في مشهد شبه كاريكاتوري، سقطت بعض الشخصيات السياسية القيادية في حزب العدالة والتنمية في خطأ الانحرافبنقاش، يفترض أنه اقتصادي تنموي، إلى ساحة التقاطب الديني والإفتاء والإفتاء المضاد.
ما يعلمه المغاربة هو أن التشريعات والنصوص التنظيمية يضعها البرلمان والحكومة بناء على دراسات وتقديرات وأهداف،وترجيح بين المصالح التي ستجلب والأضرار التي ستدفع، ولم يقل لهم أحد يوما إن إباحة الأفعال أو منعها يتأسس علىالدين والمواقف الفقهية والآراء الشخصية.
لو توقف الأمر عند الخروج الذي قام به الفقيه والداعية أحمد الريسوني، وحتى من خرجوا للرد عليه من شيوخ السلفيةومتنوريها، لكان الأمر مجرد نقاش فكري ينبغي على الجميع أن يدافع عن حقه في الوجود؛ لكن خروج وزير سابقوقيادي في الحزب الذي يقود الحكومة، وما تلاه من مواقف وتلميحات صدرت عن قيادات من الصف الأول للحزب، تطرحعلامات استفهام كثيرة.
نحن أمام برنامج أطلقته الدولة، وجرى تنزيله وفقا لقوانين البلاد، ووقع المعنيون بتطبيقه اتفاقات هي في العرف بمثابةشريعة المتعاقدين، والتمويلات التي يعرضها هذا البرنامج تعود إلى المبادرة الحرة والإرادية للشباب الراغبين في إطلاقمشاريعهم، ولا أحد يُكرَه على الاستفادة من البرنامج، فما الداعي إلى خطاب التحليل والتحريم؟
يبدو أن فكرة الفصل بين العمل السياسي والدعوة لم تتضح بما يكفي في الأذهان، حتى ينصرف من يتولى تدبير الشأنالعام إلى مهامه في إطار القانون والمؤسسات، ويخوض المجتمع في نقاشاته الفكرية بكامل الحرية.
إنه العبث، وهو حتما حرام!