سيلفي.. من الحلم الأوربي إلى مستنقع الدعارة بالمغرب

23 أغسطس 2015 - 02:13

صدق أو لا تصدق، بيت صغير يتكدس فيه عدد كبير من مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء. هناك تعيش سيلفي منذ وصولها إلى حي بوخالف بمدينة البوغاز طنجة بعد رحلة سفر طويلة، أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها كانت بمثابة عذاب حقيقي لشابة لم تتجاوز الـ15 ربيعا، عندما تركت البيت الأسري بساحل العاج بحثا عن معانقة الحلم الأوربي الذي قد يأتي أو لا يأتي.

الآن هي بالمغرب، وهي واحدة من القاصرات الكثيرات اللواتي لا يدخلن في حسابات الدولة المغربية، واللواتي قررنا من داخل مؤسسة «تحالف من أجل التضامن» العمل على سن نظام يحمي حقها. نحن معها من أجل معرفة وضعيتها عن قرب.

نعمل من خلال هذه المنظمة على مساعدة المهاجرين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يختارون المغرب كبلد للعبور، أو الذين يقررون الاستقرار في المغرب، مثل سيلفي. بعد الولوج إلى بيتها، يتساءل المرء كيف يمكن لهذا القفص الصغير أن يأوي بين جدرانه أكثر من 20 شخصا كلهم أفارقة. الرجال يجلسون في غرفة الاستقبال، بينما تتكدس النساء في حجرة مليئة أيضا بالملابس، مزيج من البشر والملابس. تقتسم سيلفي ذلك الركن الذي تنزوي فيه مع أم ورضيعها الذي يبلغ من العمر حوالي ستة أشهر. للوهلة الأولى، يبدو أنه طفل يعاني من نقص في التغذية.

تعيش اليوم سيلفي حياة مغايرة لتلك التي عرفتها في وبلدها الأصلي ساحل العاج. فقبل أن تغادره عام 2013، كانت مهددة باستئصال جزء من عضوها التناسلي كما الرجال، لكن لحسن حظها لم تطبق عليها عائلتها هذه العادة المنتشرة في مجموعة من بلدان القارة السمراء، التي تهدد النساء منذ المهد. كما لا تخفي أنها هي من قررت مغادرة ذاك العالم الذي كانت تعيش فيه، ليس عن قناعة، بل تعرضت للخداع من قبل شخص استقدمها معه في رحلة صوب أوربا من أجل تذوق «الذهب الأوربي» الذي سيمكنها من إعانة العائلة هناك. قطعت سليفي رفقة ذلك الشخص الذي لم يكن سوى زوجها على طول الرحلة، أو ما يعرف بـ»زوج المسيار» حوالي 5500 كيلومتر قبل الوصول إلى مدينة طنجة.

تحكي لنا – بنوع من الحذر- أن السفر كان عاديا حتى الدخول إلى مدينة فاس على بعد 275 كيلو مترا من مدينة طنجة التي تقيم فيها حاليا، هناك تحول زوج المسيار الذي رافقها على طول الرحلة إلى شخص مختلف، بحيث انقلب عليها بين عشية وضحاها. هكذا غلق عليها الأبواب داخل بيت صغير، مجبرا إياها على ممارسة الدعارة مع كل زبنائه المغاربة والأفارقة الراغبين في إطفاء نزواتهم الجنسية. لا تعرف كم من الوقت استمر ذلك العذاب، لكن عمليات الإجهاض غير القانونية – بدون مراقبة طبية- التي أجروها لها لا زالت عالقة في ذهنها. وفي أحد الأيام، غادرها زوج المسيار الذي كان يقتات من عذابها، لتقرر سيلفي الاستمرار في ممارسة الدعارة من أجل الحصول على قوت يومها.

بعد ذلك، ارتبطت سيلفي، مر ة أخرى، مع أحد زبنائها في إطار زواج المسيار بحثا عن حضن تأوي إليه وتشعر بجانبه بالاطمئنان، الذي اقترح عليها السفر إلى مدينة طنجة، ومن هناك تجريب محاولة العبور إلى أوربا من خلال ركوب قوارب الموت، التي ترى أنها محاولة لضمان مستقبل آمن وليس الموت المحقق. «لا أعرف الطريق، ولا كيف يتم تنظيم هذه الرحالات، لكن زوجي سيتكلف بكل هذا»، تشرح بثقة دون وعي بالمخاطر.

في انتظار ذلك اليوم الميمون للخروج صوب الفردوس الأوربي، تقضي الشابة يومها في المنزل بين النوم والمساعدة في أشغال البيت أو الاعتناء بالطفل الصغير. في بعض الأحيان، يجود البيت فقط بحفنة من الأرز لا غير، لهذا سقطت طريحة الفراش في مرات عدة. في طنجة، حفظت الطريق المؤدية إلى المستشفى العمومي عن ظهر قلب لكثرة الزيارات، فقط لأنهم يقدمون لها المساعدة بالمجان. لكن، في ما بعد، لا تجد المال الكافي لاقتناء الأدوية التي وصفها لها الطبيب، لهذا لا مفر لها غير طرق أبواب المنظمات الاجتماعية. ومن لم يحالفه الحظ مع المنظمات الاجتماعية يلجأ إلى التسول كخيار أخير للبقاء على قيد الحياة.

ليست المرة الأولى التي ستحاول فيها بلوغ الفردوس الأوربي. سبق وأن حاولت ركوب قوارب الموت، لكن قوات الأمن المغربية أوقفتها في الغابة القريبة من النقطة التي كانت تنوي الإبحار منها. ليتم اعتقالها في مركز أمني بتطوان دون تقديم المساعدة الطبية لها ولا محام يدافع عنها ولا مترجم. «المجتمع المغربي لا يريدنا». ينعتونني بـ«العزية» في وصف قدحي. في هذا الحي، كنت شاهدة على اعتداء على مهاجرين آخرين مثلي»، تؤكد سيلفي بنوع من التحسر.

هكذا، فعلى الرغم من التقدم الحاصل في المغرب بخصوص نظام حماية الأطفال والقُصّر، إلا أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به لدمج الأطفال والقُصّر المهاجرين في هذا النظام. قصص شبيهة بقصة سيلفي، التي تبلغ الآن حوالي 17 عاما، تعبر عن واقع معاش وراء السياجات الحدودية الذي نريد إطلاع الرأي العام عليه.

بتصرف عن «الباييس»

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عزالدين منذ 7 سنوات

نعم اخي ياسين ولاكن من الجانب الانساني والدياني ان تتدخل الجمعيات والمجتمع المدني في التدخل

naji منذ 7 سنوات

c est la vie de plein de marocaines au maroc pays de golf europe amerique comme il a dit feu Hassan 2 concernant des gens comme vous qui pronent l socialisme avec ses eres perveres ne peux fonctinner que dans 1 pays riche qui a de larichesse partage pour cette jeune plutot il fo encourager nos entreprises a s investissant en AFRIK .....

hajar Mekness منذ 7 سنوات

صدقت أخ باسين مكناس

ياسين مكناس منذ 7 سنوات

صاحب المقال يروي ماسات الفتات القاصر و كأن فتياتنا يعشن كالاميرات والحال ان ماسات بعض القاصرات في وطننا اشد قسوة واشد تنكيل