السحيمي: الملك لن يتدخل في تشكيل بنكيران لأغلبيته

21 أكتوبر 2016 - 08:33

يعتبر المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية مصطفى السحيمي، في هذا الحوار، أن الملك محمد السادس ليس مناضلا في البيجيدي، وليس خصما له، ولذلك فهو لن يساعده في تشكيل أغلبيته، كما لن يعيق تشكيل تلك الأغلبية.

هل يصح القول بأن « البيجيدي » و »البام » يعكسان مشروعا لبناء قطبية في البلاد؟

أن يتفوق حزبان على عشرة آخرين فإن ذلك لا يؤدي بشكل ميكانيكي إلى الإقرار بوجود قطبية. إن حزب العدالة والتنمية حصل على 125 مقعدا، أي 32 في المائة من مجموع المقاعد الـ395 بمجلس النواب، كما أن حزب الأصالة والمعاصرة فاز بـ102 مقاعد، أي ما نسبته 27 في المائة. ومعا، يبلغ مجموع مقاعدهما 227، أي 59 في المائة من عدد مقاعد مجلس النواب. وبالتالي فإن الثنائية المهيمنة لحزب الـعدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة ليست واضحة، بل بمقدوري استبعادها.

لكن يمكن، من جهة أخرى، طرح السؤال عما إن كان بمقدور كل واحد من هذين الحزبين أن يجذب إليه هيئات أخرى ويجعل نفسه مركز قطب ما؟ سنرى ذلك بشكل واضح عندما يشرع بنكيران في تشكيل أغلبيته: من سيكون أعضاؤها، هل هم أولئك الذين كانوا حلفاءه في الحكومة المنتهية ولايتها؟ أي حلف مكون من حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية ثم حزب الاستقلال؟ أم سيذهب إلى خيار آخر: « البيجيدي » والكتلة الديمقراطية (حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية)؟ وأود أن أضع بعض التمييز بين تعريف الأغلبية بوصفها عملية حسابية لجمع نصاب مطلوب في الأنظمة المعمول بها، وبين تشكيل قطب حقيقي لديه الانخراط بقدر متساو في مشروع مجتمعي، بل وأيضا يملك القيم نفسها وحتى البعد الإيديولوجي ذاته. إن الحفاظ على حزب التقدم والاشتراكية باعتباره جزءا من الحركة التقدمية، يشوش على الوضوح الضروري في الأغلبية التي يمكن أن تفرز قطبا حول البيجيدي، ولا يسمح وجوده بإبراز أي معنى للانسجام أو التناغم، أو القدرة على فحص والتأكد من هوية هذا القطب.

بينما حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ضاعف من نتائجه التي كان قد حققها عام 2011، فقد تموقع في ملعب الحداثة والديمقراطية. ولا يمكن لهذا الحزب أن يحقق فوائد هذا التموقع إلا إذا نجح في تحريك قوى ديمقراطية وتقدمية أخرى من حوله، مثل الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، لكن هل يتحقق ذلك إن لم يكن هذان الحزبان معه في المعارضة؟

كيف يمكن تفسير تعزيز كل من « البيجيدي » و »البام » لنتائجهما الانتخابية؟

إن التقدم المذهل لحزب العدالة والتنمية يمكن أن يعزى إلى عدة عوامل، فهو من جانب حزب عزز من قاعدة المصوتين لصالحه ما بين 2011 و2015، وقوى من مكتسباته الانتخابية، وأصبح يمتلك المعرفة الضرورية والفهم الجيد للتنافس الانتخابي ولقواعده المعلنة والمضمرة. إن « الآلة » الانتخابية لحزب العدالة والتنمية لعام 2007 ثم 2011 لم تعد آلة تقليدية، بل قامت بقفزة نوعية وتكنولوجية أيضا. ولكن ألم يكن حزب العدالة والتنمية في حملة انتخابية مستمرة منذ بداية حكومته في يناير 2012؟ أضف إلى ذلك، أن لهذا الحزب عنصرا حاسما، فهو يملك قائدا يمثل ظاهرة في عالم التواصل السياسي، سواء من حيث معجمه المستعمل في كل مكان، أو من حيث مواقفه وإدارته المدروسة رغم كل شيء لـ »شعبوية فعالة » كيفما كان رأينا فيها.

