؟
الجواب عن السؤال الأول واضح؛ الدولة العميقة في المغرب أكلت حزب العدالة والتنمية لكنها لم تبلعه، دائما كانت تنظر إليه كشر لا بد منه le mal nécessaire، فبنية النظام بنية ذكية تستوعب خصومها لكنها لا تطبع معهم.. تتفاوض على الشكل لكنها لا تفرط في الجوهر، خاصة إذا كان هذا الخصم حزبا قويا ومعتدلا ويده نظيفة، وفوق هذا له حساسية دينية، حيث لا تريد الدولة أن ينافسها أحد على هذه الحساسية التي تشكل مصدرا ثريا للمشروعية. الجواب عن السؤال الثاني: «ألم يجرب هذا السيناريو وفشل في 2011 مع G8؟». هذا صحيح، لكن الظروف الآن تغيرت، والربيع العربي الذي حمل الإسلاميين على ظهره إلى الحكومة انتهى مفعوله، بل إنه تحول إلى خريف في جل الدول العربية، وأمريكا، التي كانت متحمسة لثورة الشباب العربي في الشوارع ولتشجيع الإسلام السياسي المعتدل للقضاء على المتطرف، رجعت وانقلبت على هذه الثورات، ودعمت جنرالا دمويا مثل السيسي قتل في ساحة رابعة العدوية أكثر من 3000 متظاهر سلمي، حسب تقرير هيومان رايتس ووتش. إذن، الوقت مناسب لطي صفحة «البي جي دي» لكن بكياسة وذكاء ودون خشونة، حتى لا ينهار النموذج المغربي الذي يسوقه المغرب في الخارج، ثم، وهذا هو الأهم، لا بد من الاحتفاظ بالعدالة والتنمية في الائتلاف الحكومي المقبل لكن كحزب ثانٍ أو ثالث.
هل يمتلك هذا السيناريو حظوظا للنجاح؟ التكهن صعب في المغرب، لكن ظني أن هذا السيناريو له حظوظ معتبرة للنجاح بالشروط التالية: انخراط جل الأحزاب السياسية في سيناريو عزل «البي جي دي» بهذا الشكل أو ذاك. نزول نسبة المشاركة في 2016 إلى أقل من 50٪، وعدم اتخاذ الحزب الذي يقود الحكومة إجراءات فعالة لدفع الناخبين «المسيسين» إلى المشاركة بكثافة. توالي الضربات فوق الحزام وتحته ضد الحزب الذي يقود الحكومة من هنا إلى 2016. توظيف المال بقوة وفعالية لشراء الأصوات. تركيز نفوذ الأعيان في دوائر بعينها… إذا توفرت كل هذه العوامل، فإن السيناريو سينجح، والله أعلم.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

بدوي منذ 9 سنوات

الانسان من حقه أن يحلم ولو في اليقظة ولكن قد تقوده بعض الأحلام إلى المستحيل بإجماع كما جاء في تعليق صاحبنا " عبدالعزيز( قائلا أن الغلبة ستكون للميزان ) فهذا الحلم مبالغ فيه ، لو قلت لي إستقلال الخمسينات والستينات والسبعينات لزال استغرابي لكن إستقلال 2015 أشفق عليه " أوس ن " لأن توضيح الواضحات من المفضحات ...ومع ذلك أحترم حلمك بكل صدق .

بائع متجول منذ 9 سنوات

أنا لا أهتم كثيرا بالسياسة ، ولكن يعجبني بنكيران لأنه لا يكذب وأجدادنا يقولون " القاسح حسن من الكذاب " ولهذا فأنا والعديد من الشباب عازمون على التصويت على هذا الرجل الذي بعث الروح في السياسة التي كادت تموت ، فالرجل يحب ملكه ويشرف بلاده في الملتقيات الدولية لا الذين يطيحون بعفة أجدادنا المغاربة إما " بالصاية " أو بالخروج إلى الشارع بالحمير للإحتجاج أو التهجم على الارث ... فالمغاربة والحمد لله يميزون بين الصالح والطالح فاليطمئن ذوي التحليلات السياسية والسياسوية المغرضة ...حفظ الله ملكنا وبلدنا من العابثين

