بدأت المسيرة قبل 40 سنة خضراء تحمل الأعلام والمصاحف، وتطلب استكمال الوحدة الترابية للمغرب، وخياطة جنوب انفصل عن شمال، ثم ما لبثت أن تحولت المسيرة إلى حمراء سالت خلالها دماء كثيرة في حرب طاحنة في رمال الصحراء، لأن الجار العنيد رأى في قوة المغرب ضعفه، وفي راحة الرباط أرقا للجزائر، ثم تحولت المسيرة إلى بيضاء بعد وقف إطلاق النار قبل ربع قرن، ودخول قوات المينورسو لحراسة تسوية هشة لم تنتج حلا نهائيا إلى الآن، ثم تحولت المسيرة إلى رمادية تبحث عن حل لا غالب فيه ولا مغلوب على قاعدة حل سياسي وحكم ذاتي للصحراويين، وحدويين وانفصاليين، في الإقليم الذي يضم النزاع الأشهر في إفريقيا، ثم، بعد أربعين سنة، ها نحن نرجع إلى الرهان على اللون الأخضر للمسيرة، كعنوان لحل تنموي جديد وجدي يزرع الأمل في نفوس الصحراويين في العيون وفي تيندوف.
جو الاحتفالات اليوم بمرور أربعة عقود على انطلاق نداء الحسن الثاني إلى شعبه بحمل الأعلام والمصاحف، وعدالة القضية، والنزول إلى الجنوب لتحرير الصحراء من يد العجوز الإسباني فرانكو بدون طلقة رصاصة واحدة.. جو الاحتفال هذا يجب ألا يخفي عنا الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة المغربية في تدبير الملف على مدى نصف قرن تقريبا، وأولها، تسليم ملف سياسي بامتياز إلى أداة أمنية بامتياز، وأقصد وزارة الداخلية، التي احتكرت أعقد إشكالية في المغرب الحديث، والنتيجة أننا ربحنا الأرض بالدماء والعرق وتضحيات الأجيال، لكن قلوب بعض الصحراويين، هنا وهناك، ظلت عصية على الخفقان للأحمر والأخضر.
اليوم اختار الملك محمد السادس أن يحتفي، مع 34 مليون مغربي، في الصحراء، وأن يعطي انطلاقة مشاريع تنموية ضخمة على أمل أن يربط البشر بالأرض، والإنسان بالوطن، والمواطن بالمصالح، والمصالح بالحكامة، والمال بالاقتصاد، والأرقام بالنمو، والمشاريع بالشغل والرفاهية، والإحساس بالانتماء إلى دولة تفكر في راحة مواطنيها قبل أي شيء، فالصحراء لا معنى لها بدون صحراويين، والإعمار لا قيمة له بدون إحساس السكان هناك بأنه لهم وبهم ولأجل مستقبل أبنائهم.
أمام هذا المخطط الطموح فرص كبيرة للنجاح، وفي الوقت نفسه مبررات عديدة للفشل، وأولها، غياب نخب جديدة في الصحراء، فالنخب القديمة جلها نخب ريعية وقبلية ومتشككة، والكثير منها يضع رجلا في الوطن ورجلا خارجه.. إنها نخبة تشبه ضرسا مسوسا في فم الصحراء، والمشكل أن أحدا لم يستطع، طيلة 16 سنة من حكم محمد السادس، إزالة هذا الضرس، رغم أن الجميع يعرف أنه مضر، وأن سلامة أي مشروع لا يمكن أن تتم بوجود أمراء الحرب.. هؤلاء الذين أصبحوا يعيشون على إدارة الأزمة وليس حلها، على الاستفادة من التوتر وليس العمل على إحلال السكينة.
انظروا إلى نتائج الانتخابات الجماعية الأخيرة، وانظروا إلى الوجوه الصحراوية التي بسطت نفوذها بالمال والريع والفساد على صناديق الاقتراع.. إنها تعطي صورة سيئة عن الطريقة التي تشتغل بها الديمقراطية المغربية في الصحراء، وهذا ما يخدم أطروحة «الشك» التي تستبد بعقول الكثير من الصحراويين الذين يعيشون في مخيمات تيندوف في ظروف قاسية جدا، لكنهم لم يقتنعوا بعد بإمكانية الجلوس في مفاوضات جديدة حول المستقبل.
الجار الجزائري البعيد مشغول هذه الأيام بتفكيك دولة المخابرات، وإعادة بناء دولة مراكز قوى جديدة حول الرئيس الذي يتنفس اصطناعيا وينتقم من الجيش الذي تلاعب لسنوات بالسياسيين، ولهذا، فإن الفرصة متاحة اليوم لكي يجرب المغرب طريقة جديدة لحل نزاع الصحراء.. طريقة قائمة على إعطاء نموذج تنموي مغرٍ للعيش في الأقاليم الصحراوية والاستثمار فيها، والاستقرار فوق رمالها المتحركة وشطآنها الساحرة. يقول نابليون بونابرت: «في السياسة لا توجد حلول مستحيلة، وأبواب النجاح تفتح لمن يدفعها بقوة».
شريط الأخبار
توافقات تنهي أزمة هدم المحلات التجارية بواجهة سوق قديم بإنزكان
البطولة: الشباب الرياضي السالمي ينتصر على اتحاد تواركة بهدف نظيف
البطولة: الرجاء البيضاوي إلى الصدارة مناصفة مع الجيش الملكي عقب الانتصار على نهضة الزمامرة
الجيش الملكي يستأنف قرار العصبة القاضي بإجراء خمس مباريات بدون جماهيره
المرأة العاملة وصحتها النفسية موضوع دورة تكوينية برعاية وزارة التشغيل
البطولة: الفتح الرياضي يرتقي للمركز الرابع عقب التعادل مع اتحاد طنجة
كوبا أمريكا 2024: الأرجنتين حامل اللقب ووصيفه البرازيل في مجموعة صعبة
أمن طنجة يطيح بمواطن جزائري مبحوث عنه وطنيا في قضية جريمة قتل وقعت بمراكش
البطولة: نهضة بركان إلى الصدارة مناصفة مع الجيش الملكي والرجاء عقب الانتصار على أولمبيك آسفي
الدانمارك تقر قانونا يحظر حرق القرآن
