عقاقير للتخلص من ألم رأس اسمه بنكيران

12 مارس 2017 - 10:00

وماذا بعد.. أكملت البلاد شهرها الخامس، ودخلت في الشهر السادس بدون حكومة ولا برلمان ولا مؤسسات. كل شيء معلق على شماعة اسمها «البلوكاج»، ظاهرها اختلاف الأحزاب السياسية بشأن تركيبة الأغلبية، وباطنها رفض الدولة نتائج اقتراع السابع من أكتوبر، لنسمِّ الأشياء بمسمياتها، ونبتعد عن لغة الخشب التي لم تعد تلقى رواجا لدى الرأي العام، الذي مل الحديث عن مسرحية البلوكاج، وجملة: «أنتظر من أخنوش أن يرد علي وبعدها سأرفع الأمر إلى صاحب الأمر»، كما يقول ويردد رئيس الحكومة مع وقف التنفيذ، عبد الإله بنكيران.

لقد خسرت البلاد آلاف مناصب الشغل طيلة سنة من توقف العمل الحكومي (ستة أشهر قبل الانتخابات وستة أشهر بعد الانتخابات)، وخسر اقتصاد البلاد مليارات من الدولارات من الاستثمارات الداخلية والخارجية، وأكثر من هذا جرى المساس بالصورة التي كانت لدى المغرب في الخارج، باعتباره استثناء من القاعدة العربية، وبلادا تجرب طريقا ثالثا للإصلاح الديمقراطي في ظل الاستقرار.

سمعت سفيرا مغربيا في أوروبا يقول: «دبلوماسيتنا في الخارج لا تبيع سوى صورة البلد المستقر الذي يسير على سكة التحول الديمقراطي بثبات وسلاسة، وإذا جرى المساس بهذه الصورة فإننا سنخسر الكثير الكثير».. من يسمع مزاميرك يا داود.

بدأت معالم واحد من السيناريوهات تنجلي لعلاج «صداع الراس» الذي تسبب فيه بنكيران للسلطة، عندما ركب على ظهر الشارع قبل خمس سنوات، وتحول إلى زعيم سياسي، بما له وما عليه.. سياسي ملكي نعم، لكن على طريقته.. محافظ، لكنه إصلاحي.. يعرف قواعد دار المخزن، لكنه يعرف أهمية الشارع.

السيناريو مبني على إعادة الانتخابات في أكتوبر أو نونبر المقبلين، والاشتغال بحكومة تصريف الأعمال هذه إلى غاية حلول موعد الانتخابات الجديدة، والغرض من تمطيط عمر البلوكاج هذا هو إصابة أربعة عصافير بحجر واحد؛ العصفور الأول هو إعطاء وقت كافٍ لأخنوش من أجل ترميم الآلة الانتخابية لحزبه، وإعادة استقطاب الأعيان إلى بيت الزرق، وهذا ما شرع فيه الملياردير منذ شهرين، حيث استقطب وجوها من عالم الرياضة والإدارة والتجارة وتربية الأبقار… وبدأ يتحدث عن عدد الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها كل واحد من هؤلاء، وهذا مؤشر دال على أن عين أخنوش على انتخابات قريبة، فالمعروف أن الآلة الانتخابية la machine électorale في المغرب لا تبنى على بعد خمس سنوات من الانتخابات، لأنها ستتعرض للتلف أمام المتغيرات الحاصلة في المشهد السياسي.

العصفور الثاني المستهدف من وراء تمطيط عمر البلوكاج هو ضرب التصويت السياسي الذي ظهر جليا في انتخابات 2011 و2015 و2016، والذي بدأ يؤشر على سلوك انتخابي عقلاني يربط بين الصوت والرأي، فكلما طال عمر مسرحية البلوكاج، تتصور السلطة أن الناس يملون من متابعة السياسة، ويقنطون من الأمل في خروج حكومة من صناديق الاقتراع، ولهذا، فإن إطالة عمر الأزمة السياسية هدفها إبعاد الطبقة الوسطى في المدن عن صناديق اقتراع لا تصلح لشيء، وإخلاء المجال للأعيان لكي يرجعوا لتجارة الصوت مقابل المال، خاصة في المدن التي صار عدد سكانها أكثر من عدد سكان البادية، والباقي يتكفل به نمط الاقتراع والعتبة والترحال السياسي ومساعدة السلطة.

العصفور الثالث المستهدف بحجر البلوكاج هو عبد الإله بنكيران، الذي سيجد نفسه أمام مؤتمر حزبه في الخريف المقبل مضطرا إما إلى التقاعد السياسي، أو تغيير قانون الحزب للحصول على ولاية ثالثة على رأس الحزب، وفي كل الأحوال فإن الأمر لن يخلو من ارتباك للحزب الأول بالمغرب، خاصة أن هناك أصواتا من داخل المصباح بدأت تردد، ولو على استحياء، أن بنكيران أصبح مشكلة، وأن أسلوبه في إدارة المرحلة صب الزيت على النار.