أمازيغي أغاراس أغاراس منذ 9 سنوات

المغرب عرف استقرارا وانتعاشا اقتصاديا واستثمارات قوية وأوراشا طويلة المدى في عهد ترأس البيجيدي للحكومة ، والذين يراهنون على قيادة أخرى للحكومة في المرحلة المقبلة غير حزب المصباح لم يتتبعوا مكانة المغرب اقتصاديا بين العديد من دول الجوار والأروبية ، أما البعض الذي يقذف البيجديين طولا وعرضا بعموميات لا أساس لها من الصحة فانتماءاتهم واضحة لقارئ بين السطور ، وكأن البيجيدي يصرف برنامجه الانتخابي في تسييره للحكومة فالبرنامج برنامج حكومي لمن يتحدث بالموضوعية أما من يعلق مدفوعا بخلفيات الحقد والكراهية فهو معذور لدى الأخصائيين النفسيين

عبدالعزيز منذ 9 سنوات

الكبش مددوه على الارض وذبحوه في انتظار اخر انفاسه الى مالارجعة ويتهيؤ لمشهد سياسي اخر تكون الغلبة فيه لحزب الميزان ولا اظنه الحمامة.

مصطفى منذ 9 سنوات

Si sami aatini matal fach derbek bin kiran

sami منذ 9 سنوات

شخصيا لم اصوت في اي من الانتخابات السابقة,لكن ان شائ الله ساصوت لصالح اي حزب الا حزب بنزيدان,هذا الشخص ضرب المغاربة في قوتهم اليومي دون اي حرج,ويحمي المفسدين بل واكرم البرلمانيين والان يريد ان يمرر افساد التقاعد علي حساب الموظفين ,نقول له يكفي وان يوم الاقتراع قريب.

الطاوسي منذ 9 سنوات

الجميع ضد حزب العدالة و التنمية ، أحزاب سياسية ، جمعيات مدنية ، نقابات عمالية ، منابر اعلامية بما فيها الحكومية ، لماذا كل هذا الحقد و الكراهية ضد هذا الحزب العتيد ؟ الجواب: لآنه حزب نظيف لم تتلطخ يد أحد من وزرائه بذرة فساد ناهيك انه حزب عتيد و قوي داخل المجتمع له موقعه ومكانته السياسية أكيد و هذا ما يخافه خصومه بما فيهم القصر أنه لو فاز في الانتخابات التشريعية المقبلة و حصل على المرتبة الاولى أكيد أن ما بقي من الاصلاحات سيتم تنزيلها و بالتالي سيحس المواطن فعلا من يعمل لأجله و من يعمل لضده .

مصطفى منذ 9 سنوات

لأخ بوعشرين ربما غابت عنك فكرة مهمة البيجيدي بعد تجربة الحكومة أصبح أقوى،لأنه من قبل كان يصيح ويحتج من خارج الدار ،أما بعد ستة أعوام داخل ذثدهاليز الوزارات وخباياها وملفاتها السوداء،فقد أصبح أقوى من دي قبل،ولن يجرأ أي كان ان يستصغر البيجيدي لأنه إطلع على كل شيءٍ وأصبحت لديه وسيلة ضغط مخيفة قد يشهرها في حالة ما اذا أحس بحياكة مآمرة ما ضده، أنا أعلم أن بعض قراراته فسرت بشكل عكسي وكأنها تضر الشعب والحقيقة انها كانت ضد لصوص أموال الشعب ،أنا على يقين أنا البيجيدي أرغم على تقديم تنازلاكبيرة ليس إرضاء. لأي كان ،ولكن بغية إتمام الاستعداد الكلي لمواجهة هصومه وحلفائه بما لديه من إتباتات،وسترون ما أقول

تلميذ بن كيران منذ 9 سنوات

بن كيران باع نفسه و حزبه بدراهم معدودات ، خيب اَمال المغاربة و "تواطأ" مع المخزن ليرجع الامور إلى عهدها السابق ، تخلى عن صلاحيات أعطاه إياها المغاربة بخروجهم إلى الشوارع اَلاف مؤلفة ليتحول إلى موظف ، أعطى بسخاء لأصحاب الشكارة و مهربي الأموال و سحق المزلوط بزيادات في الماء و الكهرباء والمحروقات وووو، أبان و حكومته على ضعف كبير في التواصل و نزل بامستوى لقاموس السياسي إلى الحضيض ، ظهر ضعفه في تدبير الملفات الكبرى ، بل تخلى عنها لصالح اولياء نعمته ، وصلت به الوقاحة حد تزوير الاستحقاقات المهنية حفاظا على توازنات معينة لتمرير إفساد تقاعد الموظفين ، و تحاول اليوم إظهاره بمظهر المتواطأ -بفتح الطاء - حوله المظلوم الغير المرغوب فيه المسكين ، لعبة المظلومية التي أتخذها منهجا ليعطي لنفسه صبغة الواعر المزعج الذي تخشاه "الدولة" ، لكنه في الحقيقة الضعيف الجاهل بأبسط أبجديات السياسة و التدبير الذي يخشاه المغاربة و يخشاه الوطن ، لقد انفضح ضعفه فليجمع بضاعته و يرحل ، بضاعته خاسرة غير مرغوب فيها

marocaine منذ 9 سنوات

Donc c un nouveau parti istiqlal. Non non non. Vous avez vu la crème et les autres où sont ils .ils sont pour benkirane bien sûr . Et moi parmi eux . Je veux l'honnêteté et rien d'autre

