دبلوماسي وقح

23 نوفمبر 2016 - 22:00

 

دخل السفير المغربي في مدغشقر، محمد عمار، التاريخ الدبلوماسي المغربي من أسوأ أبوابه، فهو أول سفير يُطرد من منصبه بطريقة مهينة، وهو أول سفير مغربي يُتهم علانية بسرقة مساعدات إنسانية في بلاغ رسمي للخارجية، وهو أول سفير مغربي يتهم بالعنصرية والتمييز على أساس ديني في بلاد خريطتها العرقية والدينية معقدة، وهو أول سفير مغربي يتجرأ على رئيس الدولة التي تستضيفه، ويتقدم لإعطائه دروسا في استقلالية القرار السياسي في بلاده وأمام العموم، ما اعتبر إهانة لأعلى سلطة في البلاد.

كل هذه الفضائح لم يكتشفها وزير الخارجية «المفعفع»، ولا الذين سبقوه في الخارجية، ولم تصل إليها يد وزارة المالية، ولا اللجنة المختصة في مراقبة السفارات التابعة للخزينة العامة للمملكة، حتى جاء الملك محمد السادس، في زيارة رسمية، ووجد فضيحة السفير تنتظره، ما أثار غضبه، فأطاح برأس محمد عمار بطريقة غير مسبوقة.

هذا الدبلوماسي قضى 10 سنوات في منصبه، وهذا هو المشكل رقم واحد. لا يوجد قانون ولا عرف في الخارجية المغربية، كما في الدول الأخرى، يحدد عمر كل سفير في سفارة بلاده، وهذا ما يخلق انحرافات وعلاقات مشبوهة، وبزنس يسيء إلى مصلحة البلاد وسمعتها. هناك سفراء قضوا 20 سنة في المنصب نفسه، وهناك سفراء يداومون في مستشفيات باريس أكثر مما يداومون في مكاتبهم، ومع ذلك، لا يوجد من يصحح هذه الأوضاع، ويقترح سفيرا جديدا للمهمة. هناك سفراء عينوا في بلاد عربية وهم لا يعرفون حرفا واحدا في لغة الضاد ولا تقاليد الشرق الأوسط، وهناك سفراء عينوا في بلدان تحمل زوجاتهم جنسيتها، في تضارب مصالح خطير جدا على سلامة وأمن المملكة… لقد رأينا أخيرا بدعة دبلوماسية غريبة لا تحدث حتى في جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية.. رأينا سفيرة مغربية تتدخل لدى رئيس دولة أجنبية ليتوسط لها لدى سلطات بلادها لكي تبقى سفيرة هناك، مع العلم أن قرار تنقيلها من سفارة إلى أخرى صدر في مجلس وزاري وتسرب إلى الصحافة.

صدم الرأي العام، مساء الاثنين، وهو يقرأ بلاغ اتهام الخارجية ضد السفير محمد عمار، ورجع التساؤل القديم/الجديد حول مصير إصلاح الآلة الدبلوماسية المعطوبة في البلاد، والتي توجد في علبتها اختلالات وفضائح وغرائب وزبونية وعلاقات مشبوهة لسفراء مع مصالح أجنبية و… ألم يحن الوقت لإصلاح هذا البيت؟ ألم تقتنع الدولة بعد بأهمية العمل الدبلوماسي؟ ألم تصل الدولة إلى طريقة لتنظيف البيت الدبلوماسي المغربي؟

إليكم بعض وصايا إنجلترا لسفرائها، جمعتها من عدة قراءات ومطالعات، قد تصلح للتفكير في مهمة الدبلوماسي:

