استغرب محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، من الصفقة التي أطلقتها الوكالة الوطنية والمسح العقاري والخرائطية ووزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك بصفة المنتدب، والتي يُنتظر أنّ تُفتح أظرفتها في اليوم الثاني من أبريل 2020، بعدمَا ستتقدم لها 05 شركات معينة تحظى بشرط محدد في طلب العروض المفتوح المتعلق بتصنيف (U1).
وتتعلق صفقة تجهيز المطبخ بالمقر الجديد للمحافظة العقارية، الكائن بحي الرياض في الرباط، والتي حُدد لها مبلغ يقدر بمليار و800 مليون سنتيم (18.440.697,60)، كما أن الصفقة تشترط « معايير » باذخة لتجهيز المطبخ المذكور.
وفي هذا السياق، قال الغلوسي لـ »أخبار اليوم »: « أخذت مهلة وأنا أفكر في ماذا ستحتاج الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية هذا المطبخ، وربمَا تهيأ لي أنّ المحافظة العقارية تدخل إلى غمار منافسة دولية على أفضل مطبخ في العالم، أو كأنها تستعد لتجهيز أفضل المأكولات عالميًا، أو تبحث عن تصنيف في مجال المطاعم المصنفة ».
وأضاف الغلوسي: « موظفو هذه الوكالة يعملون وفقًا للتوقيت الإداري، وحتى ولو كانوا يسهرونَ الليالي داخل هذا المقر لقضاء مصالح المواطنين، فهل هم بحاجة إلى مطبخ بمليار و800 مليون؟ إننا إزاء « سفاهة » غير مسبوقة، وإساءة للمغاربة واستخفاف بالرأي العام المغربي ».
ومضى الغلوسي قائلا في السياق عينه: « في الوقت الذي نتحدث فيه عن صياغة نموذج تنموي، وفي الوقت الذي تشتد الظروف المناخية وتُعاني المناطق النائية والمداشر مظاهر البرد وانقطاع الطرق وتساقط الثلوج، وتنهار أسقف المستوصفات الصحية على المرضى، فإنّ هناك مسؤولين يعيشون في « مغرب ثان »، إذ قرروا المضي في « بذخهم » المقرون بالسفاهة والخفة ».
واعتبر أنّ ما يجري الآن، ما هو إلا مزيد من الاستخفاف بالمغاربة، وتأكيد زيف شعارات « ترشيد النفقات »، رغم أنّ الملك محمد السادس أكد، ودعا مرارا المسؤولين والحكومة إلى العمل بكل مسؤولية على ترشيد النفقات.
وبالنسبة إلى رئيس هيأة حماية المال العام، فإنّ المؤهل والتصنيف U1، المدرج ضمن شروط الحصول على الصفقة بالنسبة للشركات، فإنّ الأمر يتعلق بـ »البذخ »، كما أنه يبعث على الذهول والاستغراب، وأيضًا، الشكوك، لأنّ الذي اشترط « معايير » معينة في هذه الصفقة أرادها أن تكون على مقاس أشياء معينة.
ودعا الغلوسي بشكل عاجل رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى التدخل لإيقاف هذه الصفقة، ومحاسبة من وصفهم بـ »الزاهدين في البذخ من خلال المال العام ». كما طالب النيابة العامة بفتح تحقيق في طلب العروض المقدم، مؤكدا على أنّ المحافظة العقارية لا تحتاج إلى مطبخ بهذه الموصفات، بقدر ما تحتاج إلى مطبخ عادي، على غرار آلاف مقرات المؤسسات الدولية والسفارات الأجنبية.
واشترط طلب العروض معايير معينة على الشركات المتنافسة لتجهيز مطبخ الوكالة، التي يديرها كريم تجمعتي، أبرزها استعمال «ماركات» عالمية لتجهيز المطبخ كالأفرنة والثلاجات، وقاعات كبرى للتبريد، وقاعة تخزين اللحوم، وأثاث مختلف، وطاولات وكراس ذات جودة رفيعة، إلى جانب غرف لتبديل الملابس، ومنطقة مخصصة للنفايات، إضافة إلى أدوات مطبخية من علامات مسجلة عالميا.
وتستعد الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، بعد سنوات طويلة، استغرقتها أشغال بناء مقرها الجديد، في ظل شكوك أثيرت حول ارتباط كلفتها الكبيرة بإعفاء المدير العام السابق للمحافظة العقارية؛ إلى الانتقال إلى مقرها الجديد بحي الرياض