توفيق بوعشرين:التهمة.. نشر خبر صحيح

26 أكتوبر 2015 - 21:30

مساء السبت لم يخلد الوزيران أخنوش وبوسعيد للراحة بعد أسبوع صاخب، ومعارك سياسية وقانونية وإعلامية ترك فيها الوزيران بعضا من جلدهما وسمعتهما السياسية وصفاء علاقتهما برئاسة الحكومة.

لم ينتبه أخنوش إلى كمية الغضب الذي سقط فوق رأسه من قبل الرأي العام بعد إقدامه، مع بوسعيد وآخرين، على مغامرة نزع صلاحية أصيلة لرئيس الحكومة في القانون المالي الجديد، والاستحواذ عليها خارج مقتضيات الدستور والقانون ومرسوم صلاحيات كل وزير في الحكومة، وفضل الوزيران، اللذان كانا زميلين في الحزب الأزرق، الهروب إلى الأمام، وإرسال بيان إلى الصحف والمواقع المقربة منهما يهددان فيه بمقاضاة هذه الجريدة ومديرها لأنه نشر خبرا صحيحا، وعلق عليه بطريقة مؤدبة جدا تقول إن «نازلة المادة 30 تظهر أن معركة الانتخابات التشريعية بدأت مبكرا، وأن رئيس الحكومة تعرض لمقلب من قبل الوزيرين أخنوش وبوسعيد وأطر أخرى في وزارة المالية، وأن بنكيران غضب من وزيره في الفلاحة لأنه لم يصارحه بأن صلاحية التوقيع على مليارات صندوق التنمية القروية ستخرج من مقر رئاسة الحكومة إلى وزارة الفلاحة».
لم ينتظر الملياردير أخنوش وزميله بوسعيد إذن رئيس الحكومة للذهاب إلى القضاء ضد هذه الجريدة، كما ينص على ذلك القانون، وفضلا تسريب الخبر للصحافة للضغط على رئيسهما في العمل، وهو ما يعكس حجم «الثقة الموجودة بين الوزيرين ورئيس الحكومة». ونحن نسهل الأمر على الجميع، ونطلب من السيد بنكيران والسيد الرميد، وزير العدل والحريات، أن يعطيا الإذن لأخنوش وبوسعيد للذهاب إلى القضاء ولرفع دعوى قضائية ضد هذه الجريدة التي نشرت خبرا صحيحا، وعلقت عليه دون سب أو قذف، حتى وإن كانت المبررات القانونية لهذا القرار غير موجودة، وحتى وإن كان الرأي العام الذي يتابع القضية سيتلقى قرار مقاضاة جريدة من قبل الحكومة باستغراب واستنكار شديدين، لا بأس، فنحن في مرحلة جزر عام، وبوادر الرجوع إلى الوراء، قانونيا وسياسيا وحقوقيا، أصبحت سمة مؤكدة.
يعرف الجميع أن أخنوش وبوسعيد لا ينويان مقاضاة هذه الجريدة، بل إنهما سيقاضيان رئيسهما في الحكومة ظنا منهما أن أفضل وسيلة للدفاع عن سمعتهما السياسية، التي تضررت بطريقة كارثية جراء هذه النازلة، هي الحصول على حكم قضائي، عِوَض أن يبحثا عن حل دستوري وسياسي وسط الحكومة وباتفاق مع البرلمان… نحن أمام مشكل سياسي كبير لا يُحل في قاعة صغيرة بمحكمة عين السبع، أيها السادة.
لا مشكلة لدينا في الذهاب إلى القضاء.. لكننا سنطلب شيئا واحدا من حكومة السيد عبد الإله بنكيران، هو الإفراج عن محضر آخر اجتماع للمجلس الحكومي، كما نطلب شهادة 37 وزيرا أمام القضاء كانوا شهودا على المواجهة الساخنة بين رئيس الحكومة ووزيره في الفلاحة، وكيف أن السيد بنكيران نفى علمه بالتغيير الذي جرى على المادة 30… لا نطلب أكثر من هذا، وسنترك الحكم للقاضي وللرأي العام الذي يتابع باندهاش وقائع هذا المسلسل الذي يمر فيه القانون الأهم طيلة السنة «قانون المالية» بهذا الأسلوب، الذي يقول عنه الأولاد في رأس الدرب: «اللي غفل طارت عينو».

السيد أخنوش هو أكبر رجل أعمال في المغرب، يستثمر في الإعلام، وفي الصحافة المكتوبة بالتحديد، ومن المفروض أن يكون قد تعلم بعض أبجديات حرية الصحافة حتى من باب العدوى، ومن المفروض، وهو الرجل الذي عاش بعض الوقت في الخارج والكثير من الوقت في الحكومة، أن يعرف أن التواصل الحديث لا يكون باللجوء إلى «خدمات القضاء»…
السيد أخنوش، لست أنا من يوجد في قفص الاتهام.. أنت الذي توجد اليوم في موقع المساءلة، وأنا مستعد لحكمك قبل حتى أن تذهب إلى القضاء إذا نشرت غدا مراسلات مكتوبة بينك وبين رئاسة الحكومة وبين وزير المالية ورئيس الحكومة تدل على وجود موافقة لرئيس الحكومة على تغيير الأمر بالصرف في صندوق استراتيجي… أنا لم أتوسع في تفسير هذا الخطأ الكبير الذي وقع فيه السيدان الوزيران اللذان خرقا مقتضيات الدستور والقانون ومبادئ الميزانية، واكتفيا بالدفاع عن قرار خاطئ بالقول إنه يتعلق بمشروع ملكي.

نعم، لأن المشروع ملكي يجب أن ينجز بطريقة سليمة دستوريا وقانونيا، وكون المشروع ملكيا حجة ضدكما لا في صفكما، فالملك، الذي أوصى رئيس حكومته باحترام الدستور والتشدد في الأمر حتى وإن جاءته آراء أو طلبات من مستشاري القصر بعكس ذلك، لا يمكن أن يسمح بهذا «البريكولاج». لأن المشروع ملكي، يجب على الحكومة أن تنجزه على خير وجه ووفق الضوابط القانونية… هذه الفلتة القانونية من أخنوش وبوسعيد دفعت محللا سياسيا مثل مصطفى السحيمي إلى أن يتساءل: «هل تم تعديل المادة 30 من القانون المالي بسبب الرغبة في منع بنكيران من الاستفادة من العائدات السياسية والانتخابية لبرنامج كبير يخص تنمية العالم القروي بطريقة غير ديمقراطية؟».

هل رأيتم مآل هذا اللعب الصغير؟ صدق المثل الصيني الذي يقول: «القطط تحب أن تأكل الأسماك، لكنها تخشى أن تبلل مخالبها».

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المهدي منذ 7 سنوات

الله يحفضك أسي توفيق و يخفض كل الرجال الصلحين في هذا البلد ، التماسيح بدأت تخرج من المستنقعات بسبب جوعها ، بن كيران كيزير عليهم

azmi منذ 7 سنوات

c'est honteux , qu'un premier ministre signe un papier et pleure après à travers ces soit disant avocat-journaliste comme Mr bouhchrine , c'est honteux de dire que le premier ministre a mal lu la loi budgétaire. ceci ne peut que expliquer le manque de compétence cher PJD et c'est honteux les décisions qu'il prennent que je crois n'importe qui peut les prendre

مختار منذ 7 سنوات

لا سيدي الاكيد و المؤكد ان الباكوري سيكون وزير اول والعماري وزير الخارجية و بنشماس وزير التعليم العالي و وهبي وزير العدل ووووو حزب الأصالة سيأتي على الأخضر و اليابس بشكل او باخر

Abdelwahed منذ 7 سنوات

تبارك الله على سي توفيق الله كثر من امثالك اللهم انصر الحق على الباطل

عبد السلام البقالي منذ 7 سنوات

بدأت مقالب الانتخابات التشريعية مبكرا....وبأت المكائد والمؤامرات نحبك ضد العدالة والتنمبة .....