الدرس الأول: إذا حدثت مشكلة فعالجها بالاتصال… أول ما يتعلمه الدبلوماسي البريطاني قبل أن يسافر لتمثيل بلده في الخارج… الدرس الثاني: تحدث مع الجميع ولا تترك الآخرين يتعرفون عليك. عرف بنفسك حتى دون أن تطلب شيئا، فأنت لا تعرف متى تحتاج إلى مخاطبك. الدرس الثالث: لا تترك أعداءك كتلة واحدة في مواجهتك، فرق بينهم تسد. الدرس الرابع: لا تثق في كل ما تسمعه من أصدقائك قبل أعدائك. أبق عينيك مفتوحتين على الأفعال لا الأقوال. الدرس الخامس: الدبلوماسي هو الجندي المجهول الذي لا تتحدث عنه كتب التاريخ، لهذا اعلم أنك خط الدفاع الأول عن مصلحة بلدك، وأن العسكريين هم خط الدفاع الأخير. الدرس السادس: لا يوجد أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون، هناك فقط مصلحة دائمة، لهذا، عرف بمصلحة بلدك كل صباح. الدرس السابع: لا تكذب حتى لا تفرط في مصداقيتك، لكن، لا تقل الحقيقة كاملة، ركز على الجوانب التي تخدمك وتخدم بلدك. كن ذكيا وحذرا، ولا تتوقف عن البحث عن الوسائل التي توصلك إلى هدفك. الدرس الثامن: تحتاج إلى مهارات كثيرة لإقناع حكومة البلد الذي تشتغل فيه، كما تحتاج إلى مهارات أكثر لإقناع حكومة بلدك باتخاذ قرارات تراها مناسبة. أنت دبلوماسي في الاتجاهين لخدمة هدف واحد. الدرس التاسع: أسوأ سفير هو الذي يبلغ وزير خارجيته بما يريد سماعه، ويتجنب ذكر الأشياء التي تقلق حكومة بلاده. الدرس العاشر: التقاليد والأعراف والبرتوكولات الدبلوماسية ليست أمورا شكلية في عمل السفير، إنها جزء من جوهر عمله، لهذا يجب أن يحرص عليها، وأن يكون في مستوى تمثيل بلده في اللباس والطعام وطريقة الحديث وأسلوب تبليغ الرسائل وتقنية التفاوض، فالسفير لا يمثل نفسه، بل يمثل بلاده وتاريخها وثقافتها. الدرس الحادي عشر: سلاح الدبلوماسي ثلاث أدوات: إتقان لغة البلد الذي يشتغل فيه، ومظهره الأنيق، وثقافته وشبكة علاقاته الواسعة. الدرس الثاني عشر: على الدبلوماسي أن يحذر ثلاثة أشياء: الخمر والنساء والمال. عليه أن يبقي مسافة كافية إزاء هذه الإغراءات وهو في سفارة بلاده حتى لا يدخل منها أعداؤه. الدرس الثالث عشر: في الدبلوماسية، كما في التجارة، أفضل الصفقات وأفضل العلاقات وأفضل المعلومات هي التي تكون حول مائدة طعام أو في قاعة حفلات، حيث يسود الارتخاء والارتياح، وتحل الكثير من عقد الألسن والنفوس. الدرس الرابع عشر: أشعر محاوريك بأهميتهم مهما كانوا صغارا، فأنت لا تؤدي ضريبة على ذلك، ولا تفترض في الآخرين الغباء، بل تعامل معهم دائما بحيطة وحذر، وابذل مجهودا لتجعل مصالح بلادك ومصالحهم شيئا واحدا. الدرس الخامس عشر: على الدبلوماسي أن يتصرف كالإطفائي الذي يحتاج إليه الناس أكثر في أوقات الأزمات عندما تشتعل النار في البيت، وكذلك الدبلوماسي، عليه أن يخفض حرارة التوتر بين بلده والدولة التي يشتغل فيها مهما كانت مبررات النزاع، لأن السلام والأمن والمصالح هي مقياس نجاحه.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

