قدم تقرير صدر، أخيرا، عن المرصد الأندلسي بإسبانيا – المهتم بتتبع أحوال المسلمين والإسلام– حول “وضعية المواطنين المسلمين والإسلاموفوبيا بكل من إسبانيا وأوربا” معطيات جديدة عن تصور ونظرة الآخر الأوربي إلى المسلمين والإسلام خلال عام 2014 وبدايات العام الجاري. وبناء على استطلاعات للرأي أجراها المرصد، شملت مجموعة من المواطنين الأوربيين، علاوة على الاعتماد على دراسات سابقة لمعاهد دولية، مثل معهد بيو الأمريكي للأبحاث، فإن أواخر عام 2014 وبدايات عام 2015 عرفت ارتفاع نسبة العنصرية والتمييز والكراهية على مستوى الخطاب الشعبي والإعلامي والسياسي تجاه الإسلام والمسلمين، خصوصا مع الأحداث الإرهابية، والهجوم على الصحيفة الساخرة شارلي إبدو، التي عرفتها العاصمة باريس في 7 يناير من العام الجاري .
ويلاحظ من خلال المعطيات التي جاء بها التقرير، أن الدول الأوربية التي تعاني ويلات الأزمة الاقتصادية منذ عام 2008، لا تنظر بعين الرضا إلى المواطنين المسلمين المقيمين في الديار الأوربية، إذ إن 63 في المائة من المواطنين الإيطاليين لديهم نظرة سلبية عن المسلمين، متبوعين بالمواطنين اليونانيين بنسبة 53 في المائة، والبولونيين بنسبة 50 في المائة، وإسبانيا بنسبة 46 في المائة.
في المقابل، يبرز التقرير أن الدول الأوربية المتقدمة لدى مواطنيها نظرة إيجابية عن الجالية المسلمة المقيمة بينهم، إذ تعتبر فرنسا– على الرغم من الأحداث الإرهابية التي تبنتها بعض الجماعات الّإرهابية المتشددة في السنوات الأخيرة– أكثر البلدان الأوربية التي لدى مواطنيها نظرة إيجابية عن المسلمين بنسبة 72 في المائة، متبوعة ببريطانيا بنسبة 64 في المائة. وفي السياق نفسه، ذكر التقرير أن المواطنين الأوربيين لديهم صورة إيجابية عن اليهود مقارنة باليهود، بحيث أنه، مثلا، نجد أن 72 في المائة من المستجوبين لديهم تصور جيد عن اليهود، بينما 18 في المائة فقط لديهم تصور سلبي ؛ في حين أنه فقط 49 في المائة من الإسبان لديهم تصور جيد عن المسلمين، و46 في المائة لديهم تصور سلبي عنهم.
ومن جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن البلدان الأوربية التي تعيش، اليوم، أزمات سياسية كنتيجة للازمة الاقتصادية ترفض المهاجرين الأجانب، وهكذا فإن دولة اليونان التي كانت مهددة قبل أسابيع من الخروج من الاتحاد الأوربي، يرى 86 في المائة من مواطنيها المستجوبين أنه يجب السماح لأقل عدد من المهاجرين بالدخول إلى البلد، متبوعة بإيطاليا بنسبة 80 في المائة، وفرنسا – بشكل أقل– بنسبة 57 في المائة، والمملكة المتحدة بـ55 في المائة، وإسبانيا بنسبة 47 في المائة، وألمانيا بنسبة 44 في المائة، وبولونيا بـ40 في المائة. وفي علاقة بالجارة الشمالية، فعلى الرغم من رفضهم للمسلمين – لأسباب تاريخية أكثر منها آنية– وتفضيل اليهود، فإن نسبة 47 في المائة من المستجوبين يرفضون دخول المهاجرين، بينما يرى 40 في المائة منهم أنه يجب المحافظة على أعداد المهاجرين الحاليين، في حين يرى 10 في المائة منهم أنه يجب السماح بدخول المزيد من المهاجرين، وهكذا في أن رفض المهاجرين– حسب التقرير– ينتشر بين اليمين أكثر منه بين اليسار.
ويذكر أن التقرير يصدر سنويا عن المرصد الأندلسي، المهتم بتتبع وضعية المسلمين والإسلام بإسبانيا، خصوصا، وأوربا، عموما، منذ تأسيسه عام 2003 بإسبانيا. ويعتمد التقرير في الخلاصات التي يتوصل إليها على استطلاعات للرأي في مختلف البلدان الأوربية، بالإضافة إلى الاعتماد على دراسات سابقة في هذا المجال صادرة عن معاهد دولية ذات مصداقية كبيرة.