مهاجرات مغاربيات ضاقت بهم سماء الوطن بما رحبت، ليقرروا شد الرحال صواب سماوات أخرى أكثر رحابة للأفاق، جوا أو بحرا، بطريقة شرعية أو غير شرعية، ، بحثا عن حياة أفضل. بعيدا عن ثقافة الذكورية قريبا من المساواة، شابات تحدين صعوبة الاندماج، واستطعن بلوغ النجاح المنشود والمفقود في الوطن، ليبرهن أن الفشل أو العجز ليس جزءا من جينات المواطنة المغربية، بل المشكل في ثقافة الفشل التي يسقيها أعداء النجاح.
هكذا تعبر نجاحات دينا بوسلهام (سياسية)، ونجاة الهاشمي (كاتبة)، ميثاق الإسلام داودي (فنانة تشكيلية)، و أسماء بوجيبار (كميائية) صورة مصغرة لنجاح مغاربة في العالم عندما تحترم قدراتهم ومواهبهم.
من طنجة إلى البرلمان الأوروبي
تبلغ المغربية دينا بوسلهام، البالغة من العمر 26 ربيعا التي صعد نجمها السياسي في السنتين الأخيرتين في إسبانيا والاتحاد الأوروبي مع صعود نجم الحزب الإسباني الجديد « بوديموس »،. قبل ثلاث سنوات فقط حصلت على الإجازة في العلوم السياسية من جامعة « كومبلوتنسي » في مدريد. هاجرت من المغرب إلى إسبانيا في سن 18 ربيعا، أي بعد الحصول على شهادة الباكالوريا، بحثا عن مستقبل دراسي أفضل، وممارسة هوايتها المفضلة كرة القدم، اتحت تأثير عشق ميسي ورونالدو. تجربة دينا بوسلهام المهنية هي نيزكية بامتياز، خصوصا، منذ أن تصادفت في طريقها مع بابلو اغليسياس، زعيم الحزب الإسباني الجديد « بوديموس » أو « نستطيع » بلغة الضاد. الآن، وبصرف النظر عن لعب دور المساعدة له في البرلمان الأوروبي، هي واحدة من المقربات و »نساء ثقة » الزعيم المثير للجدل.
ولدت دينا بوسلهام في مدينة طنجة عام 1990. وفي سن 18 ربيعا استبدلت طنجة بتطوان ، ولكن، هذه المرة، ليست تطوان المغربية، بل تطوان مدريد(مقاطعة في مدريد العاصمة). جاءت لتطوير موهبتيها: السياسة وكرة القدم. سجلت الأهداف في نادي لكرة القدم يسمى « بوزويلو »؛ بينما تعلمت السياسة في جامعة « كومبلوتنسي » بمدريد. هناك، تحول بابلو اغليسياس إلى أستاذها ومرجعها الاساس في العلوم السياسية. ولذلك، بعد أن دخل الحزب الجديد البرلمان الأوروبي في مايو 2014، أصبحت المغربية دينا تسافر كل أسبوع مع زعيم الحزب، بابلو اغليسياس إلى بروكسل. ويتضح ذلك جليا في الصور التي تنشرها على حسابها في » Twitter « .
نجاة الهاشمي: قصة نجاح بعيدا عن الوطن الأم
« في البداية، كان الهدف هو البحث عن مستقبل أفضل. لكن، مع مرور السنوات، بدأت أرى أن ما يدفع الناس للهجرة هو عدم الارتياح، صعوبة العيش في البلد الأصل. أما ما هو اقتصادي فذريعة فقط ». كهذا أجابت الكاتبة المغربية الإسبانية، نجاة الهاشمي، عندما سئلت عن سبب مغادرة الوطن الأم والالتحاق بالديار الإسبانية. ولدت بمدينة الناضور المغربية سنة 1979، وسط عائلة أمازيغيه ريفية. هاجرت رفقة الأسرة الصغيرة إلى مدينة كتالونية الإسبانية للالتحاق بالأب الذي كان يشتغل بقطاع البناء في ناحية « فيك ».
لم تمنعها صدمة الانتقال إلى أرض و ثقافة و مجتمع أخر من التأقلم بشكل سريع داخل المجتمع الكتالاني والصعب المزاج، ومن تعلم اللغتين الإسبانية و الكتالانية، وفي هذا تقول نجاة الهاشمي حول أول أيامها بإسبانيا: “نعم، اختلط الخوف بحب الاكتشاف. أدهشتني البنايات الضخمة. وبرد أوائل أكتوبر، بنسبة لي، كان باردا. رائحة الخمر في الحانات… ». وتمكنت من أن تمنح لنفسها هالة كبيرة داخل الأوساط الأدبية الكتالانية خاصة، و الإسبانية بشكل عام.
تؤمن الكاتبة ب « ما قل ودل » في الكتابة الأدبية، تعطي الأولوية للجودة على حساب الكمية. تكتب متى رأت ضرورة لذلك. الكتابة لديها ترجمة و تعبير عن أحاسيس يصعب التعبير عنها خارج القلعة الأدبية. كتب ثلاثة أعمال بشكل غير منتظم: أنا أيضا كاتالانية سنة 2004؛ البطريك الأخير سنة 2007؛ وأخيرا، قناصة الأجساد سنة 2011.
من فاس إلى المكسيك
لا يقتصر نجاح المغربة على دول أوربا، بل هناك شابات وشابات يطلون علينا بنجاحاتهم من « القارة الجديدة » (أمريكا اللاتينية »، كما هو الحال الفنانة التشكيلية المغربية ميتاق الإسلام داودي المقيمة في دولة المكسيك، والمزدادة بمدينة فاس سنة 1987. توصف ميثاق الإسلام في أمريكا اللاتينية بالرسامة المغربية « المتعدد التخصصات »، علما أن التقارير الإعلامية المكسيكية تتحدث عنها كشابة جبلت على فن الرسم، نظرا إلى أنها تربت في وسط عائلة ملمة بالرسم.
بعد حصولها على شهادة البكالوريا غادرت ميثاق الإسلام المغرب لمتابعة دراستها في الخارج، بالضبط بجماعة غرناطة في شعبة علوم التربية، لتغادرها بعد حصوله على شهادة الإجازة سنة 2007 من نفس الجامعة، كما أن الشابة المغربية حصلت أيضا على دبلوم في فن الرسم من المؤسسة الشهيرة « المعهد الوطني للفنون الجميلة »، قبل أن تنتقل إلى المكسيك للإتمام دراستها هناك للحصول على شهادة الماجستر بعد الاستفادة من منحة دراسية هناك من الحكومة المكسيكية.
على الرغم من أنها تعيش خارج المغرب، إلا أنها تحاول أن تكون حاضرة فيه بقوة عبر متابعة ما يجري فيه، غذ أنها عضو في جمعية الفنانين المغاربيين بالمغرب، كما أنها حضرت أيام دراسية في العديد من الوراشات الجديدة حول التقنيات والمهارات الفنية بالمغرب، كما أنه لديها العديد من المنشورات حول الشعر السمعي والبصري.
من الريف إلى وكالة ناسا
رأت المغربية أسماء بوجيبار النور بمنطقة الريف بالشمال المغربي سنة 1984، قبل ان تنتقل الأسرة إلى مدينة الدار البيضاء، حيث تابعت دراستها، للتضطر بعد ذلك إلى شد الرحال نحو أمريكا من أجل إكمال دراستها العليا هناك.
في بلاد العم السام تمكنت أسماء من نيل شهادة الماجستير في علوم البراكين، ودكتوراه في موضوع “التوازن الكيميائي بين الغلاف والنواة في سياق تشكل عينة من الكواكب”، مما سمح لها بالالتحاق بوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” وهي في سن السابعة والعشرين. تجدر الإشارة ان العاهل المغربي محمد السادس منح وساما ملكي اعترافا لها بمسارها المهني.