عادة ما يسافر الناس إلى أماكن أخرى مدناً كانت أو بلداناً من أجل الترفيه والترويح عن النفس أو من أجل البحث عن لقمة العيش أوالعلاج أو غيرها من أمور الحياة المتشعبة، لكن السفر من أجل البحث عن الموت يبدو سفراً غريباً وغير مألوف، سفرٌ من أجل البحث عن وضع نقطة النهاية للحياة، وإيقاف عجلتها بقرار شخصي.
مثل هذا النوع من الرحلات يقوم به حوالي 50 إيطالياً كل سنة (احصائيات غير رسمية) في اتجاه سويسرا، بحثاً عمن ينهي أعمارهم.
وفي كلّ مرة تظهرحالة جديدة يثار نقاش مجتمعي حول هذا الاختيار وحول ضرورة إقرار قانون يتيحه داخل البلد.
وتسببت واقعة تنقل موسيقي إيطالي، ميؤوس من علاجه، إلى سويسرا كي يموت هناك بطريقة « الموت الرحيم »، في نقاش صاخب في إيطاليا، واحتد السجال بين مؤيدي إقرار قوانين تضمن الحق في « القتل الرحيم »، لكل من يرغب في ذلك وبين معارضيه.
وكان الشاب الإيطالي قد تعرض لحادثة سير في شهر يونيو 2014، تسببت في إعاقته وظل منذ ذاك الحين فوق سرير، مربوط بأنبوب تنفس اصطناعي، كما فقد بصره جراء الحادث. ويتحدث بصعوبة بالغة.
وكان الموسيقي قد وجه قبل أسابيع، بمساعدة صديقته نداءاً إلى المجتمع الإيطالي وإلى الطبقة السياسية ورئيس الجمهورية، بعنوان « أتركوني أغادر »، يطالب فيه بحقه « في الموت لإنهاء معاناته وآلامه التي لا تبرحه صباح مساء.. » بحسب قوله.
وبعدما « فشل » في ايجاد من ينصت لندائه انتقل الشاب قبل ايام إلى مدينة زيوريخ حيث توجد مصحة يمكن داخلها إجراء « القتل الرحيم »، وانطفأ الشاب يوم امس حول الساعة 11 بتوقيت سويسرا بحقنة قاتلة على إيقاع الموسيقى كما نقلت ذلك وسائل إعلام إيطالية.
وقال الشاب الإيطالي قبل توديعه الحياة: » شكراً لمن انتزعني من العذاب..شكرا لكل من اقتلعني من بحر الآلام .. (لقد بلغت مرادي) دون مساعدة من دولتي.. »
وتكلف رحلة إنهاء العمر حوالي 15 ألف أورو (أزيد من 16 مليون سنتيم) وتشتمل على مصاريف التطبيب والحقنة ومصاريف الدفن.
ويتم القتل بواسطة الأدوية بعد ملأ إستمارات مخصصة لذلك وبعد إستيفاء إجراءات قانونية مضبوطة ومحددة، وفي النصف الساعة الأولى من العملية يتم مد الشخص بدواء يحول دون أن يتقيأ كأس دواء ٍ آخر يتناوله في مرحلة لاحقة وفي غضون دقيقتين إلى خمسة يدخل في سبات عميق ينتهي بتوقف القلب عن الخفقان ويكف باقي أعضاء الجسد عن العمل وتنتهي الحياة.
وتعتبر سويسرا من بين الدول التي تنص بشكل صريح على قانونية إجراء « القتل الرحيم »، ويمكن لأي متواجد في أراضيها بشكل قانوني، بغض النظر عن جنسيته، إجراءه عند استيفائه شروط محددة وصارمة.