رسائل شارع محمد الخامس 

14 مارس 2016 - 22:00

من وسط العاصمة، اليوم الأحد، صعدت صرخة احتجاج قوية إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة في المبنى الزجاجي في نيويورك.

مئات الآلاف من المغاربة حجوا إلى شارع محمد الخامس، اليوم، للتعبير التلقائي عن تشبثهم بقطعة من جغرافيا المغرب اسمها الصحراء، وللتعبير عن غضبهم مما قاله بان كي مون، أثناء زيارته لمخيمات اللاجئين في تيندوف… الذين خرجوا، أو الذين لم يخرجوا، اليوم، إلى تظاهرة الرباط، شعروا بإهانة كرامتهم الوطنية لأن موظفا كوريا، من رتبة أمين عام للأمم المتحدة، تخلى عن اللباقة الدبلوماسية، وحياد الوسيط، وأصبح، تحت ضغط الجزائر وجبهة البوليساريو، طرفا في نزاع إقليمي معقد لن يحله هو، ولا غيره في السنوات القليلة المقبلة.
كانت هذه أسباب نزول أكثر من مليوني مغربي رافعين الأعلام الوطنية، ومرددين أناشيد المسيرة الخضراء، أما عن الذين نزلوا بشكل عفوي وتلقائي، أو منظم ومخطط له، إلى الشارع، اليوم، للتعبير عن آرائهم، فلا بد من إبداء ثلاث ملاحظات سريعة على هذه المبادرة:
أولا: هذه أول مرة تنزل فيها مسيرة مليونية إلى الشارع المغربي من أجل الصحراء. وكان المغاربة في السابق قد نزلوا في تظاهرات مماثلة من أجل فلسطين، أو العراق أو لبنان، أو من أجل الإصلاحات الدستورية والسياسية (20 فبراير)، لكن من أجل الصحراء لم يخرج الناس بالكثافة، التي رأيتها، اليوم، في شارع محمد الخامس للتعبير عن وقوف الشعب خلف الدولة ورمز وحدتها، الملك محمد السادس، من أجل الدفاع عن الصحراء، والدماء التي سالت على رمالها، والتضحيات الجسام، التي قدمها المغاربة، من الشمال إلى الجنوب لاسترجاع هذه الأرض وتنميتها، ودمجها في النسيج الوطني.

سيقول قائل إن وزارة الداخلية جندت العمال والباشوات والقياد والمقدمين والشيوخ من أجل جمع الناس وتعبئتهم، وتوفير اللوجستيك لهم للسفر إلى العاصمة، وأقول بالتجربة والخبرة إن هذا صحيح، لكنه لا يفسر نجاح تظاهرة اليوم. إن ما يفسر تلك الروح التي دفعت مئات الآلاف إلى قطع مئات الكيلومترات للحضور إلى قلب العاصمة اليوم، هي الكرامة الوطنية، التي شعرت بالإهانة من تصرف بان كي مون. والذي يفسر خروج المرأة والرجل والطفل والشيخ والعجوز، وتكبد أعباء السفر ومشقة الانتقال من كلميم، أو تزنيت، أو الحسيمة، أو مداشر خنفيرة، أو فيافي أزيلال، أو واحات العيون، والداخلة إلى الرباط، هو إحساس الناس بالخطر على قضية الصحراء، التي ترسخت في الوجدان الوطني، وأصبحت جزءا من هوية المغربي، بغض النظر عن اتفاقه أو اختلافه مع توجهات الحكم وسياسات الحكومة. وكان هذا أكبر مكسب حققه المغرب في هذه القضية، التي راكمنا غير قليل من الأخطاء في تدبيرها على مدى نصف قرن من الزمن.
ثانيا: الذين رأيتهم في الشارع، اليوم مغاربة من كل الأعمار، ومن الجنسين، ومن كل الأعراق، ومن كل المناطق، والمدن والبوادي المغربية، كان قاسمهم المشترك الانتماء الوطني، والعلم الأحمر، الذي حملوه في قلوبهم قبل أن تحمله سواعدهم.

قاسمهم المشترك الثاني هو انتماء أغلبيتهم الساحقة إلى الطبقة الشعبية، تعرفهم من لباسهم وسحناتهم، ونوع الأحذية، التي يضعون فيها أرجلهم، وطريقة تعبيرهم التلقائية عن مشاعرهم، وهذا معناه أن فقرهم وتهميشهم وحرمانهم لم يمنعهم من الانخراط في معركة الوطن، ولم تمنعهم قلة ذات اليد من التطوع لحمل العلم والدفاع عنه. وهذا يدل على أن الفقر لم يخلق الكراهية في نفوسهم، وأن الحرمان لم يجعلهم يكفرون بالوطن. لكن هذا يجب أن يوقظ الدولة من سباتها، ويدفع المسؤولين إلى الانتباه إلى الشريحة العريضة، التي لا تتصرف مع الوطن بآلة الحساب calculatrice كما تفعل جل النخب، للأسف الشديد، خصوصا تلك المستفيدة من اقتصاد الحرب في الصحراء، أو التي تبيع الولاء بالمنصب والدرهم والامتياز في الرباط.

