الانتخابات السابقة لأوانها هي الحل

05 أبريل 2016 - 22:00

البيان الناري الذي أصدره رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ضد وزيره في الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، هو أكثر من بيان حقيقة وأقل من قرار إقالة من الحكومة. بنكيران الذي أصدر بلاغ الاحتجاج على وزيره في المالية، وقعه بصفته رئيسا للحكومة، وذيله بتاريخ 3 أبريل، أي يوم الأحد الذي هو يوم عطلة، ولم ينتظر إلى يوم الاثنين، لأنه اعتبر أن الفتوى التي تبرع بها الوزير التجمعي لصالح المعارضة (البام والاتحاد) لا يمكن السكوت عليها إلى يوم الاثنين.

السيد بوسعيد «وزير الدولة»، كما يسمي نفسه، تبرع على المعارضة بهدية كبيرة في شكل فتوى مالية منه ومن مديريه في الوزارة، وارتكب خلالها ثلاثة أخطاء سياسية وقانونية فادحة:

أولا: قبِل الجواب عن رسالة غير نظامية قادمة من المعارضة إلى مكتبه مباشرة دون المرور من القنوات الرسمية التي يخاطب بها البرلمانيون الوزراء، وهي مكتب مجلس المستشارين أو مجلس النواب، ومنه إلى وزارة العلاقات مع البرلمان، ومنها إلى كل وزارة على حدة، في مراسلة موقعة وتحمل رقما تسلسليا وتاريخا ومسطرة (المادة 38 من القانون الداخلي لمجلس المستشارين)، فكيف يغفل وزير المالية عن هذه المسطرة المنصوص عليها في قوانين المملكة؟ وكيف حول بوسعيد وزارة من أهم الوزارات في الحكومة إلى مكتب استشارة للمعارضة؟

ثانيا: السيد بوسعيد خرق مبدأ تضامن الوزراء داخل الحكومة، وخرج عن قرار جماعي للمجلس الحكومي، الذي اتخذ قرارا بعدم إسقاط المرسومين اللذين يحتج عليهما الأساتذة المتدربون، وعدم الرضوخ لمطالب المحتجين، وعدم المساس بالمناصب المعلنة في القانون المالي لسنة 2016، وتوظيف الأساتذة المتدربين على مرحلتين (7000 هذه السنة و3000 السنة المقبلة)، في حين أنه يعطي في رسالته إلى المعارضة فتوى إصدار مرسوم أو قرار يفتح المجال لمعالجة أخرى لملف الأساتذة المتدربين، وهو ما دفع أصواتا من البام والاتحاد إلى اقتراح استصدار قانون تعديلي لقانون المالية يسمح بإضافة عدد المناصب المالية لتنتقل من 7 آلاف إلى 10 آلاف.

ثالثا: الوزير بوسعيد أضعف رئيسه في الحكومة في هذا الملف، وأظهر أنه هو السبب في تعقيد مشكل الأساتذة المتدربين، لأن الحل موجود عند وزارة المالية لكن رئاسة الحكومة لا ترغب في تطبيقه، وتريد أن تزرع التوتر في البنية الهشة للوضع الاجتماعي في المغرب. بوسعيد برسالة الغزل التي بعثها إلى البام فتح المجال لإرباك الأغلبية، وتصويرها في عيون الرأي العام بأنها شعوب وقبائل، وأنها أوهن من بيت العنكبوت.

ماذا يجري وسط الأغلبية التي أصبح الأحرار خارجها منذ مدة ليست قصيرة؟ الذي يجري، ببساطة، أن وزراء الأحرار يتقدمهم «المفعفع» الكبير يريدون أن يأكلوا مع عبد الإله بنكيران في النهار ويناموا مع إلياس العمري في الليل، والسبب أنهم كحزب «إداري عتيد» لا يستطيعون أن يشتغلوا بطريقة عادية وسط الحكومة، ولا يتحملون العيش كأقلية في المعارضة، ولهذا اختار قادة الزرق مكانا بين هذه وتلك.. قلوبهم مع الحكومة وسيوفهم مع المعارضة، وهم كحزب حمامة يغيرون الأغصان التي يقفون عليها كل صباح، ولا يعترفون بشيء اسمه قواعد الديمقراطية وأعراف الأقلية والأغلبية، ولم يسمعوا عن دستور 2011 لأنهم كانوا يحضرون طبخة G8، ثم لو كانت في البلاد ديمقراطية ودستور وانتخابات وأغلبية وأقلية ومنطق سياسي هل كان حزب الأعيان الأزرق، هذا الذي لا يعرف أحد في المغرب من يمثل وكيف حصل على المرتبة الثالثة في الانتخابات.. هل كان هذا الحزب سيبقى موجودا في مغرب ما بعد الربيع المغربي؟

