ليس دفاعا عن الصديقي 

11 أبريل 2016 - 22:00

يوجد عمدة الرباط، محمد الصديقي، في «الكوليماتور» تحت نيران كثيفة منذ أكثر من شهرين، بسبب ما أصبح يعرف إعلاميا بـ«أوراق ريضال»، والآن انتقلت الآلة السياسية والدعائية ضده من الاتهام إلى النطق بالحكم، إلى تنفيذ الحكم، إلى الإقامة الجبرية في منزله، ومنعه من الصلاة مع الملك محمد السادس والسلام عليه يوم الجمعة الماضي، كما يجري التحضير لمنعه مستقبلا من التوقيع على أي اتفاقية تهم مجلس مدينة الرباط. هذا معناه أن قرارا بالإقالة الضمنية له اتخذ قبل أن يصدر بحقه حكم أو إدانة أو حتى اتهام.

الحكاية بدأت يوم الجمعة قبل ساعة ونصف من صلاة الجمعة، حيث اتصل مدير ديوان والي الرباط، عبد الواحد لفتيت، بلحسن العمراني، نائب عمدة الرباط، وطلب منه الحضور للسلام على الملك بعد صلاة الجمعة عوضا عن العمدة المغضوب عليه. العمراني، نائب العمدة المبعد، رفض الحلول محل رئيسه لأن الأخير موجود في الرباط، وهو الأمر الذي دفع مدير ديوان الوالي إلى الاتصال بالعمدة الصديقي شخصيا طالبا منه عدم الحضور إلى مسجد الشيخ سيف في حي الرياض، فما كان من العمدة إلا أن استفسر عن أسباب منعه من الحضور كما جرت العادة، فقال له مدير ديوان الوالي: «اسمك غير موجود في لائحة الحضور، فلا تحرجنا بحضورك». عمدة الرباط لم يبلع هذه الإهانة، واتصل برئيس الحزب ورئيس الحكومة يعرض عليه الأمر، فما كان من بنكيران، كعادته، إلا أن مال إلى تهدئة الأمور، وطلب من الصديقي أن يمتثل لطلب الولاية، وأن يترك مكانه لنائب العمدة لحسن العمراني.. (بنكيران دائما يشتري الرخا).

هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها ولاية الرباط إلى منع العمدة الصديقي من حضور نشاط ملكي، فقد سبق لها أن طلبت منه عدم حضور التدشين الملكي لمحطة القطار أكدال في 7 مارس الماضي، لكن تم التراجع عن هذا المنع بعد احتجاج حزب العدالة والتنمية، وتدخل بنكيران لدى وزير الداخلية، محمد حصاد، الذي تراجع عن قرار طرد العمدة من النشاط الملكي، وعندما حضر الصديقي تدشين محطة قطار أكدال طرح السؤال عن الكيفية التي تحدد بها وزارة الداخلية من يحضر ومن يغيب عن النشاط الملكي! الذي دفع إلى طرح هذا السؤال أن الصديقي، وقبل واقعة الجمعة الأخيرة، تلقى مكالمة هاتفية من الديوان الملكي لدعوته إلى حضور التوقيع على إنشاء سوق جملة كبير للخضر والفواكه في مدينة تامسنا. هذا كان يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، أي قبل حادثة الجمعة بيومين وبعد حادثة محطة القطار بشهر، ولولا أن التوقيع على الاتفاقية تأجل لأسباب تقنية، لكان العمدة الصديقي موجودا حول طاولة التوقيع أمام الملك… هذا معناه أن الديوان الملكي لا علاقة له بالموضوع، وأنه يتعامل مع العمدة بصفته الرسمية وليس بناء على أصداء معركته مع البام والداخلية، مادام القضاء لم يقل كلمته في الموضوع.

صاحب هذا الركن لا يعرف الصديقي، ولو التقاه في الشارع قد لا يتعرف عليه، وهو يتابع أزمة «أوراق ريضال» بعينين مفتوحتين دون تحامل مسبق، أو تبرئة غير مستحقة لعمدة منتخب في عاصمة المملكة، والملف الآن بيد القضاء، بغض النظر عن قانونية أو عدم قانونية مروره عبر قناة الوكيل القضائي للمملكة الذي يعتبر موظفا في وزارة المالية، لكن، في كل الأحوال، يجب احترام قرينة البراءة (المتهم بريء حتى تثبت إدانته)، وكيف والحال أن العمدة المنتخب لم توجه إليه إلى الآن أي تهمة، ولم يطلع بعد على شكاية وزارتي الداخلية والمالية التي وضعت بين يدي الوكيل العام للملك بالرباط، فكيف نفرض على العمدة الإقامة الجبرية في بيته، ونمنعه من حضور الأنشطة الرسمية، حتى ولو كانت بروتوكولية؟ وكيف سنقنع الرأي العام بأن ملف الصديقي قضائي وليس سياسيا، قانوني وليس كيديا؟ فإذا كانت وزارة الداخلية قد اتخذت قرارا بمنع جميع المنتخبين الموضوعة ضدهم شكاية لدى وكيل الملك من حضور أنشطة ملكية، فلماذا استدعت ولاية الرباط مسؤولا في مقاطعة السويسي من «البام» إلى النشاط الملكي نفسه، رغم أن هناك شكاية ضده بتهمة أكبر من التهمة المفترض توجيهها إلى الصديقي؟ ثم إن قرار الداخلية منع عمدة انتخبه الرباطيون من حضور أنشطة رسمية هو عقاب إضافي غير منصوص عليه في القانون الجنائي، والقاعدة أن «لا جريمة ولا عقاب إلا بنص».

أيها السادة، إن «مزاج» بعض السياسيين ليس جزءا من القانون الجنائي.. البلد فيه قانون وقضاء ورأي عام، ولا يجوز للداخلية أن «تتعرى على خلق الله»، فإذا كان بنكيران قد اعتاد «التمرميد»، فإن المغاربة لا يمكن أن يطبعوا مع هذه التجاوزات. لقد كتبنا ضد التشهير بالمنتخبين الذين نشرت وزارتا العدل والحريات والداخلية أسماءهم قبل أن يوجه القضاء إليهم تهمة الفساد الانتخابي، وقد أظهرت الأحكام اللاحقة أننا كنا على حق، وأن المحاكم برأت العديد منهم، ولم تجد في مكالماتهم المسجلة ما يدينهم، في حين أقدم الرميد وحصاد على إدانتهم في التلفزة العمومية وفي وسائل الإعلام، ولطخا سمعتهم أمام أبنائهم وأقاربهم حتى قبل أن يتوصلوا باستدعاء المثول أمام قاضي التحقيق، ليتحقق من أن الأصوات التي سمعها في تقارير النيابة العامة هي أصواتهم أم لا، وما إذا كان لديهم تفسير حول ما نطقوا به في هواتفهم أم لا. وهؤلاء كانوا من أحزاب متعددة ومختلفة.

لا يقع اللوم، فقط، على وزارة الداخلية التي تتصرف كحكومة وسط الحكومة، ولا تراعي حرمة لمنتخب من الشعب، وتسمح لموظف صغير، مثل مدير ديوان الوالي، بإعطاء الأوامر بالهاتف للعمدة حتى دون أمر كتابي، اللوم يقع كذلك على بنكيران الذي لا يستطيع أن يدخل محمد حصاد إلى خيمة الحكومة، ويقنعه بالبرنامج الحكومي، وبضمانات المحاكمة العادلة التي نص عليها دستور المملكة. قديما قال المتنبي بيتا بقي محفورا في ذاكرة الشعر العربي، جاء فيه:

 من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

مصطفى منذ 9 سنوات

السي بوعشرين انت لست محايدا رغم ادعائك ذالك فأنت الناطق غير الرسمي باسم العدالة فلا تستغبينا

aziz منذ 9 سنوات

رجال السلطة يتصرفون بغباء شديد لأنهم أصلا أغبياء وهم بحاجة دائما لمن يحكمهم تماما كما هو الحال بالنسبة لرجال العسكر.

Krimou El Ouajdi منذ 9 سنوات

Personnellement, je m'exprime comme suit: l'injustice recommence à prendre le dessus. Comment ça se fait que le S.G du P.A.M trouve 65 millions de dirhams pour financer un projet gigantesque dans des plates formes médiatiques et sans personne ne bouge le pouce alors que le maire de la ville de Rabat se retrouve privé d'assister à un protocole royal. Il s’avère que le préfet se permet de faire ce qu'il veut, on dirait que nous sommes à l'âge de la pierre. J'en suis certain que certains responsables de l’autorité sont entrain de jouer avec l'avenir de notre pays. Si vous voulez imposer le P.A.M avec force vous vous trompez.

elmehdiboutalha منذ 9 سنوات

حقيقة أن بنكيران لايلام عندما يخرج مدفعيته الثقيلة بين الفينة والأخرى لمواجهة التحكم وقوى التحكم وحزب التحكم , فهو يستشعر بحدسه السياسي المتبصر خطورة هذه القوى المتخفية والمنبثة في جميع مفاصل الدولة , وخاصة الحزب السلطوي المعلوم بزعامته الجديدة الذي يريد أن يرجع بالمغرب الى ماقبل دستور 2011 هذا الحزب الذي لايملك من المشروعية شيئا غير مشروعية السلطة والنفوذ والمال الوسخ الذي يخوف ويرهب به الأعيان والكآئنات الانتخابية وذلك لحشرهم في مشروعه الجهنمي الذي هو الفساد والاستبداد والاقصآء والاستئصال , والذي سيؤدي في نهاية المطاف ان تمكن من تحقيق ذلك , الى الخراب والدمار والفوضى.

yalli hanie منذ 9 سنوات

شيء واحد تتشابهون فيه عندما تحللون موضوعا ما وهو مصطلح الرحيل //// بمعنى أنك بمعزل عن المحاسبة وعفا الله عما سلف ، وأموال الشعب هي ملك لمن لا يخاف لومة لائم /// لكن ذلك بالنسبة لي عادي جدا مادام يعيش لابين ظهرانينا أشخاص لا يمكنه أن ينظر أبعد من قدميه طبعا /////

أبو وئام منذ 9 سنوات

يبدو ان الداخلية او الوزير حصاد ما هي /ما هو إلا واجهة مقنعة لجهاز أصبح يضع يده على كل شيء استعدادا للانفراد بكل الأجهزة انها ثمرة برنامج ومخطط تم اعداده منذ مدة ويتم تحيينه تبعا للمستجدات انها مرحلة التركتور لا محالة ومرحلة الغموض والقتامة ...في كل شئ...الله يحضر السلامة وصافي...

أبو وئام منذ 9 سنوات

يبدو ان الداخلية او الوزير حصاد ما هي /ما هو إلا واجهة مقنعة لجهاز أصبح يضع يده على كل شيء استعدادا الانفراد بكل الأجهزة انها ثمرة برنامج ومخطط تم اعدادهمنذ مدة ويتم تحبينه تبعا للمستجدات انها مرحلة التركتور لا محالة ومرحلة الغموض والإقامة في كل شئ...الله يحضر السلامة وصل في...

abdelaziz abid منذ 9 سنوات

Le litige reléve bien du droit public bien qu’il s’agisse d’une société de droit privé car elle bénéficie d’une concession d ‘un service public ce qui fait entrer le litige dans le domaine du droit public C’est ce qui explique que le litige va d’abord être instruit par l’Agent judiciaire du Royaume chargé de défendre les intérêts financiers de l’Etat –ce que maniféstément l’auteur de l’article ignore car il pense que c’est un vice Toutefois ,on ne pourrait reprocher à l’auteur l’ignorance de cette branche du droit mais on pourrait lui reprocher professionnellement l’absence de consultation de ses spécialistes Mais c’est une tendance assez répandue dans la presse marocaine que n’importe qui aborde n’importe que sujet

يوسف منذ 9 سنوات

باختصار شديد حكومة الظل من تحكم ،لا الملك و لا بنكيران،لكنها حكومة العفاريت و التماسيح،لذلك فنحن نعيش في غابة،لا دولة الحق والقانون ولا هم يحزنون.