نوالدين منذ 7 سنوات

السؤال المطروح الآن هل أقدم السيد اخنوش على هذا الفعل بايعاز من أعلى سلطة في البلاد أم كانت مبادرة شخصية ؟ حلل وناقش

حسن القصباوي منذ 7 سنوات

التخوف من حزب العدالة في الإستحقاقات المقبلة ظهر.جليا م7ن الآن ،ووزراء الأحرار يريدون استغلاله انتخابيا لأنهم يعولون على الفقراء وسكان البوادي في إنتخابات 2016.

حسن القصباوي منذ 7 سنوات

حسن القصباوي التخوف من حزب العدالة في الإستحقاقات المقبلة ظهر.جليا من الآن ،ووزراء الأحرار يريدون استغلاله انتخابيا لأنهم يعولون على الفقراء وسكان البوادي في إنتخابات 2016.

ابراهيم قاصد منذ 7 سنوات

Ce n'est pas la peine a quoi sert

مهدي منذ 7 سنوات

مزيد من العطاء والتضحية سيجعلك في الريادة وفقك الله

أسامة حميد- المغرب منذ 7 سنوات

أضحكتني أستاذ توفيق وفقك الله بعبارة "البريكولاج" لأنها تعبر بصدق عن الواقعة. "البريكولور" هو من يستغني عن "المعلم" الذي يتقن الحرفة ثم يقوم بنفسه بعملية إصلاح ترقيعية وبوسائل بدائية. هذا بريكولاج مقبول نوعا ما. ولكن هناك نوع آخر يؤطره سوء النية والرغبة في التحايل على الآخر وإيقاعه بخبث في مقلب والضحك عليه وسلبه حقوقه بطريقة ماكرة. وأخطر من هذا ذاك البريكولاج الماكر الذي يتحايل مقترفة على رئيسه في العمل مستغلا ثقته العمياء وربما "سذاجته" للإيقاع به وسلبه حقوقه أو للاستيلاء على اختصاصاته كل هذا في الظلام وضدا على القانون والدستور. ما وقع خطير جدا في دولة الحق والقانون ولا يمكن التقليل من آثار الجرح وإزالة بعض ندوبه إلا بتصحيح الخطإ وإرجاع الأمور إلى نصابها على ضوء القانون والدستور ولاشيء غير ذلك. لا نريد "بريكولاج"...

جوادد منذ 7 سنوات

أخاف ان يكون مصير هذا الصندوق وملياراته هو مصير مليارات البرنامج الاستعجالي لاصلاح التعليم، ومجموعة من الصناديق الاخرى حيث الصفقات المشبوهة تعد على مقاص بعض التماسيح والعفاريت.

نوفل الناصري منذ 7 سنوات

تحليل منطقي مبني يؤكده الواقع، أظن أن الوزيرين خسرا الكثير ولا أدل على ذلك التعليقات التي سادت مواقع التواصل الاجتماعي باختلاف توجهاتهم، في المقابل رفعت من سمعة ومن شعبية بنكيران.

Domalik منذ 7 سنوات

انتهى الكلام

nichan منذ 7 سنوات

مقال ينم على ان السي بوعشرين قبطاتو الخلعة لانه اراد ان يلعب مع الكبار وشكك في علاقة السي بنكيران مع وزرائه.وووو

استيلو احمر منذ 7 سنوات

نعم...إنها سياسة الهروب إلى الأمام كما أوضحتم في المقال...لكن الأمر لا يعدو كونه مجرد تهديد لطمس الحقائق

محمد زغنون منذ 7 سنوات

لا شك أن السؤال الذي يدور بذهن كل من يتابع هذه الواقعة هو : هل سينجح بنكيران ومن في صفه في مقاومة الطرف الآخر وتصحيح هذا الخداع وتمكين رئيس حكومتنا من ممارسة اختصاصه الدستوري بالإشراف المالي على البرنامج المذكور؟ الأيام القادمة تحمل مزيدا من التشويق

