مقالع استخراج الصخور تحول حياة ساكنة إلى عذاب

14 سبتمبر 2018 - 06:05

يعيش سكان قرى إقليم “فحص أنجرة” ضواحي مدينة طنجة، طقوسا من العذاب في حياتهم اليومية، بسبب مقالع استخراج الصخور من جبال المنطقة بشكل مفرط، حيث أصبحوا يعيشون حصارا قسريا داخل منازلهم، نتيجة الغبار الكثيف الذي يتطاير من موقع “الكاريانات” في أرجاء المكان، الأمر الذي جعلهم محرومين من عيش حياتهم بشكل طبيعي، دون أن تتدخل الوزارة المعنية ولا أي مسؤول حكومي لرفع هذه الأضرار الخطيرة على الإنسان والبيئة.

قرية “جبل حجام” التي يقطن بها أزيد من 700 نسمة، واحدة من المناطق المنكوبة في إقليم «فحص أنجرة»، بسبب مجاورتها لمقلع استخراج الحجارة، إذ ليس دوي الانفجارات في “الكاريان” وأصوات الآليات العملاقة من تتسبب في معاناتهم، بل حتى الشاحنات الكبيرة تضاعف صعوبة حياتهم اليومية، بحسب ما صرح به سكان المنطقة في حديث جمعهم بـ “أخبار اليوم”، ذلك أن رحلاتها تبدأ في الساعة السادسة صباحا من وإلى مكان المقلع، ولا تتوقف إلا بعد حلول الظلام.

أكثر من ذلك، تضيف مصادر الجريدة، أن هذه الشاحنات التي لا تتوقف جيئة وذهابا على مدار الساعة، يخلف مرورها غبارا كثيفا في الهواء، الشيء الذي يحرمهم من نشر ملابس الغسيل في الأسطح، كما يحرم أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة وحقهم في اللعب بكل حرية، إذ يخشى عليهم آباؤهم  من تعرضهم لحوادث دهس من الشاحنات، مثلما يقع لأبقارهم ومواشيهم التي تعبر الطريق الرابطة بين المركز و”كاريان” جبل حجام.

وبحسب المصادر نفسها، فإن هذه المقالع التي تدر على أصحابها الملايير مقابل الفتات للجماعات المحلية، يتسبب الغبار الكثيف المنبعث من ركام الصخور والأحجار، في تلويث الآبار ومختلف مصادر المياه، كما يتلف مزارع الفلاحين الصغار ومغروساتهم من الأشجار، وهو ما يحتاج تدخلا عاجلا من كتابة الدولة المكلفة بالبيئة، ووزارة الداخلية، لحماية السكان من بطش أصحاب الكاريانات.

من جهة أخرى، أبرزت المصادر نفسها أن “غطرسة” صاحب مقلع “جبل حجام”، وصلت لدرجة حرمان ذوي حقوق أحد العمال ضحايا حادث شغل مميت، من حقهم  في التعويض عن الضرر الذي لحق رب أسرة مكونة من زوجة وأربعة أطفال، بعد أن لقي حتفه داخل “ماكينة” لتفتيت الأحجار، الأمر الذي دفع زوجة الهالك مؤخرا إلى تنفيذ اعتصام وسط الطريق احتجاجا على تماطل الشركة المستغلة للمقلع في صرف مستحقات زوجها.

ويرى متتبعون للشأن المحلي أن هذه التجاوزات والخروقات التي يقوم بها أصحاب المقالع، سواء في قرية “جبل حجام” أو “بولعايشيش”، وكذا في “ثلاثاء تاغرامت”، تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الجهات التي تحمي أصحاب المقالع، والتي تشتغل خارج توقيت دوام العمل، وتخالف المقتضيات المتعلقة بحماية البيئة، وتتسبب في أضرار مادية مباشرة على حياة الإنسان.

والأكثر إثارة للانتباه في قضية الكاريانات العشوائية في إقليم فحص أنجرة، هو صمت المنتخبين وممثلي الساكنة المحلية، ما يطرح شبهة تواطؤ محتمل، أو التغاضي المشبوه، ولا يمكن تصنيفه خارج هذين الاحتمالين، وفق المصادر التي تحدثت إلى الجريدة، في حين بحت حناجر شباب المنطقة في عدة وقفات احتجاجية تنديدا بالوضع الخطير، ومطالبة بتنمية حقيقية عوض استنزاف الثروات الطبيعية على حساب الإنسان والحيوان والبيئة.

وكانت هيئة حقوقية حذرت مؤخرا في بيان لها، من الخطورة التي تشكلها مقالع الحجارة التي تستغل عشوائيا في الإقليم، واعتبرت العصبة المغربية لحقوق الإنسان، أنه لم تعد هناك أية ضرورة لاستمرار استغلال مقالع استخراج الصخور، بعد انتهاء أشغال تهيئة موانئ طنجة المتوسط وباقي المرافق الملحقة له.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التالي