بعد 5 سنوات من تطبيق السلطات المغربية « سياسة الهجرة الإنسانية الجديدة » التي أُعْلنَ عنها سنة 2013، كشف تقرير موسع ومثير قدمته مجموعة مواكبة الأجانب والمهاجرين في المغرب، أن وضعية المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء ازدادت تدهورا، كما أن عمليات الترحيل في الأيام الأخيرة تمت في ظروف لا تحترم حقوق الإنسان ولا السّلامة البدنية للأشخاص المستهدفين، بمن فيهم النّساء والقاصرون والأشخاص المعنيون بالحماية الدّولية. وأضاف أن الظروف التي تم فيها اعتقال المهاجرين الأفارقة تعتبر « عارا على المملكة المغربية في السياق الحالي ».
التقرير الذي تم تقديمه يوم الخميس الماضي بالرباط استند على عدّة شهادات تمّ سردها في مذكّرة « عمليات ترحيل مجّانية »، من خلال زيارات ميدانية قام بها فريق البحث. إذ أوضح أن عملية الترحيل من الشمال إلى وسط وجنوب المملكة انطلقت شهر يوليوز الماضي وتسببت في وفاة شخصين دون توضيح السّلطات لملابسات ذلك. وأبرز أن عملية الترحيل تمت خارج أي إطار قانوني. كما أن كلّ الشّهادات تعكس انتهاكا صريحا وواضحا للحقوق المرتبطة بالأجانب. وضرب المثل بالصعوبة التي كان يواجهها المهاجرون بعد اعتقالهم في الحصول على « الطعام والولوج إلى المراحيض، وانعدام شروط ملائمة للنوم، والعنف اليومي وخصوصا أثناء مواجهة كل رفض لعملية الترحيل، والعديد من الجرحى والمرضى الذين تم احتجازهم بدون تقديم أي مساعدة ».
التقرير أوضح، كذلك، أنه منذ يوليوز الماضي، قامت السلطات المغربية بترحيل 7700 مهاجر إفريقي من الشمال إلى وسط وجنوب المملكة، من بينهم قاصرون ونساء، لاسيما إلى مدينة تزنيت. وأردف، كذلك، وجود مرحلين إلى بلدانهم الأصلية، بحيث بلغ العدد 89 مرحلا على الأقل، من بينهم 6 قارصين. التقرير حذر من كون هذه الخروقات تمارس في إطار سياق متوتر تزكيه الحملات الإعلامية المرتبطة بالهجرة غير المنظمة التي بدأت منذ هذا الصيف. كما تطرق إلى حادث إطلاق الرصاص على المهاجرين الذين يبحرون صوب السواحل الإسبانية قائلا: « كما تابعنا بكل أسف الحادثة المأساوية التي أدت إلى وفاة شابة مغربية بعد رميها بالرصاص الحي من طرف البحرية الملكية، في محاولة لعبورها لمضيق جبل طارق وإعادة نفس الحادث يوم التاسع من أكتوبر ونحن ننهي هذه المذكرة »، مبينا أن « كل هذه الأحداث تعكس بالملموس السياسة الأمنية التي ينهجها المغرب اليوم بوضوح في مجال الهجرة ». « غاديم » ذكرت المهتمين بقضايا الهجرة بتقريرها السابق الذي أكدت فيه أن المغرب اليوم يلعب لعبة خطيرة ومتناقضة بنهج سياسة قمعية وعنيفة تجاه الأجانب والمهاجرين الموجودين على أراضيه، في مقابل تقديم نفسه رياديا في ملف الهجرة داخل الاﺗﺤﺎد الإﻓﺮﻳﻘﻲ، وهو الوضع الذي ﻳﺤﺎول اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻪ ﺑﻘﻮة في علاقته مع إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ استجابة لمصالحه الخارجية.
بعد خمس سنوات من إعلان السياسة الجديدة للهجرة، حان الوقت للتوضيح أن المملكة، التي عادت للاتحاد الأفريقي في عام 2017، مصممة على الاضطلاع بدورها « الريادي » الأفريقي في قضايا الهجرة، من خلال كونها المتحدث باسم « إفريقيا الشعوب »، على أساس المثل العليا للانفتاح. أو أن « ذلك ليس إلا خطابات، وتسويات تقام في الكواليس مع الاتحاد الأوربي الذي لا ينفك يفتخر بالنموذج المغربي ويشجع كل الطرق من أجل دعمه ماليا ومعنويا كي يستمر في نهج سياسته في مجال الهجرة ».