"الوسيطة" حنان: حارسة الجنس الرخيص في مركز البيضاء

21 أكتوبر 2015 - 20:00

اسمها حنان، أو على الأقل هذا هو الاسم الذي قدمت لنا نفسها به، لكنه مشكوك في صحته لأن رفيقتها غلبتها ضحكة حينما نطقت هي بالاسم. وعلى كل حال، المهم هو الحصول على معلومات.
كانت حنان بصحبة ثلاث فتيات أخريات يشبهنها في كل شيء، وهن من يساعدنها في السيطرة على منطقة شارع محمد الخامس أو أجزاء منها. «هؤلاء الفتيات مثل شقيقاتي، أهتم لأمرهن، وأمنع حدوث مكروه لهن. لدي غرفتان أكتريهما على مقربة من هنا، لكني لا أسلم مفاتيحهما إلا حينما أتيقن من جدية الزبون. إننا نتعامل مع أشخاص حقيرين في غالب الأحيان، وإذا لم تظهر عليك علامات الشدة، فإنهم سيحاولون خداعك».
حنان تمتلك بنية جسمانية أقوى مما لدى الكثير من الزبناء الاعتياديين لعاملات الجنس هناك، وبصوتها الخشن تستطيع أن تزرع فيك بعض الفزع. «لدي سكين صغير في جيبي، وهو للاحتياط فقط، ولا أستعمله عادة، وإنما أستعرضه حينما أشعر بوجود تهديد ضد إحدى الفتيات».
تكشف عن سكينها، فإذا هو سكين قابل للطي لا يتجاوز طوله 7 سنتيمترات، يملؤه الصدأ في الجوانب. وما لم تخبرني به حنان هو أن لديها سجل عدلي بسبب عنفها المفرط ضد الزبائن، وقد أسرت لنا فاطمة الزهراء بأن حنان «في إحدى المرات ضربت زبونا بسكين ومزقت وجهه، وقضت عامين في السجن بسبب ذلك.. لكنها ما إن غادرت زنزانتها حتى عادت إلى منطقة سيطرتها القديمة».

تميل حنان إلى أن تبدو أكثر قسوة مما هي عليه، لأن ذلك «من مستلزمات هذا العمل»، كما تؤكد هي. وتشرح: «قد يأخذك البعض على محمل الاستصغار أو الضعف إن أبديت ليونة، ولكني هنا أحرص على أن يستمر العمل بشكل طبيعي، وإذا لم تكن قادرا على التصرف بحزم، فإن الأمور ستنفلت من بين يديك». في أغلب المرات، تقوم حنان بفض المشاجرات بين عاملات الجنس، فـ«هن ينافسن بعضهن البعض، وقد يبدأن شجارا لأتفه الأسباب، وأنا موجودة هنا كي أحسم الخلاف بطريقتي قبل أن تصل الشرطة».

ولأنها تنجز كل هذا العمل في منطقة سيطرتها، فإن المردود المادي لا بد أن يكون مغريا. بيد أن حنان لا تريد أن تعترف بوجود نظام حصص من أجر عاملات الجنس تحصل عليه بشكل غير قابل للتفاوض، وتقول: «هناك غرفتان أكتريهما، وتساهم معي الفتيات بقسط من أتعابهن في تسديد سومة الكراء لأنهن يستعملنهما لهذه الأغراض، ثم يمنحنني بعض المال في آخر اليوم، ولا أفرض عليهن سقفه ولا حده الأدنى».
وبالطبع، فهذه التصريحات غير صحيحة تماما، لأن ما أخبرتنا به بقية عاملات الجنس هناك هو أن قسط «المشرف» على هذه المنطقة محسوم وغير قابل للتفاوض. ومع ذلك لدى حنان بعض التوضيحات الضرورية: «ما أحاول فعله هنا هو تنظيم العمل، وكأنه سوق، فدوري هو تحديد في أي مكان بالضبط يعرض كل واحد سلعته. وإذا ظهر أن هناك فتاة لا تقوم بالعمل كما يجب، أو لا تستهوي الزبناء، فإننا نطلب منها أن تغادر المكان.. لا يمكننا أن نتعامل بإنسانية إن كانت النتيجة ألا نحصل على مال نعيش به في آخر اليوم.. إننا نطلب منها أن تبتعد عن المنطقة، وكلما عُزلت عن «عائلتها»، سيصبح إحساسها بالأمان ضئيلا، حتى تقرر أن تترك هذا العمل بصفة نهائية، أو تذهب للعمل عند شخص آخر. إنها الطريقة المثالية لدفع إحداهن نحو التقاعد»، تقول حنان بسخرية. لكن حنان تدفع بأخريات يرفضن قيامها بدور حارس لهن نحو الابتعاد عن أرصفة شارع محمد الخامس.
قبل ثلاثة شهور، كانت فتاة في عمر فاطمة الزهراء تحاول أن تصطاد زبناء قرب مكان وجود حنان في شارع محمد الديوري، وهو متفرع عن شارع محمد الخامس، وبجانب حانة في ركن بشارع علال بن عبد الله، كانت تلك الفتاة تقوم بعملها، لكن حنان طردتها، وكما روت لنا فاطمة الزهراء، فقد «تلقت تلك الفتاة صفعتين وركلة، ثم غادرت، ولم تعد إلى ذلك المكان.. لقد رأت حنان فيها منافسة حقيقية لنا، وبفعلها ذلك، فقد حمت مورد رزقنا».

غادرت حنان منزلها في حي ليساسفة منذ سنوات، ولم تعد إليه حتى الآن، لكنها فخورة بما تفعله في شارع محمد الخامس، حتى وإن كان وجهها يضم تذكارا بمخاطر عملها عبارة عن أثر جرح بفعل ضربة سكين. وهي تعتقد أن أجواء العمل كانت ستسوء من دونها: «إذا لم أكن موجودة في هذا المكان، فإن الفوضى ستسوده، وستصبح المشاجرات عملا روتينيا، وكذلك وجود الشرطة.. إنني أنا من يقف طول اليوم لكي يحصلن على أرزاقهن دون أي مشاكل».

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي