أخطر ما يمكن أن يواجهه المغرب، في المرحلة الحالية، هو إفشال المحاولة التي تقوم بها الدولة، بمبادرة وحرص ملكيين، لإطلاق مرحلة جديدة، من خلال فتح منافذ جديدة لدخول أشعة الأمل والثقة.
محاولات تأكيد صدق النية في محاربة الفساد والريع، من خلال الضربات القوية التي توجهها العدالة إلى بعض مرتكبي التجاوزات في حق المال العام وحرية السوق والمنافسة الحقيقية، والتحضيرات الجارية لإطلاق نموذج تنموي جديد، واستعادة ثقة المغاربة، خاصة منهم الشباب، كلها أمور لا تستقيم مع إشارات أخرى مناقضة تماما.
فحملات الاعتقال والمحاكمات التي شملت عددا من المدونين والشبان والمراهقين، واستمرار الحصار والتضييق والاستهداف ضد هذه الجريدة بوسائل ترمي إلى إعدامها عبر خنقها اقتصاديا، واستمرار اعتقال بعض الصحافيين والنشطاء الحقوقيين الذين أجمع القريب والبعيد على مظلوميتهم، إلى جانب الوصاية المستمرة على استقلالية الفاعل الحزبي والمؤسسات المنتخبة، كلها إشارات مناقضة لما تريد الدولة بعثه من رسائل.
ما الذي يعنيه الجمود الذي يرافق مناقشة مشروع القانون الجنائي في البرلمان، بسبب فقرتين قصيرتين تضمنتا جزاءات جديدة ضد الإثراء غير المشروع؟
إن هذا المعطى وحده كاف لإضعاف مصداقية الخطاب الرسمي في مجال التخليق وتمكين القوانين والمؤسسات، واستعادة ثقة المواطنين من خلال مد قنوات التمكين لإرادتهم التي عبروا عنها بالوسائل الديمقراطية.
جيوب المقاومة التي تحدّث عنها مستشار عبد الرحمان اليوسفي خلال حكومة التناوب، إدريس الكراوي، في كتابه الذي يقدم اليوم في المعرض الدولي للكتاب، لم تختفِ من المشهد العام، بل إن الخوف هو أن تكون اليوم باتت أكثر قدرة على الالتفاف وإفشال محاولات الإصلاح.