ما هو الحل الآن وقد ظهر أن الأغلبية ليست على قلب حكومة واحدة، وأن كل طرف له حسابات خاصة، وأن الأشهر المتبقية لم تكون إلا أياما وأسابيع للحرب الأهلية وسط الحكومة، وأن حزب الأحرار لا يستطيع أن يكمل ما تبقى من أشهر إلى جانب بنكيران، وأن وقتا ومجهودات ستضيع من زمن الإصلاح؟

الحل هو الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، وربح الوقت والجهد، وإحداث الصدمة لدى الرأي العام من أن هناك أحزابا خارج المنهجية الديمقراطية، وأن هناك من يلعب لعبة الغموض والصيد في الماء العكر، وأن البلاد ومصالحها العليا هي التي تدفع الثمن، وأن الحل هو الاحتكام إلى المواطنين وإرادتهم، والقطع مع سياسة «القوالب» وقشور الموز التي توضع وستوضع تحت رجل أي حكومة ينتخبها المغاربة غدا أو بعد غد من اليمين أو اليسار.

مطلوب من بنكيران أن يتصرف بحزم وشجاعة ولو مرة واحدة في عمر هذه الحكومة، وأن يوقف هذا اللعب، وأن يرجع إلى الناس ليستفتيهم في نازلة الحال، وكيف أن دستور المملكة في خطر، وديمقراطية المغرب الفتية في خطر، وإرادة الناس في خطر، ووضوح اللعبة السياسية في خطر.

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

مغربي وطني منذ 8 سنوات

لا داعي للكذب البام هو من فاز في وجدة و أهدى فوزه للإستغلال مقابل التحالف معه لإسقاط المصباح و الهجوم الوحشي الذي تعرض له رئيس الحكومة كان في وجدة من طرف بلطجية البام . و الان تتفرجون كيف أصبحت مدينة وجدة في الحضيض بسبب مساندتكم للفساد و العلمانيين ليحكموكم هنيئا لكم

منتخب منذ 8 سنوات

أن القانون واضح في هذه النازلة وأن وزير المالية سخر كأرنب سباق من طرف البام لمعرفة ردود الفعل ولاظهار رئيس الحكومة بمظهر الفاشل وان ملف الاساتذة سهل ويمكن حله دون اراقة الدماء ..لكن الامر يبدو انه مهزلة سياسية وتنظيمية واخلاقية تضرب في العمق التماسك الحكومي وقدرته على حل المشاكل ..ان التساهل في مثل هذه الامور قد يجر البلاد الى ما لا يحمد عقباه..ان وصول الانتهازيين والفاسدين الى رئاسة الاحزاب التيي هي في الاصل نتيجة الفساد افسد الذوق السيايي واخلط الاوراق واصبع المواطن البسيط لا يفرق بين الصالح والطالح..الله يلطف بنا.

وجدي منذ 8 سنوات

هكذا انتم من يخالفكم فاسد التهمة جاهزة اتفوا الله الوجادة الذين صوتوا بكثافة لحزب المصباح احسوا انهم لذغواوالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين فكما اعطينا الفرصة للباجدة ما المانع لاعطاء الفرصة للبام لعلهم يصلحوا ما افسدته هذه الحكومة

hakim منذ 8 سنوات

je crois que tu n'as rien compris

Krimou El Ouajdi منذ 8 سنوات

Quand on n'a pas la majorité absolue l'alliance s'impose. Ce qui a fait que, le remplacement de l'Istiqlal, qui a quitté le gouvernement très tôt, n'a pas laissé d'autres possibilités au chef du gouvernement. Il faut se dire, aussi, que la plus part des partis marocains ne sont que des opportunistes. Ils ne sont là que pour contrarier l'autre jamais ils font primer l'intérêt national. Autrement dit, d'abord, c'est l'idéologie qui s'impose, et ce depuis belle lurette. J’ai horreur de parler de tout ce qui est parti politique au Maroc. Ils ne cherchent que les chaises et le prestige.

mrabbih منذ 8 سنوات

على الشعب المغربي ان يعاقب الاحزاب الطفيلية كالبام والاحرار, ليظهر لهم انه أذكى من ان يُدغدغوا عواطفه ويتلاعبوا بمشاعره ,ويشتروا أصواته بحركاتهم البهلوانية كلما اقترب استحقاق انتخابي

عبد الفتاح منذ 8 سنوات

ماقام به بوسعيد كان مجرد اقتراح لحلحلة مشكل عمر ، كثير ا، وضحاياه هم أبناء الشعب البسطاء لذلك أرى أن تأليب بنكيران على الرجل لأيعد منطقا سليما لأن مهمة أعضاء الحكومة هي المبادرة الى البحث عن حلول للمشاكل وليس للسعي الى تازيمها .هذه حكومة، وليست بيتا للطاعة

الولاية الثانية منذ 8 سنوات

ماذا يجري وسط الأغلبية التي أصبح الأحرار خارجها منذ مدة ليست قصيرة؟ الذي يجري، ببساطة، أن وزراء الأحرار يتقدمهم «المفعفع» الكبير يريدون أن يأكلوا مع عبد الإله بنكيران في النهار ويناموا مع إلياس العمري في الليل، والسبب أنهم كحزب «إداري عتيد» لا يستطيعون أن يشتغلوا بطريقة عادية وسط الحكومة، ولا يتحملون العيش كأقلية في المعارضة، ولهذا اختار قادة الزرق مكانا بين هذه وتلك.. قلوبهم مع الحكومة وسيوفهم مع المعارضة، وهم كحزب حمامة يغيرون الأغصان التي يقفون عليها كل صباح، ولا يعترفون بشيء اسمه قواعد الديمقراطية وأعراف الأقلية والأغلبية، ولم يسمعوا عن دستور 2011 لأنهم كانوا يحضرون طبخة G8، ثم لو كانت في البلاد ديمقراطية ودستور وانتخابات وأغلبية وأقلية ومنطق سياسي هل كان حزب الأعيان الأزرق، هذا الذي لا يعرف أحد في المغرب من يمثل وكيف حصل على المرتبة الثالثة في الانتخابات.. هل كان هذا الحزب سيبقى موجودا في مغرب ما بعد الربيع المغربي؟

lahbib منذ 8 سنوات

كلهم في الهم سواء الكل يبحث عن مصالحه الشخصية والحزبية... الهم عندهم كيف براكمون الاموال ويضمنون مستقبلهم ومستقبل ابنائهم... سي بنكيران قبل ان يتحالف مع الأحرار عفوا مع مزوار اتهمه بسرعة اموال الدولة ماهي الا ايام قليلة حتى وضع يده في يده واعتبره منزها عن كل الشبهات... اذا فمن يضعه يده في يد لص الا من كان على شاكلته... فالطيور على اشكالها تقع... وها نحن نراهم اليوم يتلاعبون بالاساتذة المتدربين هؤلاء الذين لا يريدون الا وظيفة بسيطة يفتحون بها اسرة.....ة

احمد منذ 8 سنوات

باركا من تدراغ الشمس بالغربال. قولوا الحقيقة ولا سكتوا. لا أخنوش ولا بوسعيد داروا داكشي من راسهم. بنكيران رضي ان يكون منشفة فليكن كما شاء.

السياسوية منذ 8 سنوات

لانفهم كيف بنكيران قبل بالاحرار الذين انقدوا الحكومة من السقوط ثم عاد في اللحظات الاخيرة من عمر الحكومة يتبرم من وزراء الاحرار ويعود الى منطق المظلومية بانهم مستهدفون ، في الوقت الذي ذهب يبني فيه الجسور مع حزب الاستقلال وكأن باقي الاحزاب في المغرب لا تدري او لا تفهم ماذا يبرمج حزب العدالة والتنمية في الخفاء ضدا على التشكيلة الحكومية الحالية . وبالتالي هناك استهداف مقصود يمارسه حزب العدالة والتنمية ضد حزب الاحرار وضد وزرائه . وهذا الامر ليس بالعبثي من خلال المنطق السياسي .

محمد منذ 8 سنوات

بل للتخلص من المسوخ التي بداخلها وسيوفهم مع غيرها ولا يتوانون من "وضع العصا ف الويضة" لعرقلة اسيرها العادي, وأرباكها حتى لا تدور عجلة الإصلاح

Hamid Frero منذ 8 سنوات

Bonjour Mr Bouachrine Tout ce qui a été dit à propos du RNI et de son secrétaire général est certainement vrai ... mais ce qui est encore plus vrai c'est que Mr Benkirane est tout sauf un démocrate! Comment se fait-il que que connaissant tout cela et plus encore ... il s'est comme rabiboché avec ce RNI ?

مغربي وطني منذ 8 سنوات

الوجادة بدأو يضحكون باقي المغاربة لقد أصبحو باميين أكثر من العماري المغرب ردا على التعليق الأول و هو ليس أول وجدي حيث أصبحت وجدة معقلا رسميا لحزب الفساد . نعم لإنتخابات سابقة لأوانها من أجل أغلبية مريحة لبنكيران والتحالف مع التقدم و الإشتراكية فقط إن تطلب الأمر اللذين أبانو عن رجولة و مواقف منقطعة النظير و رمي ما يسمون أنفسهم بالأحرار رغم أنهم ليسو أحرارا في شيئ

المعلم منذ 8 سنوات

خطأ يمكن تجاوزه إن كانت النيات خالصة ،كما يمكن معالجة ملف الأساتذة المتدربين عبر الحوار مع المعنيين بالأمر والخروج بحل توافقي يرضي الجميع.أما عن الانتخابات المبكرة فهي تبدو شبه مستحيلة، لأننا سنستقبل بعد شهرين شهر رمضان ثم بعده العطل الصيفية،وحتى إن أجريت فقد تعقد الوضع أكثر.

مواطن من تطاون منذ 8 سنوات

ينبغي على رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن يتخذ موقفا سياسيا واخلاقيا شجاعا لاهوادة فيه بإقالة الوزير بو سعيد حتى يستفز الوزراء الآخرين من حزب الأحرار ليقدموا بدورهم استقالتهم ، ثم بعد ذلك يبادر رئيس الحكومة بنكيران بإصدار بلاغ يبين فيه حيثبات الإقالة وأسبابها بصورة واضحة للرأي العام المغربي. فإذا اتخذ بنكيران هذا الإجراء السياسي الشجاع سيحقق من خلاله أمورا هامة لصالح الوطن والشعب المغربي : 1- الأمر الأول يتمثل في بعث برسالة واضحة للجهات المسؤولة الخفية التي تعبث بشؤون الدولة المغربية والتي ترفض الإصلاح والتغيير الذي ينشده الشعب المغربي. 2- الأمر الثاني يتعلق بإيقاف العبث الداخلي الذي يربك عمل الحكومة من الداخل حتى يعلم الراي العام المغربي ان الفساد السياسي ليس مصدره فحسب خارج دائرة الحكومة وبعض الأحزاب والجهات المرتبطة به بل لكي يفهم أيضا ان الفساد السياسي أصله مرتبط بنوع نظام الانتخابات المعمول به حاليا والذي لا يعطي لأي حزب ان يشكل أغلبية حكومية . 3- الأمر الثالث يرتبط بمال المسار السياسي لهذا البلد الذي مازال لم يرسم بعد العلامات الواضحة المؤدية إلى تحقيق الانتظارات المرجوة منه. والجدير بالذكر أيضا ان الارباك الذي يفتعله وزراء حزب الأحرار كل مرة داخل كيان الحكومة سيستمر هكذا إلى آخر لحظات عمرها ، ذلك ان هذه الشرذمة من الوزراء تنفذ أجندة الحكومة الموازية العميقة ، فلولا تلك الثغرة التي تنفذ منها لما استطاعت أن تفعل تلك الافاعيل المشينة، والمقصود بالثغرة هنا أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لايمتلك القدرة السياسية على إيقاف التجاوزات اللاقانونية واللادستورية التي يقترفها وزراء الأحرار ولهذا هم مستمرون على استغلال هذه الثغرة التي ينبغي على ابن كيران ان يسدها بموقف سياسي واضح وحاسم لأنه ليس من مصلحته ان تستمر الأمور على هذه الحال التي يخسر فيها مكانته السياسية أمام الراي العام ، والحقيقة أن الراي العام ينتظر منه المواقف السياسية الحاسمة ازاء هذه العناصر الفاسدة المنتسبة لحزب الاحرار .

وجدي مغربي منذ 8 سنوات

نعم الانتخابات المسبقة هي الحل الذي سيخلصنا من هده الحكومة المسخ حكومة الحكرة والزيادات والهجمة الشرسة في ضرب القدرة الشرائية للمواطن المغلوب

التالي