شيماء.. قصة مُضيفة طيران مصرية والرسم بـ"عكاشة"

08 مارس 2016 - 19:50

تتجدد في يوم المرأة العالمي الأمنيات، بين راغبة في عدالة اجتماعية، وأخرى أبسط أحلامها مُعانقة الحرية والاستمتاع بطلوع وغروب شمس كل يوم. في يومها العالمي، زار “اليوم24” سجن النساء بعكاشة. قصص المسجونات كثيرة وعديدة، ومن بين 377 نزيلة في “سجن نسا” التقينا شيماء (اسم مستعار)، واحدة ممن استطعن استغلال سجنهن لاكتشاف موهبة دفينة.. الرسم.

[related_posts]

الشابة في العشرينات من عمرها، بوجه مستدير وملامح بارزة، وعينان واسعتان، يتوسطهما أنف يحمل جرحا صغيرا. تقدمنا نحوها في محاولة لتجاذب أطراف الحديث، بينما كانت منشغلة بخياطة قطعة ثوب صغيرة. بالكاد رفعت رأسها وأخرجت، باستغراب، من بين شفتيها الداكنتين كلمات معدودات: “لا أجيد الحديث بالدارجة، رددي كلامك ببطء لأتمكن من فهمك”. لم تكمل جملتها حتى بادرتنا سيدة تجلس بجوارها بالقول: “هي مصرية، مكتفهمش الهضرة ديالنا مزيان”.

بعد حوار قصير، لمُحاولة إقناعها بالحديث، قبلت شيماء أن تصرح لكاميرا “اليوم24″، من دون كشف ملامح وجهها، لأن عائلتها، بحسب ما ذكرت، لا تعلم بوجودها خلف أسوار السجن في المغرب: “أقضي عقوبة سجنية طويلة.. حكم علي بالسجن 5 سنوات”، تقول شيماء بلهجة مصرية مميزة.

“اليوم24” لم يبحث عن أسباب دخول المصرية السجن، لكنها اختارت، طواعية، أن تحدثنا عن ذلك، وعن قساوة العيش بعيدا عن العائلة وبلدها. تسترجع شيماء قصتها بألم: “كنت أشتغل مضيفة طيران، في رمشة عين وجدتني هنا.. أعيش عذابا يوميا مزدوجا، بين الحرمان من الحرية، والبعد عن عائلتي”، قبل أن تستدرك: “لكن السجن له مزايا تعادل مساوءه. فطوال الوقت، الذي تمر فيه الساعة كالدهر، اكتشفت أنني أملك موهبة الرسم، إذ أرسم رسومات تعبر عني في السجن، وعن اشتياقي للحرية والسفر والطيران مثلما كنت دائماً”.

السجن درس ..

بخفة كبيرة، سحبت ظرفا لونه أزرق كانت تضعه جنبها، وأخذت تُرينا رسوماتها بقلم الرصاص على الأوراق البيضاء. الرسم الأول لامرأة جالسة في زاوية تحت نافذة صغيرة جدا. الثاني كان لقلب ينزف دما، والثالث ليدين ناعمتين مغلولتان بسلسلة حديدية.

رفعت شيماء رأسها بملامح قاسية وعينين ثابتتين، وقالت بتلعثم: “هذا الرسم (رسم اليدين مغلولتين) أقربهن إلى قلبي.. إنها تُعبر عني”، مضيفة: “المشاهد تحفر نقوشها على جدران ذاكرتي، وأنا أعيد رسمها على ورق.. السجن درس رغم قساوته”.

اليوم، وفي يوم المرأة العالمي، وجهت شيماء رسالة إلى كل نساء العالم، داعية إياهن إلى التحكم في غضبهن، والابتعاد عن المشاكل، قبل أن تتمنى أن “يعم السلم والسلام، وأعود إلى بلدي وأهلي.. والأكثر، أن أعود إلى الطيران في السماء”.

بقاش..التعامل مع السجينات هو السهل الممتنع

حادة بقاش، مدير سجن النساء في عكاشة، قالت إن التعامل مع السجينات هو السهل الممتنع، مؤكدة في حديث مع الصحافيات خلال جولة داخل “سجن النسا”، أنها تعيش يوميا مشاكل كثيرة ولا حصر لها، لكن، الاستماع إلى السجينة ومواكبتها نفسيا واجتماعيا، يُسهل عملية الاصطدام “العنف والصراخ، لن يولد في السجن إلا الشيء نفسه”، تشرح بقاش، التي أوضحت أنها تعمل بمساعدة طاقم كبير من النساء، منهن أخصائية نفسية، والموظفة المكلفة بالحي، والمرافقات الاجتماعيات.

 

سجن نساء عكاشة في أرقام

يضم سجن النساء عكاشة 377 نزيلة، منهن 135 تستفدن من بزامج التكوين، تتوزع بين شعبة التجميل، والزرابي، والحلاقة والطرز، والخياطة والفصالة، والخياطة التقليدية، وخدمة الطوابق، وحياكة الجلباب، والخبازة والحلويات.

“اليوم24” زار كل هؤلاء النسوة برفقة المدير الجهوي للسجن، لوباردي، مديرة سجن النساء حادة بقاش.. سيدة مضبوطة، وحريصة على الوقوف على أدق التفاصيل، وقد قادتنا في جولة إلى مختلف مرافق السجن، بداية من عيادة الطب، مرورا بالمطبخ، إلى لقاء المستفيدات من التكوين، وصولا إلى دار الأمهات، التي تضم 12 غرفة، بها 18 أما، ويعيش في داخلها 6 طفلات إناث، و12 طفلا ذكرا، إلى جانب ست نساء حوامل.

بقاش، وفي حديثها خلال الجولة الصحفية داخل “عكاشة”، أكدت أن الأطفال المرافقين لأمهاتهم داخل السجن يُعاملون ككل أطفال العالم، إذ يستفيدون من خرجات، ويدرسون بمؤسسات خاصة، دون وسمهم بـ”ابن سجينة”.

[youtube id=”i_kuliRYArI”]

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *