القانون المؤطر للفترات الانتخابية أمام تحدي الحملات الإلكترونية

19 أغسطس 2015 - 05:30

مع اقتراب الحملة الانتخابية اختار بعض المرشحين إطلاق حملات سابقة لأوانها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منهم من فعل ذلك بالصوت والصورة، كما حدث في الأسبوع الأخير مع الوزير السابق منصف بلخياط، الذي أعلن عن طريق « فيديو » نشر على « اليوتيوب » ترشحه، ورغم أنه حاول أن يؤكد أن « الفيديو » مجرد إعلان للترشح للانتخابات الجهوية المقبلة، إلا أن العديد ممن تابعوا هذا الشريط أكدوا أن الأمر يتعلق بحملة سابقة لأوانها.

وانتشرت على موقع « فايسبوك »، حيث « يقيم » الملايين من المغاربة، صفحات لمرشحين من مختلف المشارب السياسية تدعو الناخبين إلى التصويت لصالحهم، وهو ما يعتبر حملات سابقة لأوانها، لكن أين القانون المؤطر للحملات الانتخابية من هذه الحملات السابقة لأوانها؟

ومن المعروف أن هناك نصين قانونيين ينظمان الحملات الانتخابية، الأول يضبط الاجتماعات الانتخابية وهو قانون التجمعات العمومية؛ فيما الثاني يتعلق بالدعاية الانتخابية وهو قانون الصحافة. وبحسب المادة 50 من مدونة الانتخابات، فإن السلطة الإدارية المحلية في كل جماعة ابتداء من تاريخ انتهاء أجل وضع التصريحات بالترشيح، تقوم بتعيين أماكن خاصة تعلق فيها الإعلانات الانتخابية، غير أن هذه المقتضيات القانونية يرى المختصون أنها متجاوزة، والمنظومة القانونية بصفة عامة لا تستطيع الإحاطة بكل المستجدات التي يعرفها تطور الإعلام والتواصل.

وفي هذا السياق، يؤكد بنيونس المرزوقي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الأول في وجدة، أن عدم مواكبة النصين القانونيين المذكورين للمستجدات التكنولوجية، يجعلهما « غير قادرين على تأطير الحملات الانتخابية بشكل جيد »، فقانون الصحافة والنشر برأي المتحدث نفسه « لا يزال إلى حد الآن غير كاف لتنظيم الإعلام الإلكتروني، لذلك فإن الحديث عن « تعليق » الإعلانات الانتخابية، و »تخصيص » أماكن لهذا الغرض، أو الحديث عن « توزيعها »، يعتبر بحسب ما أكده المرزوقي في تصريح لـ »اليوم24 » « متجاوزا » لأنه « لا يؤطر إلا الحملات الانتخابية في شكلها التقليدي القائم على عملية الطباعة الورقية »، وهنا يكمن الخلل برأي المرزوقي، لأن الإعلام والتواصل الحديث « يقوم على وسائل غير ورقية ».

وحسب المرزوقي، أن تطور وسائل الإعلام الحديثة، خصوصا منها مختلف وسائل التواصل الاجتماعية عبر الأنترنيت، أبان عن إمكانيات واسعة « لتجاوز المنظومة القانونية القائمة »، وسجل في هذا الصدد « مخالفات كثيرة »، قال إنه « يصعب أن نطبق عليها الجزاءات الواردة في القانون »، فهم لم يقومون بعملية « تعليق » أو « توزيع » بالمفهوم الكلاسيكي، وبالتالي قاموا بحملة انتخابية سابقة لأوانها، ولم تتدخل الدولة لإيقافها.

إضافة إلى ذلك، فإن مفهوم التجمعات العمومية « أصبح بدوره متجاوزا »، يؤكد المرزوقي، إذ يمكن بسهولة عقد « تجمع عمومي » افتراضي قبل انطلاق الحملة الانتخابية، من خلال تجميع الناخبين والناخبات في صفحة أو موقع أو حساب إلكتروني دون أن يتطلب ذلك أي تصريح لدى السلطات الوطنية المعنية، وهو ما يبين مرة أخرى أن المنظومة القانونية لتأطير الحملات الانتخابية قد أصبحت متجاوزة.

وخلص المرزوقي إلى أن الحملة الانتخابية قد بدأت قبل أوانها « إلكترونيا »، وستنطلق في موعدها القانوني « ورقيا »، وهو الأمر الذي  يطرح أكثر من تساؤل، خصوصا حول مدى أحقية الجهات المعنية في الدخول في منافسة غير متكافئة، لا تسمح بالمساواة بين الهيآت السياسية والمرشحين والمرشحاته، حسب المصدر نفس.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي