الكلاب التي تنبح لا تعض

28 فبراير 2017 - 17:00

اختار محمد السادس، القائد العام للقوات المسلحة الملكية، سياسة التهدئة وعدم الانجرار إلى استفزازات جبهة البوليساريو، ومن خلفها الجزائر، في منطقة الكركرات المحاذية للحدود المغربية-الموريتانية، حيث تنشط عناصر ميليشيا الجبهة في منطقة ميتة جيوسياسيا.

وأعلن الملك من الكوت ديفوار قرار انسحاب الجيش المغربي من طرف واحد من الكركرات، استجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غورتيس، الذي وجه نداء إلى الطرفين للانسحاب من المنطقة الملتهبة على الحدود مع موريتانيا، خوفا على قرار وقف إطلاق النار الساري المفعول منذ 1991… جبهة إبراهيم غالي لم تنسحب إلى الآن من الكركرات، وهي تهدد بالعودة إلى الحرب لأن مسلسل التسوية توقف قطاره، فيما أعلنت باريس وواشنطن ومدريد موقفا إيجابيا إزاء المبادرة المغربية التي ترمي، من جهة، إلى احترام قرار الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، البرتغالي الذي يعرف جيدا ملف الصحراء وامتداداته الإقليمية والدولية، لكن الهدف الأهم من حكمة التعقل وعدم الانجرار إلى فخ الاستفزاز، هو عدم إعطاء الجزائر المبررات للتشويش على عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، فعناصر ميليشيا البوليساريو، التي بعثتها الجزائر إلى الكركرات لإقامة حواجز للمراقبة على حركة التجارة بين المغرب وموريتانيا لإعطاء الانطباع بأنها تسيطر على الأرض وتقيم سلطة فوقها.. هذه العناصر لا تستطيع أن تصمد ولو لنصف ساعة أمام تدخل الجيش المغربي الذي يملك التجربة والسلاح والعتاد لإنهاء وجود هذه المليشيات في الكركرات، لكن الجيش المغربي لم يفعل ذلك، واختار التراجع إلى الوراء، وترك البوليساريو والجزائر في موقع الذي يهدد الأمن والسلم في منطقة رخوة وحساسة، والغرض هو تفويت الفرصة على خطة الجزائر لإدخال النزاع إلى الاتحاد الإفريقي، وإحراج الدول التي تحمست لعودة المغرب إلى البيت الإفريقي بالقول: «ها هو المغرب، الذي فتحتم له الأذرع قبل أسابيع للعودة غير المشروطة إلى الاتحاد الإفريقي، يطلق النار على قوات عضو صغير في هذا الاتحاد لا يطالب بأكثر من حق تقرير المصير»… كانت خطة الجزائر من وراء التصعيد في الكركرات هي إفساد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، ودفع الجالس على العرش إلى إنهاء مسلسل زياراته للبلدان الإفريقية، وإشعال عود ثقاب في منطقة مرتفعة الحرارة.

المفارقة أن الرد المناسب لم يأت من المغرب، الذي فضل علاج الموضوع دبلوماسيا، حتى إن بلاغ الانسحاب من منطقة الكركرات صدر عن وزارة الخارجية والتعاون ولم يصدر عن إدارة الدفاع أو قيادة الجيش.. الرد على الجزائر جاء من ثلاث عواصم وازنة في العالم: واشنطن وباريس ومدريد، وكلها ثمّنت الموقف المغربي… في هذا الأسبوع نفسه الذي شهد نازلة الكركرات، وقعت ثلاثة أحداث في الجزائر تكشف المخاطر الحقيقية التي تهدد جارتنا الشرقية، وكلها لا علاقة لها بالمغرب ولا بسياسته :

الحدث الأول يحمل توقيع داعش، حيث تبنى التنظيم الإرهابي عملية الهجوم الانتحاري على مركز للشرطة في قلب مدينة قسنطينة، في تحد واضح للمؤسسة الأمنية وخططها لحفظ الأمن وسط البلاد.

الحدث الثاني يحمل توقيع أزمة أسعار النفط، حيث أعلن وزير المالية الجزائري انهيار مداخيل البلاد من الغاز والنفط إلى أكثر من النصف في ظرف سنتين فقط (تراجع مدخول الجزائر من تصدير المحروقات من 60 مليار دولار سنة 2014 إلى 27,5 مليار دولار سنة 2016)، في بلاد تمثل المحروقات 90% من مجموع صادراتها، وفي نظام يشتري السلم الاجتماعي بأغلى سعر في السوق، حيث تدعم الدولة جل المواد الغذائية والأدوية والمحروقات…

أما ثالث حدث وقع في الجزائر في الأسبوع ذاته الذي شهد تحرش الجزائر بالمغرب، فهو اعتذار قصر المرادية عن عدم استقبال المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في الجزائر نظرا إلى تدهور الحالة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

هل بلاد تعرف وضعا مماثلا وظروفا مشابهة يمكن أن تخوض حربا أو أن تشكل تهديدا لأحد من جيرانها؟ إن الأمر لا يعدو أن يكون استعراض عضلات أو استفزازات هدفها الهروب إلى الأمام، أو كما يقول المثل: «الكلب الذي يعض لا ينبح طوال الوقت».