وهل تتوقف قوة البيجيدي عند قائده؟

لحزب العدالة والتنمية كتلة ناخبة مُحفزة ومنضبطة ومرتبطة بالحزب بشكل تلقائي، وتمنح الحزب على ما يبدو نحو 600 ألف صوت، وقد أضاف إليها منذ 2011، كتلة أخرى من الناخبين صوتت لصالح « التغيير » الموعود، وضد حصيلة الأحزاب التي كانت قد تجمعت فيما سمي بـG8، ستة أسابيع قبل انتخابات 25 نونبر. وفي الانتخابات الجماعية والجهوية لشتنبر 2015، فإن « البيجيدي » سجل نتيجة قياسية بحصوله عَلى 1.55 مليون صوت. واليوم، وكما أظهرت نتائج 7 أكتوبر، فإن الحزب كاد أن يصل لحدود مليوني صوت.

هل حقق توسعا في مجالات أكبر بالمقارنة مع انتخابات 2015؟

ومن الواضح أن هناك خطا تصاعديا من 2011 ثم 2015 حتى 2016، وحضوره في العالم الحضري سمح له بالفوز في 36 مدينة يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، واتخذ ذلك بطبيعة الحال بعدا وطنيا. إن « البيجيدي » يملك منصة تنظيمية خارقة لدعم وتأطير الناخبين مكنت من الترويج للتصويت لصالح الحزب وحده.

كما أن هذا الحزب توسع أكثر فأكثر عبر التغلغل المتعدد الطرق في العالم القروي بالرغم من أنه كان غائبا بشكل يكاد يكون تاما عنه لأسباب سوسيو-ثقافية وأيضا بسبب تأثير الإدارة. كما حصل الآن على نتائج جيدة في الصحراء، حيث كان حزب الاستقلال هو المسيطر هناك منذ عقود خلت.

إن ما حدث هو أن الكتلة الناخبة قد تحولت بشكل يخدم « البيجيدي » وأيضا حزب الأصالة والمعاصرة. فقد ألهم هذان الحزبان ولأسباب مختلفة عن بعضهما البعض، الكتلة الناخبة التي كانت عادة ما تصوت لصالح الأحزاب التقليدية كتلك التي كانت متجمعة في الكتلة والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية.

وبالنظر بشكل أعمق لما حصل فيما يتعلق بالناخبين، فإنه بالرغم من أن عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية قد زاد بـ300 ألف ناخب، إلا أن العدد المسجل في المجموع بقي يتراوح ما بين 15.5 و15.7 مليونا ما بين عامي 2015 و2016. كما أن الناخبين الفعليين بقي عددهم يتراوح ما بين 7 و8 ملايين فحسب. إن هذه الكتلة من الناخبين التي كانت تستهدفها الأحزاب قد حسنت من النتائج التي حصل عليها كل من « البيجيدي » و »البام »، لكنها خذلت الآخرين.

وعند النظر إلى هذه الأرقام، فإنه ينبغي التساؤل عما إن كان ما أفرزته يشكل واقعا سياسيا؟ وأنا سأجازف بالقول بأن ذلك ما حصل بالفعل، لأن نتيجة كل حزب تنطوي على بعد سياسي مختلف عن بعدها بالنسبة لغيره من الأحزاب.

لقد كانت لدى جميع الناخبين نفس ورقة الاقتراع لوضع علامة على خانتين، ولكن الالتزام بالتصويت هو ما لا يمكن أن يكون قابلا للمقارنة بين الجميع. لقد كانت هناك أصوات أكثر وضوحا، ويمكنني أن أصفها بأنها كانت أصواتا أكثر نضالية تميز مثلا المصوتين على العدالة والتنمية عن تلك التي حصل عليها حزب الاتحاد الدستوري أو حزب الاستقلال أو فيدرالية اليسار الديمقراطي أو الاتحاد الاشتراكي أو الحركة الشعبية. إن المفهوم الوطني للأحزاب لم يعد ينطوي على القيمة نفسها عند الجميع.

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

معلق منذ 8 سنوات

السحيمي ماباغيش يخسر مع المخزن. بانو ليه شي حوايج و ميك على حوايج اخرى. ة.

التالي