توفيق بوعشرين:هذا هو وقت الحديث عن أعطاب دبلوماسيتنا

02 أكتوبر 2015 - 23:26

تحول زعماء الأحزاب السياسية الذين استدعاهم رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، والمستشار الملكي، الطيب الفاسي الفهري، إلى اجتماع مغلق يوم الاثنين الماضي لتدارس كيفية الرد على السويد التي تتهيأ للمصادقة على قانون يعترف بالجمهورية العربية الصحراوية، إلى موضوع للسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي. الشباب الناشط في العالم الأزرق لم يستسيغوا أن يدافع هؤلاء عن مغربية الصحراء في السويد، وبعضهم يرى أن الأحزاب لا تتحرك في هذا الملف إلا بعد أن تعطى لها الأوامر…
ليس الوقت وقت السخرية من رؤساء الأحزاب.. «هاد الشي لي عطا الله والسوق». الحياة السياسية تعرضت لتجريف وتفقير وتلاعب وتحكم حتى وصلنا إلى ما نحن فيه… لكن الوقت مناسب للحديث عن أعطاب الدبلوماسية المغربية، وعن عجز وزارة الخارجية عن الدفاع عن المصالح العليا للبلد في الخارج.
دبلوماسيتنا تشتغل مثل الإطفائي الذي لا يتحرك حتى تشتعل النيران، فيتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتقليل عدد الضحايا والخسائر… هذا ليس هو المنهج الدبلوماسي العصري والحديث.. الدبلوماسي المحترف هو الذي يشتغل بعقلية الفلاح الذي يشتغل طول السنة ليجني الثمار في الصيف بصبر وأناة، وبعد نظر ونفس طويل وبلا ضجيج…
منذ سنوات والجميع يعرف أن جبهة البوليساريو المدعومة من قبل الجزائر تتحرك في الدول الاسكندينافية، وخاصة في السويد والدانمارك، وأن هذه الدول الديمقراطية تتأثر إلى حد كبير بقضايا حقوق الإنسان وبمطالب المجتمع المدني وبتقارير المنظمات الدولية، خاصة لما وصل اليسار والخضر إلى السلطة في ستوكهولم، وأصبح الجو مهيأ للدعاية الجزائرية لتشتغل بطاقة أكبر، وأن تصل إلى التأثير على القرار الدبلوماسي لهذا البلد المهم في شمال أوروبا. الرد المغربي على هذا التطور المقلق كان هو أن الرباط اختارت المقعد الفارغ في السفارة المغربية في السويد. منذ سنتين ونصف والسفارة المغربية في ستوكهولم بلا سفير، أي بلا مدافع عن وجهة نظر المغرب هناك، وبلا دينامو لتحريك جهود مضادة لدعاية الخصوم. من يتحمل مسؤولية ترك هذه السفارة فارغة؟ ثلاثة أشخاص: وزير الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، وناصر بوريطة، الكاتب العام للوزارة (الوزير الفعلي للخارجية)، ثم الطيب الفاسي الفهري المكلف بملف الدبلوماسية في القصر الملكي، وطبعا هناك مسؤولية رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي منع نفسه من التدخل في المجال الدبلوماسي وكأنه محرم عليه بنص الكتاب والسنة والدستور. كل هؤلاء لم يمتلكوا الجرأة لكي يضعوا على جدول أعمال المجلس الوزاري نقطة ملء السفارات الفارغة من السفراء. الجميع يخاف أن يُتهم بالتدخل في ما لا يعنيه، والجميع يريد أن يبقى بعيدا عن المتاعب، والنتيجة ما نراه اليوم.
هناك خلط كبير في عقل الحكومة ووزارة الخارجية والطبقة السياسية بين كون القرار الاستراتيجي الدبلوماسي مجالا محفوظا للملك، وبين الإدارة اليومية للشؤون الخارجية والقنصلية. الملك يوجه الخط الدبلوماسي للمملكة في القضايا الكبرى، والباقي من اختصاص الحكومة ووزارة الخارجية والسفراء والقناصلة، والجميع يجب أن يتحمل مسؤولية الدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين.
ما يقع اليوم مع السويد يجب أن يوقظ العقل الدبلوماسي للمغرب، ويدفعه إلى مراجعة نفسه وخططه وأسلوب عمله، وقبل ذلك بناء منهجية جديدة في التعامل مع الشؤون الدبلوماسية, لا بد من هدم بعض الأساطير والاختلالات التي تربت في دار وزارة الخارجية، وأهمها:
أولا: يجب هدم الزبونية ونفوذ العائلات وتدخلات كبار رجال السلطة في تعيين السفراء والقناصلة والموظفين الكبار. يجب على الوزارة أن تتصرف مثل الجيش الذي يمنع على الآخرين التدخل في شؤونه وفي قرارات ترقية ضباطه وفي حركتهم، وأن تعتمد وزارة الخارجية معايير واضحة وشفافة، وألا تبقى ساحة مفتوحة لتدخل الجميع.
ثانيا: يجب هدم أسطورة الدبلوماسية الموازية التي تحولت إلى رحلات للشوبينغ والسياحة (قبل سنتين حضرت إلى فعاليات مهرجان أصيلا الدولي الذي كان يحضره أكثر من 20 وزير خارجية إفريقيا وأوروبيا ومن أمريكا اللاتينية، بعضهم وزير خارجية سابق وبعضهم كان مازال يمارس مهامه، ولم أر أي برلماني مغربي أو مسؤول حكومي أو ناشط في المجتمع المدني حضر لرؤيتهم، وربط علاقات معهم لتسهيل شؤون الدبلوماسية الموازية). جل البرلمانيين لدينا لا يحضرون التصويت على القانون المالي، أهم قانون يعرض في السنة التشريعية، فكيف سنطلب منهم الدفاع عن القضايا الحيوية في الخارج؟!
ثالثا: يجب هدم عادة إرضاء الأحزاب وزعمائها بسفارة هنا وسفارة هناك من أجل حل مشاكلهم التنظيمية مع المشاكسين من أحزابهم. منصب السفير منصب تكليف لا تشريف، مسؤولية ثقيلة واحترافية ومهنية، ومسار يتعلم فيه الدبلوماسي كيف يشتغل وكيف يدافع عن بلاده، وكيف يسوقها للعدو قبل القريب، ويجب أن تتوفر في المعني بالأمر مهارات وبروفايل خاص.
رابعا: يجب هدم أسطورة المرور الإجباري للقرار الدبلوماسي المغربي عبر باريس أو واشنطن أو حتى مدريد، في العالم هناك عواصم أخرى ومراكز للقرار يجب الاهتمام بها وتطوير علاقات إيجابية معها… العالم اليوم أصبح قرية صغيرة، ووسائل التأثير لم تعد محصورة في عاصمة أو دولة أو منطقة…

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

abdeslam منذ 8 سنوات

Je pense qu il est grand temps de reagir vigoureusement contre la Suede en la menacant de sanctions economiques si jamais elle reconnait le poli zero tout en lui expliquant la nature du probleme et ses vrais soubassements Tout le monde sait que les generaux d Alger avec leurs batards poli zero cherchent par tous les moyens a nuire au royaume .

الديبلوماسية منذ 8 سنوات

بنكيران مسؤول عن هذا الفشل الديبلوماسي؟ كيف؟ ألم يترك ملف الديبلوماسية محفوظا للملك بشكل حصري؟ هل بنكيران يرسم الخطط والتوجيهات (إذا كان هناك تخطيط أصلا)؟ هل بنكيران يقوم بوضع معايير اختيار السفراء ( إن كانت هناك معايير غير محتزلة في الاسم العائلي الألماسي)؟ هل بنكيران يعين السفراء والكوادر الديبلوماسية ويتابع عملهم ويقيم نتائج تحركاتهم؟ بنكيران لا مسؤولية له في كل هذا، المسؤولية يتحملها من يحتكر الديبلوماسية، الديبلوماسية ليست من اختصاص رئيس الحكومة مادامت القوانين مبهمة وما دام عمل الادارة والحكومة يسير وفق العرف. >> عموما شكرا لمقالاتك التي تفتح عيوننا على كثير من الامور ونستفيد من الكثير من المعلومات.

MOMO13 منذ 8 سنوات

la politique extérieure est un poste stratégique qu'il faut retirer aux partis politiques, parce que ce qu'on voit sur la scène politique actuelle , ceux ci n'ont ni le profil, ni la compètence pour le prendre convenablement en charge L'inexistence d'un système d'évaluation scientifique, qui permet régulièrement soit de primer soit de sanctionner les amabassadeurs et consuls Nos compatriotes véhiculent une image peu séduisante de leur à l'étranger : Nos footbaleurs, nos étudiants, et nos travailleurs n'ont pas été éduqués pour le faire En suède, 50% des enfants délinquants sont des Marocains : une des raisons pour que ce pays n'aime pas leur pays d'origine

MOMO13 منذ 8 سنوات

La politique extérieure est un poste stratégique qu'il faut retirer aux partis politiques parce qu'au vue de la scène politique , leurs chefs n'ont ni le profil ni la compètence pour le prendre en charge Le Ministère ne dispose d'aucun système d'évaluation scientifique pour demander régulièrement des comptes aux ambassadeurs et consuls à partir desquels il donne des promotions et inflige des sanctions Le manque de patriotisme et de civisme de nos compatriotes à l'étranger : Nos étudiants, nos footbaleurs, et nos travailleurs n'ont pas été éduqués pour vehicule une image séduisante de leurs pays à l'étranger : En Suède, 50% des mineurs à problèmes sont des Marocains: on ne peut qu'avoir une muavaise opinion sur le pays d'origine

aziz madrane منذ 8 سنوات

intéressant, j'apprend beaucoup de choses en lisant vos articles. chapeau

المعتز بمغربيته منذ 8 سنوات

العمل الديپلوماسي بمفهومه الكلاسيكي أصبح متجاوزا، اللوبيات الاقتصادية والمالية العابرة للقارات هي المتحكمة في صناعة القرار السياسي الدولي أكثر منه الجهوي أو الوطني ،فهل أعددنا العُدَّة لذلك ؟

Lfadl منذ 8 سنوات

On ne peut être plus clair et plus perspicace. Avoir une Ambassade sans Ambassadeur est une énorme erreur, en particulier la , ou l'ennemi est en train de gagner des points. Nous savons que depuis longtemps, l'Algerie et ses batards sont en train de nous creuser une fosse, et pourtant nous n'avons rien fait pour redresser la barre. Nous leur avons laissé le champ libre et sommes allés dormir sur nos lauriers. Le danger est encore grave, sachant qu'un autre pays la Slovénie est aussi sur le point de nous porter le même coup, alors que nos Partementaires qui sont payés à ne rien faire, se distinguent dans : à qui insulte mieux et crie plus fort. Çes "élites" sont à revoir, ils ne valent rien. On ne peut cacher notre profonde inquiétude. Que Dieu nous protège !!!!!!!

النعناعي منذ 8 سنوات

من يعين السفراء هو المسؤول لنكن صرحاء .حينما تصبح المناصب الحساسة هدايا فانتظر الساعة . ولما يصبح منصب سفير فرصة للراحة و السياحة وحفلات الشاي و كعب الغزال والطربوش الاحمر و التكشيطة فانتظر الكوارث...الديموقراطية هي الحل .

التالي