لقد أعطى البسطاء درسا كبيرا، اليوم للبرجوازية المغربية، التي تابع جلها المسيرة على التويتر وفايسبوك، كما أعطوا درسا للجماعات المعارضة، التي لا تفرق بين معارضة النظام ونصرة القضايا العادلة للأمة.
ثالثا: الحماس والغضب، والمشاعر الوطنية، التي تفجرت في شارع محمد الخامس،اليوم، يجب أن تضعها الدبلوماسية المغربية حلقة في أذنها، وأن تعرف الخارجية وموظفوها ماذا تعني القضية الوطنية بالنسبة إلى المغاربة، وإلى أي حد أصبح مستقبل النظام مرتبطا بملف الصحراء، والاستقرار مرتبط بربح رهان هذا الملف (تمثل الصحراء 63 في المائة من مجموع التراب المغربي، واستشهد فوق رمالها آلاف الجنود المغاربة في الحرب التي دامت أكثر من 15 سنة، أما حجم الأموال التي صرفها المغرب في الصحراء فتقدر بملايير الدولارات).
لم يعد الخطأ مسموحا به في تدبير هذا الملف الحساس، ولا مكان للارتجال في هذه القضية، التي تمر بمرحلة صعبة للغاية، ومن غير المقبول أن تستأثر حلقة ضيقة من صناع القرار بإدارة ملف وطني ومصيري يهم كل بيت في المغرب.
مسيرة الرباط، اليوم، كانت مكملة للمسيرة الخضراء، وعليها أن تكون الإبرة، التي توقظ الجسم المغربي الغافل عن المخاطر الحقيقية، التي تتربص به. ولهذا يجب تحصين الوحدة الوطنية من التفكك، وحماية الخيار الديمقراطي من اللعب غير النظيف، ومواصلة مسلسل الإصلاحات العميقة للدولة حتى تنتج القوة الحقيقية في الداخل والخارج. رسالة تظاهرة الرباط، إذن، لم تكن موجهة إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة فحسب، بل كانت وجهتها مكاتب المسؤولين المغاربة أيضا.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خديجة بريكي منذ 8 سنوات

البسطاء دا ئما يفدون ارواحهم من اجل الوطن والامتيازات للبرجوازيين استاذ

محمد اكضيض اطار متقاعد منذ 8 سنوات

محمد .اكضيض اطار متقاعد ......فعلا ماجاء في هذا التحليل على صواب واضيف ان البعض يعتبر ان ملف الصحراء المغربية كعكة لابد له منها وهذا مانحن فيه في بعض الاحيان من سلبيات الملف ...نجد كذلك وليس للتعميم كيف يصل البعض الى كراسي وزارة الخارجية هل بالتباري ...اراها اي وزارة الخارجية ل....جانتلمان .....وهذا في حد ذاته احتكار للقضية الوطنية وبعض القضايا المصيرية للمغرب ...الحديث دو شجون

ahmed منذ 8 سنوات

Oui , la marche du 13mars complète la marche du 6novembre et tout le peuple marocain à participé même ceux qui ne se sont pas déplacés à Rabat .Les autoroutes les routes et les chemins étaient bondés de véhicules de tout genre à l'aller et au retour tout le monde se saluait en montrant des drapeaux nationaux et fiers de leur appartenance a un pays qui s'appelle le Maroc . Oui tous les marocains ont montré qu'ils sont unis a l'instar des partis politiques et les deux chambres du Parlement pour dire d'une façon unanime au monde et à ses dirigeants qu'il faut compter avec ce peuple honnête qui ne tolère aucun dépassement en ce qui concerne son identité ou son territoire même de la part du SG de ONU. A mon avis le peuple marocain se mobilise toujours quand il voit que l'unanimité des partis politiques et le parlement parlent d'une seule voix (hymne national)

hassan منذ 8 سنوات

الصحراء قضيتنا الأولى والبسطاء دائما في الموعد ويعطون الدروس في أي موقف، سواء للبرجوازية المغربية أو للديبلوماسية النائمة

ابو الياس منذ 8 سنوات

السلام عليكم ورحمة الله. كلام في الصميم.على القنوات التي لا تتكلم على الصحراء الا في 6نونبر ان يكون لديها برنامج خاص بهذه القضية. على اولئك الذين يخسبون انفسهم من المفكرين والكتاب ان يوظفوا قدراتهم في هذا المنحى وليس الانشغال بالامازيغية والتفرقة فنحن اخوة عربيا وامازيغيا وحسانيا والاغلبية يجيد على الاقل لغتين مناهج التعليم يجب يعاد فيها النظر. خريطة المغرب يجب ان تكون كاملة دون نقصان. مصاريف هذه المهرجانات التي تذهب اموالها سدا يجب ان تعرف يقضيتنا ....

