كل هذا الخوف..

22 سبتمبر 2016 - 16:03

في الوقت الذي كان يجمل فيه أن يكون الرأي العام منخرطا بقوة في محاسبة حزب العدالة والتنمية على مصير الشعار الذي خاض به معركته الانتخابية قبل خمس سنوات: « صوتك فرصتك لمحاربة الفساد والاستبداد »، وماذا فعل الحزب بذلك الصوت وتلك الفرصة؟ وما هي حصيلة محاربة الفساد؟ وأين المغربي من حقه في الحصول على المعلومة، وفي محاسبة المفسدين، وفي إعلام عمومي يرتقي بذوقه، وفي الإنصاف الاقتصادي وحرية الرأي والتعبير، وفي قوانين تؤكد بالنص والتركيب والوضوح ودقة العبارة الاتجاه الديمقراطي للبلاد؟ وما مدى صوابية رفع شعار: « مواصلة الإصلاح » ومصير الشعار الأول لازال معلقا.. في وقت كان يجدر أن يكون النقاش فيه مركزا على هذه الأسئلة سيجد الرأي العام نفسه أمام مسيرة عجيبة تريد إسقاط حزب في آخر أيام ولايته، وأمام توظيف مؤسف لحياة الناس الخاصة في معركة سياسية بشكل غير مقبول، وحالة رسمية يستشف منها عدم الرضا عن الأحزاب التي تتحالف مع حزب المصباح وتتبنى المفاهيم أو القراءة التي يطرحها لطبيعة الصراع السياسي في البلاد..
ماذا يجري في البلاد؟ لِم كل هذا الخوف؟ ماذا سيصنع حزب العدالة والتنمية إن فاز غدا بالمرتبة الأولى؟ سيبحث عن حلفاء وسيكون حكومة جديدة، وسيظل، على الأرجح، مكتفيا بتدبير ذلك الهامش الصغير من السلطة السياسية الذي بين يديه رفقة أحزاب أخرى وجيش عرمرم من الوزراء والوزراء المنتدبين، وإذا لم ينقلب الحزب على بنكيران، أو ينقلب بنكيران على ذاته، فسيظل لسانه هو وسيلته لتوسيع صلاحياته الضيقة في الواقع ومحاربة الفساد والاستبداد.. في انتظار أن تتوافق كافة الإرادات الفاعلة حقيقة في صناعة القرار على محاربة الاستبداد، وهو ما يستدعي توحيد رؤاها بشأن ما يعتبر استبدادا وما لا يعتبر استبدادا، وهذا منطق، يمكن أن نختلف معه، لكن الحزب يعتنقه، وهناك جماعة من الناخبين تتبناه وتصوت عليه ولا تطالب بسقف أكبر مما فيه.. فمم كل هذا الخوف إذن؟
أتذكر، علاقة بهذا السؤال، مرة سألت فيها محللا سياسيا، عن رأيه في الفكرة التي تقول إن حزب المصباح دخل الحكومة بنية فرض الحجاب ومنع الاختلاط في المدارس وإرجاع المرأة للبيت، ولِم لا إعادة هيكلة الحقل الديني! بناء على الأداء والخطاب والمواقف التي عبر عنها الحزب من لحظة توليه الحكومة إلى لحظة الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، فكان الشق الأول من رده علميا والثاني نفسيا، أما الشق الأول فهو « في حدود ما تابعت من أداء الحزب وأفكاره خلال الفترة التي ذكرت، فلا يبدو أنه يبحث عن فرض أو تطبيق أي أجندة إسلامية، أو استيراد نموذج الإخوان في مصر، ويبدو منشغلا بالتطبيع مع القصر ونيل ثقته ولا يبدو أيضا أنه منشغل بتنفيذ أجندة إصلاحية متطورة »، ثم زاد، وهذا ما أصفه بالجواب النفسي، « لكن قناعتي أن هذا الحزب إن ‘تمكّن’ وعزز تموقعه السياسي في المستقبل، ربما ليس الآن، بعد ثلاث ولايات أو أكثر، فلا شك سيبحث عن تطبيق الشريعة ومحاربة الحداثيين وإغلاق الحانات وفرض الحجاب والحدود… »، سألته على ما يستند في هذا التحليل، فكان الرد « إنه حزب إسلامي! »..
ويبدو أن المناخ الانتخابي الحالي مليء بالأفكار والقراءات ذات الطبيعة النفسية والتوقعية والظنية، والأخطر أن بعض القرارات تُبنى على الشق النفسي المنثور بين فقرات بعض الاستشارات، لا العلمي المبني على المؤشرات والقراءات الموضوعية، وهي أفكار قريبة من العلة التي تحجّج بها الأسد، في النكتة المشهورة، لضرب القرد ضربا مبرحا، فبعدما نفذ القرد كافة مطالب الأسد الغريبة أولا بأول، ولمّا كان الأسد ينقم على القرد ويبحث عن أي سبب لضربه بأي وجه كان، لم يجد من سبب في الأخير إلا الشعر الذي يكسو جسد القرد، وقام إليه يضرب ويشتم مرددا: « مالك مزغّب »…

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي