مذكرات.. تفاصيل محاولة توريط الشعبي في الشهادة ضد خالد الودغيري

14 يونيو 2017 - 00:20

في سنة 2008، وجد ميلود الشعبي نفسه في قلب الحرب التي اندلعت ضد المدير العام السابق للتجاري وفا بنك، خالد الودغيري، والتي انتهت بإدانة هذا الأخير غيابيا، لكن الشعبي رفض الرضوخ للضغوط من أجل الإدلاء بتصريحات ضد الودغيري، ما عرضه لمعاملة قاسية من طرف قاضي التحقيق.

القضية تتعلق بنزاع اندلع بين رجل الأعمال عبد الكريم بوفتاس والتجاري وفا بنك، وهو ملف يعود إلى سنوات التسعينات حين كان بوفتاس يدير عدة شركات، حيث كان من زبناء البنك التجاري المغربي (قبل اندماجه مع بنك الوفاء). فقد حصل فوفتاس على قرض من البنك بمبلغ 17 مليار سنتيم، ولكنه تأخر في دفع مستحقات البنك، فجرت مفاوضات بين الطرفين لاسترجاع أموال البنك من خلال عدة إجراءات، أولها وضع رهن عقاري لدى البنك، ثانيا، الاتفاق على خصم 15 في المائة من قيمة القرض مع إعادة جدولة الديون، وتم الاتفاق على تسوية الملف قبل نهاية عام 2002، لكن المشكل لم تتم تسويته إلى أن تم تعيين خالد الودغيري كرئيس للبنك.

تم إطلاق مفاوضات جديدة مع بوفتاس، وتم التوصل خلالها، سنة 2004، إلى اتفاق تم بموجبه تفويت قطعة أرضية في ملكية بوفتاس إلى التجاري وفا بنك، مع إمكانية إعادتها إليه مقابل تسديده للدين أو إيجاده لمشتري للأرض. وهنا سيبرز اسم ميلود الشعبي، الذي علم عن طريق البنك سنة 2005 بموضوع الأرض، وقدم عرضه لشرائها لعبد الكريم بوفتاس، وجرى الاتفاق على سعر البيع بمبلغ 28 مليار سنتيم، يأخذ منه البنك مستحقاته بقيمة 17 مليار سنتيم، ويحصل بوفتاس على المبلغ المتبقي. كانت الأمور تجري بشكل عاد، حيث أشرف موثق على العملية. لكن المشكل اندلع عندما قرر بوفتاس، سنة 2008، رفع شكاية لدى المحكمة التجارية بالدار البيضاء ضد مجهول، يتهم فيها « جهات » بالضغط عليه ليبيع أرضه، واتهم هذه الجهات بتلقي رشوة من طرفه تبلغ ملياري سنتيم من أجل خفض مبلغ القرض بـ20 في المائة. كان يظهر أن خالد الودغيري هو المقصود بالاتهام، لكن هذا الأخير كان قد غادر المغرب بعد تقديمه استقالته، وانتقل للعمل في بنك « الجزيرة » بجدة.

عرضت الشكاية على قاضي التحقيق بالدار البيضاء، الذي حرك المتابعة ضد الودغيري، متهما إياه بالحصول على رشوة من الشعبي بقيمة 20 مليون درهم، مقابل الضغط على بوفتاس لبيع أرضه له. وأصدر القاضي مذكرة اعتقال في حقه لجلبه من السعودية، لكن بما أن زوجته فرنسية فقد هرب إلى باريس واستقر هناك.

كانت الحلقة الأهم في هذا الملف هي شهادة ميلود الشعبي نفسه، ولهذا استدعاه قاضي التحقيق إلى مكتبه. قبل ذلك استدعت المحكمة مسؤولين كبار في البنك للشهادة ضد الودغيري، فأكدوا عدم علمهم بأمر الرشوة. حضر ميلود الشعبي في الساعة التاسعة صباحا إلى مكتب قاضي التحقيق، وسأله عن موضوع الرشوة، فرد الشعبي بأنه لم يقدم أي رشوة، وأنه علم بموضوع الأرض فقدم عرضه لبوفتاس، وأن البنك لم يكن له أي دور.

لم تكن هذه الشهادة كافية، فقرر قاضي التحقيق إرسال الشعبي إلى غرفة صغيرة وطلب منه الانتظار حوالي تسع ساعات، رغم أن عمر الشعبي كان يناهز الثمانين سنة. وفي مساء نفس اليوم، أعاد استقباله، وطلب منه الحديث عن الرشوة التي قدمها للودغيري، لكن الشعبي تشبث بأقواله، ما جعل قاضي التحقيق يقول له بطريقة غير لبقة « سير فحالك »، ومنذ ذلك الحين لم يتم استدعاء الشعبي مجددا في هذا الملف، لكن الودغيري حكم عليه بـ10 سنوات سجنا غيابيا، وفي الاستئناف ارتفعت العقوبة إلى 15 سنة، قبل أن يتدخل الملك لإصدار عفو ملكي عنه.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي