-->

يوم وصف موخيكا الفيفا بـ"أبناء العاهرة" دعما لسواريز

14 يونيو 2017 - 01:00

في أواسط 2014، اقترب موعد انتهاء الولاية الرئاسية لموخيكا، لكن شهرته كرئيس تمر بأفضل أحوالها، لاسيما أنه لم تعد تفصل عن موعد إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للسلام سوى أربعة شهور، وكان هو من بين المرشحين. كان مستشاروه ينصحونه بتجنب كل ما من شأنه أن يؤثر على ترشحه، لكنه لم يكن يسمع النصائح. « سنذهب إلى المطار »، أمر سائقه، ملحا: « سنذهب الآن ». لم يحاول الاستفسار حتى حول هل التوقيت مناسب.

عندما وصل إلى المطار الدولي كاراسكو بالعاصمة « مونتيفيودبو » (الأوروغواي)، حوالي الساعة الثامنة مساء يوم 26 يونيو 2014، انتظر بضع الدقائق، قبل أن يخبره موظفو المطار أن لويس سواريز، لاعب منتخب الأوروغواي وبرشلونة حاليا، لم يقلع بعد من مطار « ناتال » بالبرازيل في إطار رحلة العودة إلى بلده، بعد أن كان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد عاقبه في كأس العالم بالبرازيل 2014، بإبعاده عن الملاعب لـ9 مباريات عن المنتخب، وأربعة أخريات عن فريقه برشلونة، بعد العضة الشهيرة للمدافع الإيطالي « كيليني »، والتي جرت على « سواريز » انتقادات العالم.

موخيكا لم يكن يهتم بما يقال في العالم حول سواريز، لذلك قرر استقباله كما لو أنه ضحية أو بطل. المفاجأة هو أن سواريز لم يصل في تلك الليلة إلى المطار، لينصرف الرئيس إلى منزله، حيث نام بضع ساعات، قبل أن يعود في الصباح إلى المطار لاستقبال سواريز عند النزول من الطائرة. كان يرغب في رؤيته مهما كلفه ذلك. وصل اللاعب وعانقه موخيكا بحرارة، وطلب منه الإقامة معه في البيت الرئاسي لبضعة أيام (بهدف تجاوز الأزمة النفسية بسبب عقوبة الفيفا).

بدوره شكر سواريز الرئيس على الالتفاتة قائلا: « أشكرك كثيرا سيدي الرئيس. لا أستطيع أن أصدق أنك تنتظرني هنا رغم برودة الجو. لم يكن من الضروري أن تتعب نفسك ». فيما رد عليه الرئيس قائلا: « كنت أرغب في تحفيزك على تجاوز العاصفة. انظر، كل العواصف تمر. فقط يجب الآن أن ترتاح ».

بعد أسبوع من استقبال سواريز، عاد الرئيس ليستقبل مجددا منتخب بلاده بعد خروجه من ثمن نهائي كأس العالم ضد فريق كولومبيا. الصحافي سيرخيو كورزي الذي كان يسافر في نفس الطائرة التي كان فيها منتخب الأوروغواي تصادف مع الرئيس موخيكا عند الخروج من الطائرة، شغل الكاميرا وسأل الرئيس عن رأيه في الفيفا. لكن عفوية الرئيس دفعته للإجابة بالقول: « هم حفنة من العجزة، أبناء العاهرات ». لم يكن يعرف الرئيس أنه يتم تسجيل تعليقه. وعندما انتبه إلى ذلك وضع يده على ثغره وابتسم، لكنه سمح بنشر ما تلفظ به.

لا يبدو أن السماح بنشر ما تلفظ به كان قرارا حكيما في تلك السنة التي طبقت فيها شهرته الآفاق مع إمكانية نيل جائزة نوبل للسلام. أغلب ساكنة الأوروغواي كانوا يشاطرونه السب الذي تلفظ به، لكن في العالم اهتزت صورته كرئيس سلمي وتوافقي. لهذا طلب منه مستشاروه تقديم الاعتذار. « لم تفهمون، لن أدع شخصا مثل سواريز لوحده »، كانت حجته على رفضه الاعتذار. في الواقع، لم يتلفظ بما تلفظ به من أجل كرة القدم.. الرجل يستمتع بكرة القدم، لكن ليس متعصبا. قد يتابع المقابلات ويعلق على لقطة أو هدف، لكن ما يهمه أكثر هو ما لا يرى في الملعب: الحركية الاجتماعية التي تسمح بها كرة القدم، وهذا ما يمثله سواريز وبشكل جيد.

يعرف موخيكا قصة سواريز، لهذا يدافع عنه ويبرر دعمه له. يحب أن يرى كيف أن أشخاصا رأوا النور في الفقر وتمكنوا من أن يصبحوا أفضل اللاعبين في العالم ويتجاوزوا واقعهم، هو نوع من الإحساس بأن الشارع يفرض نفسه على كبريات الجامعات. يحترم الأشخاص الذين يبحثون عن مسارات بديلة، رغم أنها قد لا تكون صحيحة. « سواريز محارب صعد من الأسفل وصنع نفسه. أعرفه جيدا »، قال لنا موخيكا سنة 2010.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي