بقلم: أحمد اكنتيف
لقد حرص المشرع الدستوري على تدبير الانتقال من الإطار القانوني والمؤسساتي لما قبل الدستور إلى الإطار القانوني والمؤسساتي لما بعد الدستور، عبر التمييز بين المؤسسات التي لا يستقيم استمرارها لمخالفتها الصريحة للدستور الجديد، وتلك التي يمكن استمرارها لعدم وجود ما يخالف الدستور الجديد في ثناياها، وهكذا وضع المشرع الدستوري في أحكامه الانتقالية لائحة المؤسسات التي يتوجب استمرارها لحين إصدار قوانين جديدة وحددها في الفصل 176 مجلسا البرلمان، والفصل 177 المجلس الدستوري، والفصل 178 المجلس الأعلى للقضاء، وهي مؤسسات تحتاج إلى إطار قانوني جديد بالنظر إلى التغيير الجذري الذي أدخله الدستور عليها، لذلك سمح الدستور باستمرارها لتجنب الفراغ في انتظار إصدار قوانين جديدة.
وفي المقابل نص الفصل 179 من الدستور على أنه “تظل النصوص المتعلقة بالمؤسسات والهيئات المذكورة في الباب الثاني عشر من هذا الدستور، وكذا تلك المتعلقة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي وبالمجلس الأعلى للتعليم، سارية المفعول، إلى حين تعويضها، طبقا لمقتضيات هذا الدستور”، والنص الدستوري في هذا الخصوص صريح ويؤكد أن النصوص القانونية المنظمة لهذه المؤسسات ليس فيها ما يخالف الدستور الجديد ويتوجب الاستمرار في العمل بها إلى حين إصدار قوانين جديدة لم يحدد لها الدستور أي آجال على عكس القوانين التنظيمية. وهو ما يعني بالضرورة تفعيل القواعد القانونية المتعلقة بولاية هذه المجالس والهيئات، ومن أهمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان(CNDH) ولجانه الجهوية التي ينص الظهير 1.11.19 في مادته 35 على أن ولاية الأعضاء تمتد لأربع سنوات كما تنص المادة 40 منه على أن تعيين رؤساء اللجان الجهوية يكون لمدة أربع سنوات، وينص الظهير 1.11.59 في مادته الأولى على أنه يعين السادة التالية أسماؤهم أعضاء بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان لمدة أربع سنوات ابتداء من 20 شتنبر 2011، وفي المادة الثانية، يعين السادة التالية أسماؤهم رؤساء للجان الجهوية لحقوق الإنسان لمدة أربع سنوات ابتداء من 20 شتنبر 2011.
وبناء على هذه الدفوعات، فلا يستقيم أن يستمر المجلس في الانعقاد بتشكيلته القديمة وفي إبداء الآراء في مشاريع القوانين ومقترحاتها، لأن المجلس فاقد للشرعية القانونية باستثناء رئيسه وأمينه العام اللذين يمتد تعيينهما لمدة ست سنوات، فالقانون الحالي ساري المفعول، وليس فيه ما يتعارض مع الدستور ولا معنى لتجميد العمل به.