أكد محللون سياسيون على أن الخطاب الملكي بمناسبة تخليد الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء حمل رسائل قوية لبعض مستغلي “الريع” في المناطق الجنوبية، وقطع الطريق أمام من “يقايضون وطنيتهم” بالاستفادة من هذه المزايا.
وأكد خالد شيات، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، على أن الخطاب الملك “وصف بشجاعة طريقة التعامل التي كانت سائدة مع الأشخاص والمؤسسات في الصحراء”، موضحا، في هذا السياق، على أن الريع المقصود هنا تندرج في إطاره “العلاقة بين الموقف من الولاء والقضية الوطنية وبين الاستفادة من بعض المزايا الاقتصادية”، حيث أبرز المحلل في هذا الإطار أن الأساليب الريعية “خلقت نوعا من الوساطة التي يزعم بعض الأشخاص أنهم يقومون بها بين الدولة والمواطنين الصحراويين”.
وزاد الأستاذ الجامعي موضحا أن “الريع” الذي ساد في الأقاليم الجنوبية أدى إلى “وجود نفس من الوصولية والمصلحية لدى الكثير من الأشخاص لدرجة أصبحوا يقايضون فيها الوطنية بدرجات استفادتهم من المصالح والمزايا التي يقدمها المغرب”، يورد المتحدث ذاته.
تبعا لذك، أكد شيات أن “القطع مع هذا الأمر مسألة طبيعية وليست للمزايدة”، ففي المقابل “تم وضع تصور لاقتصاد آخر انطلاقا من الحقيقة الثقافية التي تؤكد أن الصحراويين علماء وتجار ويأكلون من عرق جبينهم ولا يحتاجون إلى منح وهدايا، وهو ما سهل إعادة النظر في هذه المسألة وفتح المجال امام القطاع الخاص والمبادرات الفردية وفتح أوراش اقتصادية حقيقية وتنموية”، ليخلص الأستاذ الجامعي على هذا الأساس إلى “ضرورة إنهاء المغرب مع الريع، لكون البلاد تضع الآن برنامجا سياسيا منبنيا على الجهوية المتقدمة في أفق الوفاق حول نموذج الحكم الذاتي، وهذا يتطلب الشجاعة على جميع المستويات لطرح بدائل بين طبيعة العلاقة بين السلطة المركزية والمواطنين الصحراويين”.
من جهته، يرى محمد بودن، الباحث في الشؤون السياسية ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات العامة، أن الخطاب الملكي “أعلن عن خطة لتعظيم الفرص التنموية بالمنطقة، ما يجسد نضج المغرب المؤسساتي، ونهجه للعدالة التوزيعية، عبر القطع مع الممارسات الريعية”، مشددا في هذا السياق على أن هذه الخطوة الملكية هي “في صالح المجال وليست في صالح الأفراد”، يقول المتحدث، قبل أن يضيف أن “القضاء على الريع هو فائدة عظمى للمنطقة برمتها، وأسلوب يدفع في اتجاه تعميق أسس التزام الدولة وباقي المؤسسات، وإنتاج ممارسات حميدة في التعاطي مع ثروات الوطن”.
إلى ذلك، أبرز المحلل السياسي أن الخطاب الملكي “أجاب عن سؤال عريض، مفاده أن المغرب لن يرهن هذه القضية لما تفرضه التفاعلات التي تتضارب فيها المصالح، وتتناقض، وتتبدل فيه التحالفات”،زهذا إلى جانب كونه “تميز بروح منفتحة على المقاربة الأمنية، لكنه مع تقديم خطة تنموية عملياتية، تشاركية”.
من هذه المنطلقات، اعتبر بودن أن “هذا الخطاب أسس لمستقبل جديد في الصحراء المغربية، سيجعل منها صحراء بمستقبل أقدر على الانطلاق، ومركز ربط واستقرار له أهميته الجيو _ استراتيجية”، هذا إلى جانب “فتحه الأفق لتشكل ضمائر جديدة بالمنطقة متشبعة بالفكر الوطني”.