ما يتردد على أسماعنا مند بضعة أسابيع حول الاختلاف الكبير في عالم ما بعد كورونا عن عالم ما قبله، ليس مجرد تحليلات نظرية، بل علينا أن نستعد من الآن للخروج من فترة الجائحة إلى واقع مختلف، قد لا يناقض تماما وضع ما قبل الجائحة، بقدر ما سيشهد تسارعا كبيرا في وتيرة تحولات كانت قائمة لكنها بطيئة.
فبني البشر وإن خرجوا من حالة الحجر شبه الشامل، فإنهم سيجدون أنفسهم في عالم يغلب عليه التنافس حد التناحر، والتباعد بدل التقارب. وأولى هذه المعارك التي لا تبشر بعالم أفضل، ما نسمعه من طبول الحرب حول اللقاحات المنتظرة، حيث لم يعد العالم المتقدّم الذي سيكون سباقا بدون أدنى شك في الوصول إلى هذا الهدف، لا ينوي تمكيننا منه قبل إشباع حاجاته، ويمكننا أن نتصور الثمن الباهظ الذي سنطالب بدفعه.
وفي الوقت الذي يدخل العالم رسميا حالة حرب باردة جديدة بين أمريكا والصين، وتتفكّك فيه أوربا رغم تمسّك بعض المثاليين بفكرة الوحدة، يزحف علينا الخريف العربي بقوة من جهة الشرق، حيث يبدو بعض إخوة الخليج مصرّين على زرع الخراب في المجال المغاربي.
تحوّلات تتطلب منا التفكير في واحد من أكثر الخيارات واقعية وقربا منا، لكننا تجاهلناه، عن اختيار أو مكرهين، وهو التقارب حتى لا نقول الاندماج، مع الجار الإسباني الذي تجمعنا به الجغرافيا والمصالح وحتى اللغة والثقافة.
فالبلدان مقبلان على مرحلة يحتاج فيها كل منهما الآخر، في ظل تنامي الأنانيات الدولية وتفكك المنظومات الإقليمية القائمة، بينما يمكن للمملكتين حل خلافاتهما الحدودية والسياسية التاريخية، والتأسيس لتجربة تحالف سياسي واقتصادي يتجاوز العقبات الحضارية، عنوانها “رابح رابح”.