مواطن من تطاون منذ 7 سنوات

نعم سيدي بوعشرين الكريم أن المشروع هو بحق مشروع ملكي ، فلا يحق لأي كان مهما كانت مرتبته أو انتماؤه الاجتماعي أو المادي أو السياسي أن يمرر هذا المشروع الاجتماعي الكبير على غير أسسه الدستورية والقانونية تحت مبررات سياسوية مقيتة ، فينبغي على السيدين الوزيرين المقدرين من قبل عاهل البلاد ورئيس الحكومة أن يتراجعا عن غيهما ويعترفا بزلاتهما حتى لا يكونا لا قدر الله تعالى سببا في انزلاق سياسي ينتج عنه تغيير صورة النظام السياسي للوطن سواء في الداخل أو الخارج، فينبغي على الوزيرين المحترمين أن يراجعا حساباتهما وتقديراتهما حول هذه المسألة حتى لا يتشفى أعداء الوطن القريبيرين أو البعيدين وتسوء بالتالي صورة المغرب لدى هؤلاء المتربصين للنيل في قضايا الوطن العزيز علينا جميعا. وأخيرا أقول للسيدين الوزيرين المحترمين : الحكمة أولى من المصالح السياسوية.

مصطفى منذ 7 سنوات

نساندك يا توفيق بوعشرين لأجل نشر الحقيقة و فضح التلاعبات التي تتم في الظلام

M.KACEMI منذ 7 سنوات

هناك سبع وزارات يهمها صندوق التنمية القروية. أي أن سبع وزراء سيشتغلون خارج الإشراف الفعلي لرئيس الحكومة في إطار مشروع استراتيجي يعد الأهم بالنسبة للمغرب خلال السنوات السبع المقبلة. أي وزن إذن سيبقى لرئيس الحكومة؟ هل سيصير دوره هو تدبير اليومي، كمن يوجد في موقع المسئولية بشكل مؤقت؟ صحيح أن هذا "اللعب" صغير أخلاقيا، لكنه في نظري كبير، بل خطير، سياسيا

محمد النجاري منذ 7 سنوات

لقد خلصت القول بـعبارة: "نحن في مرحلة جزر عام، وبوادر الرجوع إلى الوراء، قانونيا وسياسيا وحقوقيا، أصبحت سمة مؤكدة".

moroco منذ 7 سنوات

عزيزي توفيق وفقك الله على هكذا حرص علىمصالح الام ة .لم يكن احد يظن ان التحكم قد يصل حد خرق الدستور ان الحديث عن الهدف من هذا الخرق يوضح بما لا يترك مجالا للشك انه ليس في القنافد املس نقول لابن كيران اياك والثقة العمياء في الحليف فالناس من حولك انما يبيتون امورا لن ترضاها بل ان الخطط والبرامج باتت معالمها واضحة للعيان .ان انتخابات الجهات والمجالس لهي اكبر دليل على طبيعة المؤامرات التي تحاك في الظاهر والخفاء ولكن للاسف قل النصير واختلط الحابل بالنابل فهل نهلك وفينا الصالحون ،نعم اذا كثر الخبث

youssef77 منذ 7 سنوات

Tbark allah ala si bouachrine okhlass J espere que Benkirabe sera a votre coté

ع.الله الكيناني منذ 7 سنوات

حفظك الله يا أستاذ توفيق وإنك موفق بحول الله لأنك صحافي حقيقي لاتخشى لومة لائم لأنك على صواب لاأقل ولاأكثر والقافلة تسير و...

الحسن منذ 7 سنوات

بدأت العفاريت تستعد

المراقب منذ 7 سنوات

سيتم تطييب خاطر أخنوش. كيف ذلك؟ سيتولى قيادة الأ حرار عوض مزوار و سيتم تعيينه رئيسا لحكومة 2016و

Karim elbossati منذ 7 سنوات

كتــبت فأبدعت

مصطفى منذ 7 سنوات

برافو السي توفيق حطيتي صبعك عامر ملحة على الجرح ديالهم.وفي نظري حتى السي السحيمي فرشخهم

Said tebri منذ 7 سنوات

Si benkirane laisse passer cette affaire sans réagir je ne voterai plus pour le PJD .

الصديق منذ 7 سنوات

انا‏ ‏متشوق‏ ‏الى‏ ‏ما‏ ‏ستؤول‏ ‏إليه‏ ‏فضيحة‏ ‏التماسيح‏ ‏والعفاريت