أثار المؤتمر الذي ينتظر أن يعقده الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شهر ماي المقبل، لانتخاب رئيسه الجديد، جدلا ونقاشات قلما تثيرها المنظمة الممثلة لجسم «الباطرونا». اهتمام برز بشكل لافت بمجرد إعلان «ترشح» صلاح الدين مزوار لشغل هذا المنصب. قد يقول قائل إن الأمر شأن داخلي لهيئة خاصة. وقد يقول آخر إن الأمر يتعلق بناد للكبار، الأثرياء ومالكي رؤوس الأموال، وبالتالي، ما شأننا وشأن المجتمع بمثل هذا النقاش؟
أول ما يجب التنبيه إليه، هو أن الأمر هنا لا يرتبط بشخص هذا المرشح أو ذاك. السرّ هنا يكمن في السياق الذي جاء فيه هذا المؤتمر. هذا السياق يتّسم بالقلق واستشعار وجود رغبة ما لقتل كل ما يجسد الحياة المؤسساتية والديمقراطية السليمة. لا أعتقد أن الاهتمام نفسه كان سيبرز لو ترشح مزوار لرئاسة هيئة يسلّم الجميع بارتهانها لإرادات فوقية، في سياق يعرف عملية انتخابية عادية ومؤسسات طبيعية. وردود الفعل التي ارتبطت باسم مزوار لا يمكن فصلها عن كل ما عشناه في العامين الأخيرين.
فالرجل الذي سحب من مزوار مقعد رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار، بين عشية وضحاها، هو صاحب الكلمة الأخيرة في مصير مناصب ومسؤوليات حيوية واستراتيجية. هل هناك من يمكنه إنكار الدور الحاسم الذي لعبه وزير الفلاحة الحالي في تحديد من يشغل منصب رئيس الحكومة؟ هل يجهل أحد أن الرجل نفسه كان وراء تنصيب الحبيب المالكي على رأس مجلس النواب، إلى درجة أنه رفض «هدية» بنكيران منح هذا المنصب لحزب الحمامة؟ هل يخفى على أحد أنه هو من صنع مصير حزب الاستقلال الحالي، برفعه الفيتو في وجه دخوله إلى الحكومة، وتمهيده «الحْركة» التي انتهت بإسقاط شباط من قيادته؟ هل؟ وهل؟ وهل؟
إن المنظمات الممثلة لأرباب المقاولات ليست مجرد نادٍ تجتمع فيه النخبة الاقتصادية المقربة من السلطة، بل الأمر يتعلق بمؤسسة لعبت أدوارا سياسية واجتماعية حيوية في المجتمعات التي رست سفينتها على بر الديمقراطية. وفي حالتنا اليوم، يكفي أن نتخيّل جلسة للحوار الاجتماعي، مثلا، تجمع أخنوش عن الحكومة، ومزوار عن الباطرونا، ونقابيا مثل الأمين العام للاتحاد العام للشغالين، الذي فتحت القوات العمومية الطريق أمامه لإزاحة شباط. لنتخيل فقط أزمة اجتماعية، لا قدّر الله، تباغتنا ونحن أمام رئيس حكومة لم يقتنع نصف حزبه على الأقل بما يفترض أنه يحمله كمشروع سياسي، ورئيس برلمان انتخب في لحظة «الحزّة»، وشركاء اجتماعيين، من نقابات وباطرونا، يشك الجميع في استقلالية قرارهم. إن الاستقرار السياسي، الذي يعتبر رأسمالا ثمينا بالنسبة إلى المغرب، لن يكون له أي عائد تنموي في غياب سيادة القانون ومؤسسات فعلية وسوق مقنن وقضاء مستقل ونزيه.
هناك حديث نبوي بليغ تتقاطع فيه السوسيولوجيا والأنتروبولوجيا وعلم السياسة، ويلخّص القواعد الذهبية للتعايش، وما يتطلبه من توازن وحرص جماعي على المصير الواحد. يتعلّق الأمر بحديث السفينة التي توزع ركابها بين من استقروا في أعلاها ومن كان نصيبهم التموقع أسفلها، «فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجحوا ونجوا جميعا». هذا النص وحده يكفي لاستلهام الدروس حول وحدة مصير ركاب السفينة، وارتباط كل منهم بمراعاة مصالح الأطراف الأخرى، لأنها في النهاية مصالح جماعية، إلا إذا كان هناك من يرى في نفسه «السيّد الخضر» في هذا الزمان.
فرفقا بالسفينة.
شريط الأخبار
« كاف » يحدد موعد نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية
النيابة العامة تطالب بسجن المدرب السابق للمنتخب النسوي الإسباني على خلفية قضية القبلة القسرية
ثلاثون شابا يستفيدون من ورشة للتصوير الفوتوغرافي بسلا
تجمع دعم العائلات المغربية المطرودة من الجزائر يستعد لتخليد ذكرى المأساة
بولندا وأوكرانيا يكملان عقد المتأهلين إلى بطولة أمم أوروبا 2024
منح شهادة الجودة للمعهد الوطني للصحة
فوزي لقجع يترأس ملتقى مفتشي الملاعب بالرباط المنظم من طرف « كاف »
الوقاية المدنية تنتشل جثة تلميذ قضى غرقا في قناة للري ضواحي أزيلال
مدرب منتخب الجزائر لأقل من 20 سنة يصفع عددا من لاعبيه في مشهد عنف غير مألوف
العادات والتقاليد المتوارثة في الجنوب محور إصدار جديد من مجلة « سلسلة تراث »
رفقا بالسفينة
20 أبريل 2018 - 12:03