أما العصفور الرابع المستهدف بحجر البلوكاج فهو حزب الاستقلال، الذي يعيش على إيقاع «حرب أهلية» وهو على بعد أيام من مؤتمره العام، بعدما جرى إقصاؤه من احتمال دخول الحكومة، وطرد زعيمه شباط من خانة المشروعية التي يضفيها القصر على زعماء الأحزاب السياسية، ولهذا ستجري عملية اقتسام إرثه الانتخابي بين الأحرار والبام إذا جرت الانتخابات في هذه الظروف التي يعيشها حزب قضى 15 سنة في الحكومة، من سنة 1998 إلى سنة 2013، وأصبح بناؤه التنظيمي وثقافته السياسية مرتبطين بالمشاركة لا بالمعارضة.. بالمنافع لا بالتضحيات.

هكذا يبدو أن السيناريو المرتقب للتخلص من العدالة والتنمية يرتكز على دمج الأحرار مع الاتحاد الدستوري في حزب واحد قبل التوجه إلى الانتخابات، وهجرة ما بين 50 و60 برلمانيا من الجرار إلى الحمامة، بعدما صارت مقاعد الأصالة والمعاصرة مقاعد نائمة وغير قابلة للتداول في بورصة السياسة، علاوة على المال السياسي الذي سيلعب لعبته في الانتخابات المقبلة إن جرت، والغرض أن تصل الحمامة، بمباركة من السلطة، إلى المرتبة الأولى، وبعدها تكون العقدة قد حلت.

هذه الحسابات على الورق تبدو متماسكة، لكن، على أرض الواقع، ربما تظهر أشياء أخرى «تفعفعها»، وأولها موقف بنكيران وحزبه، وهل سيشارك في انتخابات يعرف إطارها السياسي ونتائجها المسبقة أم لا؟ وموقف الناخبين، وهل سيستفزهم هذا السيناريو فيتوجهون إلى صناديق الاقتراع بكثافة أكبر، ويعطوا أصواتهم للحزب المستهدف أم لا؟ أما أهم نقطة يجب استحضارها بخصوص هذا السيناريو فهي الكلفة السياسية لنجاحه وليس لفشله، ومدى قدرة أخنوش على مجابهة تحديات الخمس سنوات المقبلة بحزب لا يتوفر على قاعدة اجتماعية، وزعيم مثل رأس الأصلع أينما ضربته يسيل دمه.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

مكرم منذ 8 سنوات

كان الرهان المخطط له في اللعبة هو إسقاط حزب العدالة والتنمية وعندما لم يتحقق ذلك المأمول أصبحت المؤامرة البديلة لاحتواء الانتكاسة التي لم تستوعب لحد الآن كالآتي : 1-إطالة هامش وزمن المشاورات 2- الارتباك والتردد والتخبط لعدم القدرة على سحب حق العدالة والتنمية في تشكيل الحكومة وبالتالي فإن السماح لها بالولادة يعني التخلي عن مساحات التحكم . 3- الحصول على المرتبة الأولى لا يعني تشكيل الحكومة دون رضا ومباركة الجهات المعلومة . 4- كل طموح للتمرد على الخطوط المرسومة مصيره الفشل. 5- إفراغ لحظة الانتصار ليصبح بطعم الهزيمة بربح مدة أطول . 6-إطالة زمن البلوكاج إلى حين التوصل إلى الخلطة المناسبة . 7- تورط الآلة التحكمية بحيث لا هي تملك جرأة الانخراط في منطق تنزيل الدستور بالسماح لبنكيران بتشكيل الحكومة ولا هي قادرة على تبرير الحرج الذي قد تفرضه عليها محاولة تجاوز بنكيران وحزبه .

hakim منذ 8 سنوات

je crois que tu ne comprend pas ce que se passe on t'a raconté une berceuse et tu nous la répète avec des pourcentage et des alliances avec un seul L. enfin en générale, tu dit n'importe quoi

hakim منذ 8 سنوات

هل يمكن أن تشرح لنا كيف سحق بن كيران الطبقة الوسطى ولا غير قالوا لك

RachidElhaj منذ 8 سنوات

السلام عليكم. الدولة العميقة (الهمة و رباعتو) لم تفلح في السيناريو الاول ان تخرج لنا رئيس حكومة اسمه ع.أخنوش. لهذا ستحاول مرة أخرى في السيناريو القادم بأي شكل من الأشكال تحقيق هذا الهدف.

Omar Drissi منذ 8 سنوات

Comme si vous le faites expres, si votre Benkirane a le soutien du peuple il n'a qu'à gouverner tout seul. Le peuple lui a donné une majorité relative, ca veut dire qu'il faut qu'il trouve des alliances. C'est comme ca qu'il faut voir les choses en démocratie. un parti meme avec 10% peut demander plusieurs porte-feuilles. Le problème, c'est que votre Benkirane est incapable de trouver des aliances. On en a mare de ces Pijidistes. est arreter de faire le porte parole de Benkirane et sa clique.

البوهالي منذ 8 سنوات

votaremos todos por SR BENKIRAN mil veces hasta que vencera por una majoria absoluta

mehdi منذ 8 سنوات

Mr toufik là tu va très loin.fait attention tu dévoile leur plan d'action pour les prochaines élections anticipées

ايمن منذ 8 سنوات

لا أستبعد ان يكون هناك مهندسون لمثل هذا السيناريو الرهيب و الخطير فالخوف كل الخوف ليس على سمعة البلاد و لكن على نظامها السياسي برمته حذار من اللعب بالنار !

ABOU SAMI منذ 8 سنوات

quels que soit les agissement des manipulateurs du blocage et je vous assure que l'oraganisation de nouvelles elections ne peut que confirmer la puissance du PJD à federer les voix d'une classe moyenne assez cosciente de l'obligation du changement par la voie démocratique et on ne va pas etre découragés par cette mascarade du blocage duelle que soit sa durée.

مغربي مكره في التحكم منذ 8 سنوات

صنوت على بي جي دي وكافة اسرتي كما سأقوم بالحملة لهذا الحزب واشجع كافة أصدقائي واهلي وجيراني وعائلتي الكبيرة والصغيرة ضدا في التحكم ولشكر واخنوش وضد الانتهازيين

أحمد حسن منذ 8 سنوات

إنـــنـــــا لـلعـهـد الـقـديـم لـراجـعـون... قالها علي لمرابط سنة 2003 في إحدى افتتاحياته في اسبوعبة "دومان". فكسر قلمه و جففوا محبرته. احترس يا "توفيق". واد الشراط و ما جاوره ينتظر المزيد من الأقلام التي أينعت و لا تغني سمفونية السرب. "كل شيء معلق على شماعة اسمها «البلوكاج»، ظاهرها اختلاف الأحزاب السياسية بشأن تركيبة الأغلبية، وباطنها رفض الدولة نتائج اقتراع السابع من أكتوبر......." أرجوك. أحبك كإنسان.....

مغربي منذ 8 سنوات

الحمد لله المغرب بخير، عندما نقرأ لكاتب مثل بوعشرين، ونقرأ لمستوى العالي لمتابعيه، فالمغرب بخير إن شاء الله. ولن يصيبنا مكروه و سوف ينقلب السحر على الساحر.

mustapha منذ 8 سنوات

Que les elections soient refaites. Ceci nous ne empechera pas de soutenir le PJD, s'il participe, il aura notre soutien, sinon, nous ne participerons pas à cette comedie. Mais, sincèrement, je souhaite qu'il ne participe plus a cette mascarade. Mieux encore, Benkirane devra quitter le maroc et se refugier à l'etranger en attendant des jours meilleurs...qui sait?

العصافير ... منذ 8 سنوات

لا اعتقد ان بنكيران سيعود الى المعارضة حسب ما ادعت بعض المنابر الاعلامية ، فلو كان قادرا على ذلك لفعل ، وماذا بمقدوره ان يقول للمغاربة ؟ هل سيقول لهم ساحارب الفساد ؟ من سيثق فيه بعد تجربة حكومية ... ؟ فاعادة الانتخابات امر غير ممكن ليس لأن بنكيران سيحصل على المرتبة الأولى وهذا الامر يفترض احتمالات , وانما المشكلة في الانتخابات في حد ذاتها لأن الأمر ليس بالشكل الذي عند الجارة اسبانيا ، فمن سياتي بالمغاربة الى صناديق الاقتراع فقد حاولت الدولة جاهدة بكل ما اوتيت لكي ترفع من نسبة المشاركة خلال التجربة السابقة لأنها تعرف جيدا ان المغاربة لا يتقون في العملية السياسية . اعتقد ان بنكيران سيشكل الحكومة وسيدفع الى ذلك وسيجد نفسه داخل الحكومة بنفس المكونات السابقة ... وبالنسبة للاتحاد الاشتراكي فبحسب سناريو كان مطروحا موقعه داخل المعارضة إلى جانب حزب الاستقلال الذي سيطلب منه ذلك حيث الحزب سيعرف تحولات داخلية بدأت إرهاصاتها تتبلور .... وهذا الأمر سيوفر ضرب عصافير عديدة أولاها الحفاظ على الصورة الاستثنائية للمغرب وثانيها استمرارية الدور الخدماتي في تمرير " الاصلاحات " المرتقبة ومزيدا من احتواء الحقل السياسي والاجتماعي ... أما باقي العصافير فهي ثانوية ...

