أصدر المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات تقريرا حول “المغرب في سنة 2015” ، وهو التقرير السنوي السابع، الذي يصدره المركز تحت إشراف الباحث إدريس شكرية.
وبحسب شكرية، فإن التقرير الجديد، تم وفق منهجية جديدة، تروم رفع العوائق والارتقاء بالتقرير إلى مصاف التقارير التي تجمع بين الوصف والتفسير والاستشراف.
ويشمل التقرير 19 دراسة قام بإنجازها، أكثر من 30 باحثا وخبيرا عاملا بالمركز، تهم مجموعة من المجالات، منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والثقافي.
ورصد باحثون، في المركز من خلال دراسة بعنوان “الفاعلون السياسيون الرسميون بالمغرب بين التابث والمتغير”، الحضور القوي للملك محمد السادس، في أغلب السلط العامة رغم الهندسة الدستورية، التي تفرز ترتيبا دستوريا ينطلق من الملك مرورا بالسلطة التشريعية، وانتهاء بالسلطة التنفيذية.
وأوضحت الدراسة، أن الملك حافظ على مكانته المركزي،ة داخل النسق السياسي المغربي على امتداد سنة 2015 من خلال احتكاره التام للمجالات الدينية والأمنية والخارجية، وتحكمه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بحكم القانون والممارسة، مشيرة إلى أنه رغم انعكاس الدور التنفيذي للملك على باقي السلطات العمومية، لا يرتب دستور 2011 المسؤولية له داخل النسق السياسي المغربي.
تدخل في الحكومة والبرلمان
اعتبرت الدراسة، أن الملك لا يزال هو مركز كل السلط، يتدخل في كل الأوقات في العمل الحكومي والبرلماني، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، يهيمن على الحكومة باعتباره رئيسا للمجلس الوزاري ويعطي التعليمات لرئيس الحكومة، كما حدث أثناء اجتماعه مع زعماء الأحزاب السياسية لمناقشة تطورات قضية الصحراء.
ولاحظت الدراسة، تهميشا لرئيس الحكومة، أثناء اللقاءات والمآدب التي نظمها الملك على شرف، الرئيس الفرنسي بمناسبة زيارته للمغرب، إذ “لم يكن حاضرا على مأدبة الغداء الملكية، وكان يقف بعيدا عن مكان وقوف الملك مع الرئيس الفرنسي، وعبد الرحمان اليوسفي، وهي إشارات ملكية غير اعتباطية”، تقول الدراسة.
وأرجعت الدراسة، توجيه الملك مجموعة من الانتقادات للحكومة، في خطاباته، من خلال رصد الاختلالات والأوضاع الصعبة، التي تعيشها القرى والمناطق المهمشة، وبسط الصعوبات التي تواجه مغاربة العالم، إلى رغبة الملك في التقرب من فئات عريضة من المواطنين واحتوائها واستيعابها، “وهو ما يوحي أن الحكومة هي سبب هذه المشاكل، مما يرتب مسؤوليتها السياسية والمجتمعية، في مقابل عدم مسؤولية الملكية، رغم تدخلها في كل المجالات وفي كافة الأوقات، وبكل الآليات والطرق”.
أما هيمنة الملك على البرلمان، بحسب الدراسة فتتمثل في خطابه الافتتاحي للبرلمان، والذي ذكر فيه بالتأخر الحاصل في المصادقة على القوانين التنظيمية، التي يجب المصادقة عليها قبل نهاية الولاية التشريعية بنص الفصل 86 من الدستور.
الإعلام في خدمة الملك
لاحظت الدراسة، أن مختلف التدخلات الملكية تحظى بالتغطية الإعلامية، بشكل دقيق، ويتم تسويقها داخليا وخارجيا بشكل يومي، عن طريق انتقاء الصور والأشرطة بعناية فائقة، مهما كانت طبيعة التدخل، مما يعطي الانطباع بتعدد التدخلات الملكية، ويخيل للمتلقي أنها المؤسسة الوحيدة في المغرب التي تتدخل في الأنشطة العمومية.
وأوردت الدراسة، أن 2015 عرفت تسويق بعض المعطيات المتصلة بالملك، من أجل تعاطف المواطنين معه، فضلا عن تسويق صورة ولي العهد بكثافة ليعتاد المشاهد عليها، مشيرة إلى ظهوره في أكثر من مناسبة مرتديا لباسا رسميا، عصريا أو تقليديا، مدنيا أو عسكريا، حيث أصبحت صورته تنتشر تدريجيا.
ورصدت الدراسة حضورا قويا لمستشاري، الملك محمد السادس، من خلال حضور فؤاد علي الهمة، بمناسبة استقبال وزير الخارجية الفرنسي، زيادة على وجوده أثناء استقبال الملك وزير العدل والحريات ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بخصوص موضوع الإجهاض، فضلا عن حضور الهمة والزناكي، أثناء مباحثات الملك مع الوزير الأول الهندي، على هامش أشغال الدورة الثالثة لمنتدى الهند إفريقيا 2015.
وأكدت، ان من هذا المنطلق يتدخل مستشارو الملك، في إدارة الشأن العام، نظرا لقربهم منه.
وإلى ذلك، رصدت الدراسة غيابا وصفته بالتام، للملك على مستوى تمثيل المغرب بالساحة الدولية، باستثناء الجولة الإفريقية، وترؤسه للوفد المغربي، بمناسبة القمة الثالثة لمنتدى الهند إفريقيا 2015 ، ملاحظة غيابا للملك، عن حضور المؤتمرات والقمم واللقاءات الدولية.