كلفة تنازلات العثماني.. إغلاق قوس الربيع المغربي وتهديد لوحدة "البيجيدي"

08 أبريل 2017 - 18:30

خلّفت تنازلات العثماني، التي قدّمها للقصر مقابل تشكيل الحكومة في ظرف قياسي لا يتعدى 19 يوما، غضبا عارما وسط حزب العدالة والتنمية ووسط الرأي العام والنخب الديمقراطية، وظهر أن تنازلاته كانت بدون حدود، استجاب فيها لضغوطات خصوم حزبه.

مخرجات العملية كاملة أكدت أن العثماني تخلى تماما عن منهجية بنكيران التي أقرّتها الأمانة العامة في بيانات متتالية، واختار الاستجابة لكل ما اعترض عليه بنكيران، بدءا من الموافقة على قبول الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، مرورا بالموافقة على استوزار أشخاص لديهم صورة سلبية لدى الرأي العام، وانتهاء بتسليم حكومة، يفترض فيها أن تكون سياسية وتعبر عن نتائج انتخابات 7 أكتوبر، إلى التقنوقراط ورجال الأعمال، الذين عادت السلطات إلى إحدى عاداتها القديمة بصبغهم بألوان بعض الأحزاب.

فهل تؤثر تنازلات العثماني سلبا على قوة وتماسك حزب العدالة والتنمية؟ وما أثرها على التراكم الديمقراطي؟

يعتبر عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق سطات، أن حكومة العثماني جاءت نتيجة ثلاثة تنازلات سيكون لها ما بعدها؛ الأول أن الحكومة لا تعبر عن الإرادة الشعبية كما تم التعبير عنها في انتخابات 7 أكتوبر، أما الثاني فيتمثل في خسارة ما يسمى بالاستثناء المغربي، وإغلاق القوس الديمقراطي. ثالثا، المسّ باستقلالية القرار الحزبي، حيث إن الأمانة العامة والمجلس الوطني وضعا أمام اختيارات صعبة، إذ إن الدولة استغلت قوتها وفرضت أسلوبا معينا في التفاوض.

أما أثر ذلك على تماسك الحزب وقوته، فيرى كمال قصير، كاتب وباحث سياسي، أنه «انطلاقا من النقاشات الحادة التي عرفتها ساحة الفايسبوك والإعلام، يمكن القول إنه حتى لو حافظ حزب العدالة والتنمية على تماسكه، كان سيفرز خطوطا مغايرة في ما يخص إدارة المرحلة المقبلة، وهذا هو التحدي الكبير». قصير يؤكد أن «فترة بنكيران اتسمت بالإجماع السياسي، وتطابق قرارات الحزب مع اختيارات مناضليه، لكن مع العثماني يبدو أن الإجماع المؤسسي تعرض للاختراق، وربما لهزة».

في المقابل، يرى اليونسي أن تنازلات العثماني «قد يكون لها، دون شك، تأثير سلبي على الحزب، لكن ذلك سيكون محدودا وربما هامشيا»، ويضيف اليونسي أن «قوة حزب العدالة والتنمية تكمن في أنه حزب غير قائم على الأفراد، بل هو تجمع حول فكرة ومنهج إصلاحي». والمجتمع، كما النخب، «يعي جيدا أن الحزب دخل هذه الحكومة مكرها».

قد تكون هناك جهات داخل الدولة أو في الأحزاب تعوّل على إحداث شرخ في الحزب، لكن هذا يبقى مستبعدا جدا، بالنظر إلى مرجعيته التي تحث على الوحدة وتنبذ الفرقة، وبالنظر إلى حساسيته المفرطة تجاه أي محاولة للمسّ بوحدته. وبالرجوع إلى المواقف التي عبّرت عنها بعض قيادات حزب العدالة والتنمية تجاه تنازلات العثماني، نعثر على منحى آخر في التفكير يتجه إلى البحث عن الخيارات الكفيلة بتخفيض الخسائر جرّاء تلك التنازلات، وظهرت منها حتى الآن فكرة وضع مسافة بين الحكومة والحزب خلال المرحلة المقبلة.

عبد الصمد سكال، مدير التنظيم الحزبي والتواصل الداخلي، كان من بين من طرحوا هذا الخيار، وذلك قبل أن يعلن العثماني تشكيل حكومته، حيث يقول: «بغض النظر عن التفاصيل النهائية للحكومة، فالأكيد أنه يتوجب العمل على وضع مسافة إزاءها من طرف الحزب، والاشتغال على الحد من الخسائر، والتحضير الجيد للمرحلة المقبلة».