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Salim منذ 8 سنوات

المقال موفق لكن كان عليك تفادي إستعمال هده اللغة التصعيدية، السب و الشتم ليس من شيمنا نحن المغاربة الأحرار

حمادي فرنسا منذ 8 سنوات

و الله لضيق الوقت لا نريد التدخل و الرد و لكن بعض الاخوان يدفعوننا دفعا. متفق مع السيد بوعشرين 100/100. ضرب مثلا بالكلب او الكلاب. و الله سبحانه ضرب مثلا بنفس الحيوان في سورة الأعراف في جزء من الاية 176 قال تعالى: (( .... كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث.. الاية)) و عسكر الجارة الشرقية قد فاقوا الكلاب في الظلم و التعدي على الغير و لو استطاعوا لقطعونا اربا اربا. اقرؤا ما يكتبون و يقولون على ملكنا و نسائنا و حكومتنا و جيشنا الباسل. هذا التهجم غير مبرر. و من أراد التقارب معهم فليفعل ما بدا له و ليترك المغاربة يدافعون عن وطنهم و عرضهم قبل ان تلعب به الرعاة. و السلام عليكم جميعا. اما في ما يخص السيد Azzine.b فتحدثك ان الجريدة تنشر ما يعجبها و تتغاظى عمن لا يوافقها. فهذا غلط لانني دائما موافق مع بوعشرين و ما ينشر و أحيانا لا أرى مداخلتي على النت .لا اعرف السبب و لكن هذا لا يعني انهم لا ينشرون الا ما يساير منشوراتهم و الله اعلم

mostafa منذ 8 سنوات

trop bon=trop con

azzine منذ 8 سنوات

سي مصطفى (المعلق رقم 7 ) الشتم لا يجدي نفعا و النفخ في جمر الرماد يوقظ النار و يشعلها و كما قال المعلق يوبا (رقم6) الأحداث الساخنة و الخطيرة تحتاج إلى العقول الباردة بمعنى الحكيمة ،و هذه العقول موجودة في المغرب و الجزائر و غيرهما و هي التي يجب دعمها و الإنتصار لها، فالبناء جد صعب أما الهدم و التخريب فهي أمور سهلة ..خذ نموذجا بسيطا فأن تكسر كأس زجاج عملية بسيطة أما جمعه و بناؤه فعمل جد معقد ..فما بالك بالدفع إلى هدم دول و شعوب و كيف سيعاد بناؤها..السلم و السلام دائما و أبدا و الديبلوماسية هي الحل مهما طالت

telemaque منذ 8 سنوات

Le journaliste gadha wyastahal n a pas compare les braves Algeriens aux chiens AAAAssi AZZINE . Assi Bou3achrine a compare le systeme totalitaire militaire sous entendu qui aboie sans arret sans nous faire peur. Azzine hada est un algerien a cent pour cent vu son deuxieme commentaire et un algerien prosysteme boukharrobiste comme son compatriote Ahmad qui lui aussi comme une chaise a trois appuis (3la sbba) a repete la meme chose que son coequipier . Sachez que le Maroc et les Marocain y compris assi Bou3chrine n ont rien avoir avec les braves Algeriens (ghi lkhir) mais avec le systeme et ses larbins .....

مصطفى منذ 8 سنوات

رد على من استاؤوا من استعمال كلمة "الكلاب" لو ادرك هؤلاء جيدا ما تحمله الطغمة العسكراتية المستبدة بالحكم في الجزائر من حقد وكراهية وروح تدمير وتخريب دفينة تجاه كل ما هو مغربي , ولو تبينوا الامكانيات الهائلة التي تستخدمها "الدولة" الجزائرية للاحالة دون تحرير المغرب لاراضيه المستعمرة واعاقة استكمال وحدته الترابية , دون ان تنجح هذه الدولة المارقة في تحقيق مآربها الحرام ,لفهموا لماذا تستعمل كلمة الكلاب في حقها , رغم ان الكلب بوفائه , اشرف من قايد صالح وبوتفليقة وغيرهما من حكام جزائريين شوفينيين , يرون ان خدمة بلدهم تكمن في مهاجمة المغرب والاساءة اليه واضعافه

Mohamed el ouad منذ 8 سنوات

يا أخي في المغرب لا توجد صحافة حرة ، الكل يتهافت ويدافع على مصالحه و لا يجرؤون التحدث عن المشاكل التي يعاني منها المواطن المغربي على جميع المستويات ث

YOUBA منذ 8 سنوات

الأحداث الساخنة والخطيرة تحتاج لعقول باردة للتعامل معها

Ahmed منذ 8 سنوات

بغض النظر عن اتفاقي معك في معظم ما أشرت اليه بخصوص موقف الحكم في الجزائر من قضية الصحراء...اجد نفسي مندهشا وغير مصدق عندما وصفت من وصفت بالكلاب...عيب يا استاذ هذا كلام لا يجوز م

مصطفى منذ 8 سنوات

اجل الكلاب التي تنبح لا تعض , لكمها تزعج.. قرار المغرب بالعودة الى الاتحاد الافريقي زلزل الطغمة الجاثمة على الشعب الجزائري, وتعبأت آلتها الديبلوماسية التائهة واعلامها الفج والمغرض لعرقلة الزحف المغربي ... ولما عاد المغرب الى بيته الافريقي من الباب الواسع , زاد الحكم العسكراتي الجزائري اضطرابا وارتباكا كما عبّر عن ذلك ممثلها باندهاشه وارتعاشه وتسمّره في مقعده لحظة تهافت الحضور على تحية الملك اثر انهاء خطابه الباهر .. تروج الجزائر لهراء مفاده ان المغرب قادم من اجل التفرقة وتقسيم الاتحاد الافريقي , فلا تجد متجاوب معها حتى داخل جنوب افريقيا التي ترى بأم عينها كيف يقتحم المغرب خصومه ويحولهم الى اصدقاء اعزاء..ولم يبق بيد الجزائر الخائنة لحسن الجوار سوى دميتها التي تحركها في الكركرات من اجل ازعاج المغرب وجر جيشه الباسل الى الانزلاق , متوهمة ان المغرب سيسقط في احابيلها ومكائدها التي لا تجيد حبكها , ولن تنفعها امام دولة مغربية ضاربة في التاريخ والجغرافية وعازمة على استكمال وحدتها الترابية مهما طال الزمن واشتدت الصعاب..لكن هذا كله لا ينسينا ضرورة تكوين جبهة وطنية ديموقراطية سياسية وديبلوماسية واقتصادية ومجتمعية قوية , ليس لمواجهة الجزائرفقط ولكن لرفع كل التحديات الاقليمية والدولية

[email protected] منذ 8 سنوات

زيرو تعليق لحدود الثامنة و 45 دقيقة ليلا هذا افتراء لأنه منذ ثلاث ساعات أرسلت إليكم شخصيا تعليقا و لم ينشر لحد الآن مما يعني أنكم تمارسون الرقابة و الوصاية و في نفس الوقت تعدون التعاليق على التعليقات التي تقرر نشرها و ذلك بما يخدم توجهات موقعكم الإلكتروني و كان الله في حرية التعبير

azzine منذ 8 سنوات

سؤالك الأخير في نهاية مقالك و جوابك عنه غير صحيح لأن بلدا يعيش مثل ذلك الوصف الذي وصفته-إن كان ذلك حقيقياطبعا- يمكن أن يدفع في اتجاه كل الاختيارات.. على أن هذا ليس هو المهم بل العنوان و الخاتمة الذين اخترتهما لمقالك حيث من العيب أن تقارن جزائريين بالكلاب لا حاجة للتأكيد على أن دور الإعلام هو الدفع بالتقارب و التعاون بين الشعوب و الدول و ليس تغذية الكراهية والنزعات الشوفينية الإعلام الحقيقي دوره الدفاع عن السلم و ليس الدفع إلى الحروب التي لا يرجى منها خيرا مؤسف أن الدولة المغربية تعتمد مقاربة التنازلات و الحرص على عدم إشعال المنطقة و نفس الشيئ أعتقد بالنسبة للجزائر في حين أن معظم وسائل الإعلام في المغرب و الجزائر متخلفة و لا تعرف إلا لغة التصعيد الخاوي و اللعب على وتر الوطنية و القبلية لشحن الجمهور حيث كل منبر يختار من العناوين و التحليلات و الأخبار الكاذبة بما يدفع إلى التقاتل مقابل ربح بئيس يتمثل في استقطاب كمشات من القراء أو الزائرين للمواقع الإلكترونية .. حذار من الحروب فإنه لا يستفيد منها إلا تجار الأسلحة دولا كانوا أو شركات أما الشعوب فهي التي تؤدي الثمن غاليا بأبنائها و عمرانها و مستقبلها..و هذا ما يشاهده الجميع بشكل مباشر أو غير مباشر في القنوات التلفزية..

التالي