اديب منذ 9 سنوات

هدا التساهل الدي يقدمه بنكيران لوزارة الداخلية سيؤدي ثمنه ادا لم يقم بالواجب فالداخلية تقوم بقياس الترموميتر لاعضاء العدالة والتنمية لحاجة في نفس يعقوب

بوزيان منذ 9 سنوات

حقا إنها الحكرة و خيبة الأمل في بنكيران إذا استمر في السكوت على تجاوزات الداخلية، و خيبة الأمل في ديقراطية استبشرنا بها مع بن كيران فإذا بنا نفاجأ من جديد بالمخزن الرث القديم يعود من الباب هذه المرة لا من النافدة. سي بنكيران أكد لنا أننا أمام حكومة منتخبة ديمقراطية و لسنا في زمان الدولة داخل الدولة الله يخليك...

alhaaiche منذ 9 سنوات

Wa si Taoufik, Rak Zaama Sid Al Arfine Dakhiliya Raha la main dial Al mekhzen, Hia Bach Kayebtech Ou Al Mekhzen Makhessouch ibane fe soura Houa Haz Telecommande ouray Zapi Ou Arefti Alach Had Chi Koolou Hit Al Mekhzen tout simplement, Balid Ou Jabane

Marocain منذ 9 سنوات

رغبة المؤمن هي ان تقبل صلاته من الله عز و جل....اما وراء من او جنب من : ملك او خادم فلا يهم، ما داموا امام الله سواسية لا فرق بينهم الا بالتقوى.

مواطن من تطاون منذ 9 سنوات

أننا نعرف جميعا أيها السادة ان وزارة الداخلية المغربية وزارة سيادة رسمية مخزنية بكل امتياز لأنه ضع ابدا لرئيس حكومة بنكيران ، وهذه الوزارة المخزنية لا تمثل سوى أداة من أدوات المخزن الرسمي التي تنفذ جميع تعليماته ويحظر عليها حتى ان تنفذ ما يتفق عليه الوزراء في الاجتماعات الأسبوعية للمجلس الحكومي تحت رئاسة عيد الإله بنكيران إذا لم يصدر من الطرف الرسمي تعليماته على ذلك ، وهنا نتساءل بدورنا لماذا لم يستشعر وزير الداخلية رئيس حكومته بتقليص نسبة الدخول للبرلمان المقبل من 6% إلى 3% ؟ ما الهدف الرئيسي من هذا التقليص؟ وماهي السيناريوهات المحتملة والمقدرة التي ستصنعها وزارة القصر بعد انتهاء الانتخابات التشريعية المقبلة؟ يبدو أن السيناريو الذي أعدته وزارة القصر ونفذته وزارة حصاد بكل حذافيره ولم تنجح على إسقاط رأس عمدة مجلس الرباط ، فإن وزارة القصر حاليا تعاقب العمدة الصديقي عقابا معنويا ونفسيا على رفض خضوعه للتعليمات السامية وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان عمدة حزب العدالة والتنمية مرفوض رفضا رسميا ، فلو ان وزارة الداخلية عثرت فعلا على دليل مادي واحد على ما يتهم به الصديقي لادانته وزارة الداخلية بدون ان تحيله على القضاء المغربي وتطالب من بنكيران حالا ان يقيل عمدته. وأعتقد أن إدانة الصديقي عمدة مجلس الرباط لا يندرج إلا ضمن سلسلة تشويه صورة حزب العدالة والتنمية ، كما انه مغضوب عليه ولابد من ازالته رغما عنه او ان يتقدم بنفسه باستقالته لكونه مرفوض ومغضوب عليه يستحيل ويحظر على الصديقي ان يسير ويدير عاصمة المملكة . هذه الرسالة المشفرة المبعوثة سيفهمها سريعا رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وسيقوم بتنفيذها على وجه السرعة ولكن بأية طريقة ممكنة؟

علال منذ 9 سنوات

للمتنبي بيت شعري جميل يمكن تعديله ليصير اذا لم يكن الرحيل بد فمن العار ان ترحل مهانا

محمد عتمان منذ 9 سنوات

نستنكر الطريقة التي تعاملت بها سلطات البلد مع العمدة الصديقي الذي لم يصدر فيه اي قرار قضائي لحد اللحظة حكرة والله الاحكرة

hassan منذ 9 سنوات

تحليلك واقعي و محايد . لايهمنا أن بنكيران "يشري الرخا" فيما يخص أعضاء حزبه انه "يشتري الرخا" في امور الفئات الشعبية من توضيف و تعليم و صحة. لقد قبل بنكيران أن تفاوض الداخلية اساتذة الغد و من طرف "لفتيت" نفسه. ٍلقد ترك بنكيران الداخلية تكسر جماجم الأساتذة. لقد ترك بنكيران الداخلية تخفض العتبة و....... و الآن فاليتركها تفعل ما تريد وليرحل .

التالي