إبراهيم اقنسوس منذ 8 سنوات

الذي حدث هو أن الناخبين هذه المرة عبروا عن آرائهم. ولم يكن من الممكن اخفاؤها أو التصرف فيها. فالزمن لم يعد هو الزمن. فما العمل. القبول بالنتائج طرية بلا تدخل أمر غيرممكن الآن. إذن الحل هو فسح المجال شاسعا لقراءة هذه النتائج. بما يفضي في النهاية إلى التخلص من تبعاتها السياسية وبلا تكلفة. مؤسف جدا أن نقف عند هذه الحدود.ويطول هذا الوقوف.

بوزيان منذ 8 سنوات

سنصوت بكل صبر و جلد و عناد لصالح بن كيران و حزبه ضدا على هذه الحكرة المخزنية لأرادة الشعب. ألسنا شعبا مثل شعوب الأرض التي اختارت التحضر و التعبير المتمدن؟ لماذا يردون سياستنا كالقطعان ثم يتحدثون عن الارهاب و الخراب ؟ إنهم هم زراعه أما الصناعة فبزاف عليهم... و لكننا لن نيأس من المشاركة السلمية الفاعلة رغما عن أنوفهم، حتى تنتصر الديمقراطية، هذا قدرنا.

كريم منذ 8 سنوات

مرحبا بالإنتخابات المبكرة سنزيد ألاف الاصوات بإدن الله . المغاربة فهموا قانون اللعبة جيدا

مصطفى منذ 8 سنوات

المقال يثير اشياء كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية آنية وآجلة , قريبة المدى واخرى بعيدة المدى , وتشغل الرأي العام بكل اطيافه ومكوناته ... فيما يخص البجيدي , هل الشرائح العريضة من المصوتين في المدن والبوادي , الذين يربطون بين الاسلام والبجيدي ويتعاطفون معه , ويرددون ان بنكيران "مخلّاوهش يخدم" وان ناسه ايديهم نظيفة , هل هؤلاء الضامنون لفوز البجيدي بالصف الاول في المستقبل سيظلون على وفائهم للبجيدي؟ وهل سيصوت العدليون ايضا لصالحهم؟ -الخنوشية : لقد استعملت الدولة كل الوسائل والاساليب الناعمة والخشنة , السرية والمفضوحة, الاحتيالية والساذجة للجم الاسلاميين ,ومحاصرتهم ,والتضييق عليهم ,وتشويههم, بل لازاحتهم , وآخرها الاخنوشية التي تتصور ان في امكانها ازاحة البجيدي عن طريق انتخابات يتم اختيار شكلها وزمانها وهندسة الهيئة الناخبة , الى غير ذلك من الاساليب والتخريجات التي لا يعي واضعوها ومستخدموها من دار المخزن ان الشعب له من الوعي الكافي للتصويت او عدم التصويت ضدا على الظلم وعلى المتسببين في القهر والبطالة والفقر وكل مظاهر التخلف

mahmom منذ 8 سنوات

akhanoch=khnona

رشيد منذ 8 سنوات

اعتقد ان حامي الملة والدين عاى علم بهذا كله ،ادا لم يضع حدا لكل هده التفاهات سيصير هو المشكل ولن يكون بينه وبين الشارع حجاب

احد منذ 8 سنوات

الطبقة الوسطى حتى بن كيران لا يعول عليها لانه سحقها بكل بساطة فهي لن تصوت لا لهدا او داك و الله اعلم

marocain منذ 8 سنوات

Ils font ce qu ils veulent. Ce que dit un proverbe, LI FRAH JMEL FRAS JAMALA. Akhanouch et sa politique est mort cliniquement. Les milliards d akhanouch n intéressent plus les marocains. Akhanouh et son parti, ses amis du MP, de l UC, de l USFP et même de ce tracteur ne changeront rien et rien. Je leur propose e dissoudre ces 5 partis et créer un seul parti qui prendra l nom de (A.L.L.S.A.) ça veut dire (akhanouch-laansser-lechguer-sajid-ammari) s ils veulent combattre le PJD

aziz منذ 8 سنوات

"اللي يحسب بوحدو يشيطلو" أنا شخصيا سأتكفل بصوتي وصوت قبيلتي ضد إرادة المخزن المفعفع ولن أستسلم لسوق السياسة التي يقودها حزب الفعفاعين حتى ولو أنفقوا ثروتهم كلها في شراء الأصوات.

التالي