الورزازي منذ 9 سنوات

المعطيات الكفيلة بتوقع حدوث مد أزرق غير كافية لاستنتاج تأثير قوي لذلك على حزب بنكيران، بل أستطيع أن أقول بأن ما يحدث لا يتجاوز كونه دعما لموقع الأحرار في سباق ترتيب الأغلبية المقبلة، و لن يتنازع على قمة نتائج تشريعيات 2016 غير الجرار و المصباح في ظل الاستنزاف الحاصل لحزبي الوردة و الميزان، و أظن أن لا وجود لعامل حاسم قادر على تغيير مكونات الحكومة الحالية باستثناء تغييرات في المراتب ستؤثر على حزب الحركة الشعبية بالدرجة الأولى لصالح التجمع الوطني للأحرار

لمرابط منذ 9 سنوات

ليس هناك ما يلزم العدالة والتنمية على المشاركة في الحكومة اذا حدث هذا السيناريو .

damir منذ 9 سنوات

نعم، "والله أعلم" يا أستاذ بوعشرين. لكن مايبدو لي أنه قد فاتك في تحليلك الجيد هو أن تصويت غالبية الناخبين على البيجيدي كان بغرض تبليغ رسالة إلى من يهمه الأمر بأن المواطن مل وسئم من الفساد و التسلط و المحسوبية و أن شلة الاستقلال و الاشتراكي والبام التي تذكر المواطن بهذه الآفات قد انتهى وقتها و صار لزاما على أصحاب القرار أن يتخلوا عنها كما تخلت عنها أغلبية المواطنين. التصويت على البيجيدي إذن لم يكن بغرض تقويض نمط عيش أهل كاليفورنيا و بناتهم (القائم على الصاية و المثلية ؟؟ ؟) و إنما لتوصيل الرسالة إياها. و الله أعلى و أعلم. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.

عزيز فريو منذ 9 سنوات

حزب العدالة عدو نفسه. ألحزب ينتحر سياسيا و لا يحتاج لمؤامرات الاخرين. ماذا ينتظر بنكيران من المغاربة و هو يوجه لهم الضربة تلو الاخرى. بنكيران أسد على الضعفاء و نعامة امام المفسدين. تفهمنا اصلاح المقاصة و دفعنا ضريبة الاصلاح من جيوبنا، لكن ما يخطط له بالنسبة لصندوق التقاعد نقول له "على جثتنا. حدك تمَّا" الشفارة يخويو الصنادق و تعمرو من قوتنا. ما قولك اسي بنزيدان في ما يتقاضاه الوزراء و البرلمانيون ومدراء المؤسسات. ما عهدنا منك هذا التجبر.عُدْ الى رشدك فما هكذا يكون الاصلاح يا من يدعي المعقول.

المربع الأول منذ 9 سنوات

حزب الأحرار جزء من الدولة العميقة لهذا كان هو الحل لضمان استمرارية الحكومة بعد خروج حزب الاستقلال . رغم كل ما قاله بنكيران في حق مزوار ، ولقد فهم بعض السياسيين أن انتماءهم إلى الأحرار هو ارتباط ضمني بالدولة العميقة التي تتحكم في المشهد السياسي ولهذا ستعود الدولة العميقة إلى المربع الأول بعد الاستنزاف الجزئي لحزب العدالة والتنمية ، والدليل التقييمات الأخيرة للحكومة من طرف مؤسسات الدولة ، بمعنى فشل الحكومة التي يترأسها الحزب الإسلامي : ربما يكون حزب العدالة والتنمية قام بوظيفته بعد 20 فبراير ولهذا ما عليه إلا أن يهيئ نفسه للاستنزاف الثاني كما حصل لحزب الاتحاد الاشتراكي . المشهد السياسي في المغرب سيظل تحت السيطرة والخرائط الانتخابية تكون مرسومة سلفا أو يمكن رسمها حسب ما تقتضيه الظرفية ...

حمدون بن بيهي منذ 9 سنوات

السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب رحم الله أبوتمام

التالي