لكن، حتى وإن استطاع حزب العدالة والتنمية الحد من خسائره، فإن المؤكد أن مصداقيته لدى النخب الديمقراطية من خارجه قد تعرضت للاهتزاز. لقد سعى بنكيران إلى بناء توافق سياسي بين أحزاب سياسية، كما استطاع تعبئة فاعلين سياسيين وجامعيين وحقوقيين من اليسار خاصة حول الهدف نفسه، أي بناء جبهة ديمقراطية في مواجهة سلطوية الدولة، لكن، يبدو أن كل ذلك سيكون مآله النسيان مع العثماني.

فعلى النقيض من ذلك، يتجه العثماني ربما إلى بناء تصور جديد، خلال المرحلة المقبلة، لا مكان فيه للجبهة الديمقراطية، حتى ولو تم الاحتفاظ بهذا الشعار في وثائق الحزب. لقد سبق أن أكد بنكيران أن قرار إعفائه من قبل الملك محمد السادس، وتعيين العثماني بديلا له، يعني «انتهاء مرحلة وبداية أخرى»، ويبدو أن القصد من وراء ذلك هو نهاية خط سياسي قائم على مواجهة السلطوية والعمل على إرساء دعائم الديمقراطية، وبداية خط سياسي آخر بدون عنوان حتى الآن.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

اسقاط المخزن منذ 8 سنوات

مهما طال الزمن او قصر ، فان كما يقال حبل الكذب قصير ، وفي المغرب كان الكثيرون يكذبون عن بعضهم و يكذبون حتى على انفسهم، بالقول ان الملك سيساعدهم و سيفعل لهم كذا و كذا و كذا، و كل مرة يظهر الملك وجهه الحقيقي يتعامى البعض و يتحسر البعض لكن الى متى ، قالها لكم في 2003بصريح العبارة المغاربة ليس لهم حقوق حتى يعطوا الواجبات لعصابته عصابة المخزن ،و شبه ربيع مطالاباتكم بحقوقكم و حريتكم بالخريف الذي ما لبث ان قتل حتى الخريف و بصق عليه بفرضه لارادة الفساد و الاجرام رغم انف المغاربة الذين صوتوا ضد الفساد و ملك الفساد و ليتمتع بلحظة الانتصار على المغاربة اخذ عائلته و سافر للتمتع بقمع المغاربة على شواطئ كوبا. كم من مرة نرى المغاربة المقيمين بالخارج يتذللون للملك و تبح اصواتهم بهتافتهم له و عندما يعودون لمواجهة فساد المخزن تراهم يتباكون و يناشدون الملك الذي لا يعبرهم بشيئ بل امرهم بعدم المزايدة و القبول بالفساد في كل مكان واصبح حتى من يقبل ان يلعق حذائه رغبة في اي حل لكسب لقمة العيش يقابله الملك بثلاث سنوات سجنا و غضبة يخافها البعض اكثر من الخوف من غضب الله ، وا حسرتي على المغربي ، وا حسرتي على بلادي

الطاوسي منذ 8 سنوات

الكل يغفل او يتغافل ان الحزب كسائر الأحزاب المغربية وما عرفه من عدد المريدين سبق ان عرفه الاتحاد الاشتراكي بعد التأسيس والتعاطف الجماهيري الذي احرزه ويتذكر الجميع انبعد خطابات عبد الرحيم بوعبيد ونوبية الأموي خلال فاتح ماي الارض كانت تتحرك تحت اقدام وزارة الداخلية...انها مرحلة وستكون اقصر من مرحلة الإتحاد .والمخزن اشتغل بجدية كبيرة ليجد تهذه التهريجية العثمانية في الوقت الدي كان فيه بنكيران معتكفا بحي الليمون مكونات المخزن كانت تطبخ طجين البطاطة والزيوت مع من كانوا يضربون البندير لبن كيران.....والحزب يرى البعض انه قوي متماسك لكن الحقيقة انه كان خاضعا لدكتاتورية بنكيران الدبكات يأمر بالخضوع وينهى عن الكلام حتى انفجروا بعدما قدم لهم المخزنخدمة كبيرة باعفاءبنكيران من الكلام....

passager منذ 8 سنوات

parcequ'il est arrive 6 mois en retard

الله الوطن الملك منذ 8 سنوات

حكمتم على الفريق الوطني قبل انطلاق كءس افريقيا وتحكمون على الدكتور العثماني قبل ان يبدء حتىالمشاورات والغريب تتكلمون باسم الرءي العام!!!!!!!

متتبع منذ 8 سنوات

عبد الحفيظ اليونسي هو مناضل في حزب العدالة والتنمية قبل أن يكون استاذا لرجاءا لا تضحكوا علينا

التالي