Zagori منذ 8 سنوات

Kalam manti9i.wa a3tabir anna massirat Rabat Bidayat bozour fajr jadid.7 October miftahoho wa awwaloho in ahsan lmarariba likhtiyar!!!???

Mansour Essaïh منذ 8 سنوات

Ratissons large. Merci pour cet article. A l’exception de quelques détails, j’y adhère à 100%. Avec un plaisir incomparable, j’ai eu l’heureuse occasion de suivre et de vivre l’élan patriotique et la détermination ans égale dont ont fait preuve mes compatriotes pour remettre Ban Ki-moon à la place qui sied à sa petite personne de fonctionnaire scribouillard de service à l’ONU. J’étais, également, heureux (je le suis encore et je le serai toujours) de suivre les analyses, observations et commentaires faits par un nombre important de nos universitaires, journalistes et politiques qui, preuves à l’appui, ont démontré que le petit scribouilleur a agi en violation flagrante des règlements de l’ONU qui imposent aux SG de cette dernière d’observer la stricte neutralité dans les conflits internationaux. J’espère que nos diplomates ont écouté, lu et profité de ses analyses pour conforter leur démarche afin de faire taire le scribouillard onusien et son bailleur de fonds une fois pout toute et de leur faire regretter et de haïr le jour où leurs mères les ont mis au monde. Alors ratissons large : Si ce personnage n’a pas agi en bon fonctionnaire de l’ONU, c’est qu’il a agi en citoyen sud-coréen ; mais pas en n’importe quel citoyen. Pour être un haut fonctionnaire de l’organisation mondiale, il a été certainement un haut fonctionnaire dans son pays à qui nous devons rappeler, comme nous l’avons fait pour la Suède, et sans tarder les faits suivants : 1. La Corée du Sud possède des intérêts commerciaux énormes dans notre pays dans les domaines : - de l’automobile toutes catégories confondues - de l’électroménager - de l’électronique - etc. 2. La Corée du Sud a un problème énorme avec sa sœur, la Corée du nord, dotée de la bombe atomique et de missiles à têtes nucléaires. La Corée du sud doit comprendre qu’elle a besoin du marché marocain et de la voix du Maroc dans les instances internationales et doit immédiatement, avant la sortie du prochain rapport sur notre SAHARA, de rappeler son citoyen Ban Ki-monn à la raison pour qu’il sache, lui aussi, où se trouvent les intérêts de son pays. Nos diplomates doivent (Ce n’est pas diplomatique de dire ‘’doivent ‘’, mais la situation l’impose) agir dans l’immédiat pour prendre attache avec la Corée du sud et ratisser aussi largement que possible.

ohdidou ikhlef منذ 8 سنوات

يا سادتي قضية الصحراء شرعية بالتاريخ، ويمكن أن تثبت شرعيتها ليس بالتجييش والتهييج المجانيين، بل من خلال جعلها بين أيادي الطبقة المثقفة المعروفة بوطنيتها الصادقة والتي تعي حجم المسؤولية وتعرف كيف ترافع وتدافع بكل قوة ومحاججة تعتمد الدليل والبرهان بعيدا عن خطاب العاطفة لكن قبل ذلك، يجب أن تصارحنا الدولة المغربية أن الحكومة وخصوصا مصالحها في الخارجية بكل تلاوينها فشلت في مأموريتها، يجب أن يحاسب من لا يغادر العواصم العالمية عبرالسفر بالطائرة و الاقامة بأفخم الفنادق الدولية فضلا عن التعويضات السخية، هؤلاء الذين يستمتعون وتنسيهم متعتهم المهام الموكولة إليهم. يجب على من يتضامن ويتعاطف ويصوت لشرذمة البعير أن يراجع حساباته في أسرع الآجال، فأعداؤنا الداخليون هم من يشقون طريق الأعداء الخارجيين بالنيابة، يجب على الدولة أن تكون صارمة مع المصفقين لأطروحة الانفصال وبوجوه مكشوفة، ويجب عليها أيضا تصارح المغاربة الحقيين بما يحاك في السراديب. يجب على الدولة أن تدرك أن حل الصحراء سيأتي من الشعب المغربي بالدرجة الأولى ويجب عليها أن تكف عن شراء ذمم مرتزقة الصحراء وتنزل المواطنة الحقة دون تمييز أو تمايز، نحن المغاربة من نقدر قيمة أرضنا بحكم أننا أبناؤها الحقيقيون، ونحن من سيضحي بالغالي والنفيس من أجلها بعيدا عن الارتزاق والحربية. الصحراء ليست لا شرقية ولاغربية، لا عربية ولاجمهورية، إنها صحراؤنا وكفى

zohair منذ 8 سنوات

le sahara est marocain ets sera toujours

gibril منذ 8 سنوات

le shara est marocain

التالي