سعيد منذ 7 سنوات

كلام حقيقي واقعي

لك الله ياوطني منذ 7 سنوات

هنا تونس المحطة التي يجب ان تشملهالتحقيقات،وخاصةفي ثورة ليبيا وما شابها من فساد على حساب الجالية الهاربة من الحرب،وخلال وجودها بتونس في وضعية قاسية فبحيت توجد عائلات،واشخاص في العراء،مطالبين السفارة الممثلة للدولة لاعادتهم الى الوطن،لاكن وبعد عناء كبير ومظاهرات،وعوض ان ترسل لهم باخرة،او طائرات لترحيلهم،كباقي الدول التي تحترم مواطنيها قرروا تركهم في تونس وسوغوا لهم منازل(منزل لكل 8 افراد)وصرف جراية لهم لسد رمقهم...ومن هنا بدأت الاختلاسات،فكان يحسب كل فرد على انه مقيم في نزل من فئة 5 نجوم،والحسابة تحسب للمنتفعين على حساب المواطن المشرد،وهنا اقول ان الدولة ممثلة في وزارة الخارجية هي المسؤولة عن الفساد بل صادر عن مسؤوليها انداك،فالحل كان بسيط لا يكلف تلك المبالغ التي رصدت ودهب معضمها لجيوب الفاسدين،ممثل هدا الحل في ارسال باخرة تنهي الازمة وتقطع الطريق عن الفاسدين،لاكن كلهم شركاء،في نهب المال العام،واغتنام الفرص......فويل لهم مما كسبوا .....وما خفي كان اعظم

mohamad ghichat منذ 7 سنوات

ok bien dit

Abou Mossaab منذ 7 سنوات

سي بوعشرين .. قرأت لكم سابقا و في نفس الركن مقالا قيما حول الموضوع .. و تأثرت به كثيرا .. و تمنيت لو أن أصحاب الشأن و من بيدهم مفاتيح القرار ، إلقاء نظرة ولو "سريعة" على تلك النصائح .. التي تبرأت منها - حتى لا يتهمونك بحكيم زمانه - و نسبتها إلى الإنجليز ، فنحن شعب يحب بشغف كل ما هو مستورد إستهلاكي و شكلي .. أما الأعراف و الأخلاق و القيم النبيلة التي تجمعنا مع بقية البشر فاستيرادها أو حتى ذكرها ، يعتبر "بدعة" ...... و رغم كل هذا الغيوم السوداء التي تملأ السماء و تحجب الأفق ، فإن هذا مؤشر على أنها ستمطر .. و المطر قد يكون رحمة ، غيثا نافعا غير ضار ، و قد يكون سيلا عارما يجرف الأخضر و اليابس .. و دوام الحال ، من المحال ......

karim منذ 7 سنوات

اريد ان اعرف فقط كم جمع هذا السفير من الاموال على حساب الشعب خلال هذه المدة الناس تشقى لكسب العيش في هذه البلاد المليءة بالتناقضات و اصحاب القرار يشقون في نهب ثرواتنا اللهم ان هذا منكر و ما خفي كان اعظم

lakhsas منذ 7 سنوات

اول من يطرد هو وزير الخارجية واول من يجب ان يلام هم الجالية لا اقول فقط في مدغشقر ولكن في كل البلدان وهاته مناسبة لكل المغتربين بان يوثقوا شكاياتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي

telemaque منذ 7 سنوات

Cela veut dire que le pays etait ,est ,et encore gere par un tres grand nombre de delinquants mal eduques et hautement diplomes et dans tous les domaines. Celui qui ne vole pas et ne detourne rien meme ceux loin de lui disent : Alkanbou , madar walou

Redouane منذ 7 سنوات

It is really a deep corruption that attacks our institutions.Normaly those responsibles that represent our blessed country,must be observed regularly so that they could do their mission petfectly.

محمد صالح الزعيمي منذ 7 سنوات

تنافي الواقع في حيرة من هذا الامر ما اعرفه عن السفير إعمار منذ اكثر من ثلاثين سنةً هو الجد والاستقامة مع لطف المعشر كيف سقط قي هذا الوضع المشين كان من اكبر المفاجآت التي صادفتها في حياتي وإني لاءاسف له دون حدود٠

نملي محمد منذ 7 سنوات

ما اروع هده الدروس و ما اعجبني اكثر هو الالتزام الاخلاقي لمن يمثل البلد في اعلى المستويات الدرس الثاني عشر ابق بعيدا عن ثلاثة أشياء الخمر و النساء و المال و اذكر بهدا الخصوص أني اشتغلت ردحا من الزمن في بعض الدول الافريقية و اخرها جمهورية افريقيا الوسطى ايام الرئيس بوزيري و صاغت مخلوقا عجيبا الا و هو سفير المغرب بالبلد و اذكره بمرارة انه كان لا يصحو من الخمر و النساء و الابتزاز الجنسي عن طريق المنح الدراسية و كنت اخجل ان يسألني احد عن جنسيتي لان صدى سمعة السفير الوسخة كانت تحرمنا من دكر اننا مغاربة و نعتز بذلك كان السفير المجرم كل يوم يحمل على اربع بكثرة شربه للخمر من علب الليل و الحانات و جعل مقر السفارة مكانا للدعارة و الابتزاز الجنسي و كان يخيط به زمرة من الصعاليك همهم الوحيد هو توسيخ سمعة المغرب و أضعاف الدبلوماسية المغربية مقابل نظيرتها الجزائرية و خذلان قضايا البلد الحساسة . و الكلام يطول عن هدا الموضوع فالمرجو من الملك لانه لا يوجد مسؤول في هدا البلد غيره لمعالجة الموضوع خدمة لمغربنا الحبيب

الغراب منذ 7 سنوات

اسي بوعشرين لقد حكمت على السفير و لم تمتعه بمبداء المتهم بريئ حتى تثبت ادانته و هدا خطاء كبير سقطت فيه على غير عادتك.

Messari منذ 7 سنوات

يوم تتبدل العقلية المخزنية و نتخلص من تقاليد "خــدام الدولــة" سوف تتغيــر دبلومــاسيتنا...لح الآن منطق الريــع و المحسوبية هو الســائد و لا جديد تحت الشمس بالرغــم من كل الخطب المنمقة...

عصام منذ 7 سنوات

لاتقارن المغرب ببريطانيا نحن شبه دولة . تحكمنا طبقة برجوازية إقطاعية فرونكفونية فاسدة كونت ثروتها من نهب اموال الشعب وفاشلة في الحكم

maandi منذ 7 سنوات

السفارات عندنا توزع كما كانت توزع المأذونيات , إنها مجاملات وريع سياسي , ولذلك نعتمد ذلك على الديبلوماسية الملكية , وعلى علاقاته الخاصة .

الحسن التومي منذ 7 سنوات

كل هذه الفضائح لم يكتشفها وزير الخارجية «المفعفع»، ولا الذين سبقوه في الخارجية، ولم تصل إليها يد وزارة المالية، ولا اللجنة مختصة في مراقبة السفارات التابعة للخزينة العامة للمملكة ولا سعدالدين العتماني ولا بنكيران لا العدالة والتنمية. ..

citoyen منذ 7 سنوات

وا السي توفيق الله يهديك انك تخاطب امواتا صم بكم عمي يعني لا حياة لمن تنادي و وزارة الخارجية خصها هيا براسها لجنة تفتيش من الوزير حتى لحارس الباب

alhaaiche منذ 7 سنوات

LE ministère est géré par des familles, Al Fassi, Al Amrani,.. et les autres Au Canada, il y avait un scandale qui a éclaté suite a une vidéo, le cuisinier de l'ambassade a été licencie et sans raison d'après lui, a raconté des choses horibles de ce qui se asse a l'ambassade, sur Mme Al Meknassiya dial USFP, et l'affaire a été camouflée, en résumé, c'est des minables qui occupent des postes de responsabilités, en plus d'une mafia -Lemraykia- qui a des liens avec le consultât a Montréal, et partagent Al Gamila entre eux, sur le dos des contribuables marocains, il faut faire des audits a l'ambassade et au consulats pour savoir ou va l'argent des contribuables

التالي