خبايا هجوم حزب "الاستقلال" على قرارات "المجلس الدستوري"

14 يونيو 2016 - 21:30

عاد حزب “الإستقلال” من جديد إلى جبهة المواجهة مع مؤسسة رسمية في الدولة، هي “المجلس الدستوري”، يعين الملك، أغلب أعضائها، وذلك على خلفية قرار أصدرته  في الرابع من يونيو الجاري، تلغي فيه عضوية ستة مستشارين استقلاليين من الغرفة الثانية.

وقبل إلغاء المجلس الدستوري، لمستشاري “الاستقلال”، من الغرفة الثانية، بأربعة أيام، تلقى الحزب حكما صادما، أصدرته المحكمة الإدارية الابتدائية، بأكادير، في متم ماي الماضي، يقضي بإسقاط الإستقلالي، الخطاط ينجا، من رئاسة جهة الداخلة وادي الذهب، بمبرر “إقامته خارج البلاد”.

وبمقتضى الفصل 134 من الدستور، فإن قرارات المحكمة الدستورية (المجلس الدستوري حاليا) لا تقبل أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية، بهذا المقتضى، وبذلك، فإسقاط العضوية البرلمانية على أحد من الأعضاء، هي نهائية.

صمت مطبق لـ10 أيام 

وإزاء هذه القرارات، التي كلفت الحزب ستة مقاعد في الغرفة الثانية، علاوة على رئاسة جهة، إستمرت قيادة الحزب، في ضرب جدار الصمت المطبق، وتحاشت الخروج بأي موقف رسمي تعليقا على القرارات.

ومنذ حين قرار إسقاط الاستقلالي، الخطاط ينجا، من رئاسة جهة الداخلة وادي الذهب، إكتفت قيادة حزب الميزان، بتصريف تصريحات صحفية متطابقة غير رسمية، أدلى بها عبد الواحد الأنصاري، المحامي، الموكل للدفاع عن الخطاط، أمام إدارية أكادير.

موعد الصدح في وجه “المجلس الدستوري”

وانتظرت قيادة حزب “الاستقلال” للخروج والصدح في وجه المجلس الدستوري، إلى يوم الإثنين 13 يونيو الجاري، حيث وصفت جريدة “العلم”، لسان حال الحزب، في إفتتاحيتها، قرارات المجلس الدستوري بـ”الانتقائية”.

وفي مساء اليوم نفسه، أصدرت اللجنة التنفيذية (أعلى هيئة تقريرية للحزب)، بيانا حادا عقب اجتماعها، ذهبت فيه إلى حد وصف قرارات المجلس الدستوري بـ”التعسفية”، و”الضاربة في حرمة القضاء”، لا، بل واعتبرت انها قرارات تمس “إستقلالية القضاء”، وتعيد البلاد إلى عهد الحزب “الأغلبي” (المدعوم من السلطة والمتحكم في المؤسسات).

خلفيات بيان اللجنة التنفيذية 

ويطرح توقيت صدور الموقف الرسمي، للجنة التفيذية لحزب “الاستقلال”، تساؤلات، من حيث تأخرها عقب صدور قرارت المجلس الدستوري، في الرابع من يونيو الجاري، وحكم إدارية أكادير، ضد الخطاط ينجا، في متم ماي الماضي، مع العلم انه كان للجنة التنفيذية للحزب، فرصة وإمكانية الاجتماع بشكل استعجالي واستثنائي، حسب ما أكدته مصادر قيادية في حزب الميزان.

ومن جهته، أكد أمين عام الحزب، حميد شباط، في حديث لـ”اليوم24″، ان نزعة البيان الصادر أمس الإثنين، بلغة حادة، كان مرده “الدفاع عن الحزب”، والرد على ما قال عنه “مسلسل الاستهداف” القائم ضد حزبه.

وعن خلفيات بيان اللجنة التنفيذية، أفاد شباط، انه جاء للرد على ما أسماه “التجاوزات الخطيرة” في قرارات المجلس الدستوري، مفسرا ان قراراته التي ألغت ستة مستشارين استقلاليين، في الغرفة الثانية، أصدر القضاء في حق أغلبهم أحكام الحفظ، والبراءة.

وبذلك، أوضح أمين عام حزب “الميزان”، ان المجلس الدستوري، بقرارته ضد المستشارين الاستقلاليين،  يكون قد “تجاوز وضرب في حرمة القضاء”، الذي قال كلمته في حقهم.

وأكد شباط، في معرض تصريحه، ان حزبه “مستهدف ويؤدي ضريبة تصدره لإنتخابات رابع شتنبر”.

تخوف من المواجهة مع الدولة 

ومن جانب آخر، حاولت قيادة حزب “الاستقلال”، جاهدة طيلة ثلاثة أشهر الماضية، التقليل من خرجات البوليميك، في البرلمان ضد الحكومة، بل، وحتى في قضية متابعة وزارة الداخلية، لقيادي الحزب، وعضو اللجنة التنفيذية، عبد الله البقالي، في المحاكم، ظلت قيادة الحزب، تضرب جدار الصمت المطبق، دون أن تصدر أي موقف رسمي، ما عدى حضور قيادات الصف الأول في الحزب، للوقفات التضامنية معه أمام المحكمة.

وبذلك، أسرت مصادر قيادية في حزب شباط، لـ”اليوم24″، كون تيار داخل اللجنة التنفيذية، لم تذكر أصحابه، لوح في اجتماع أمس الإثنين، بضرورة نأي الحزب عن تكرار سيناريو عشية انتخابات رابع شتنبر الماضية، حيث خرج الحزب في مواجهة علانية مع الدولة، باستهداف وزارة الداخلية، وقبلها مطالبته بضرورة فك الحصار على جماعة العدل والإحسان.

وطلب هذا التيار “المهاذن” داخل البيت الاستقلالي، عدم الدخول في مواجهة علانية مع مؤسسة رسمية في البلاد، هي المجلس الدستوري، الذي يشرف الملك، على تعيين أغلب أعضائها.

وهو الأمر، الذي فسر قبض بيان اللجنة التنفيذية أمس الاثنين، العصا من الوسط، في رده على قرارات المجلس الدستوري.

تطاول على القضاء الدستوري 

ومن جانبه، قال الباحث في العلوم السياسية، عزيز إدمين، لـ”اليوم24″، ان رد فعل حزب “الاستقلال”، على القرارات الاخيرة للمجلس الدستوري، التي همت إسقاط عضوية مجموعة من اعضاء الغرفة الثانية، كان لحزب “الاستقلال” حصة الاسد  فيها، طبيعي جدا، لسببين، أولهما أن عدد  الملغيين من الغرفة الثانية، كبير جدا مقارنة مع الاحزاب الاخرى.،ثانيهما، ان قرارات المجلس، صدرت قبيل أربعة أشهر من انتخابات سابع أكتوبر المقبلة.

وأفاد إدمين، في معرض تصريحه، ان هذه القرارات، من شأنها أن “تؤثر على شعبية الحزب ومصداقيته لدى الناخبين، وتزرع الخوف في البعض كالاعيان أو الوجهاء، بصفتهم الالة الانتخابية لحزب الاستقلال”.

وأوضح الباحث ان موقف حزب الاستقلال، “انتقل من الدفاع إلى الهجوم، من خلال هجومه على مؤسسة القضاء الدستوري، والطعن فيها”.

وأضاف مفسرا :”يمكن للباحثين في مجال القانون الدستوري، مناقشة وتحليل قرارات المجلس الدستوري، ولكن من غير المقبول من حزب سياسي وله فريق برلماني أن يطعن في هذه المؤسسة، وهو الشيء الذي نلمسه في افتتاحية جريدة العلم قبل يومين..”.

وسجل إدمين ان “الصراع الذي يطبع المشهد السياسي بالبلاد، صار منذ نهاية أحزاب الحركة الوطنية، أفقيا، بين الأحزاب السياسية، فيما بينها، الذي باتت تبني مشروعيتها السياسية على حسابه..”.

واستدرك قائلا :” إلا ان حزب الاستقلال الذي تاه بين الاحزاب، فتارة جعل من حزب العدالة والتنمية منافسه وخصمه، وبعد انتخابات 4 شتنبر، مال بمدفعيته نحو الاصالة والمعاصرة، وبعدها أصبح كل همه هو جعل وزارة الداخلية، هي المنافس والخصم في هذه المرحلة”.

وعموما، تظل السيناريوهات الممكن ان يخطو في اتجاهها حزب الاستقلال، عقب قرارات المجلس الدستوري، صعبة للغاية، خاصة وأنها قرارات غير قابلة للطعن بموجب الدستور، علاوة على تكليفها للحزب خسارة سياسية تهم التقليص من عدد مقاعده في الغرفة الثانية، وبذلك تظل أمام شباط واخوانه، فرصة تسييس القضية في حدود الممكن، لجني ثمارها في انتخابات سابع أكتوبر المقبلة..

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي