بعد سنة من اعتمادها بسبب حائحة كورونا، دافع الحسن الداكي الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، عن حصيلة اعتماد البلاد للمحاكمات عن بعد، معتبرا أن هذه التجربة “ناجحة” ومكنت من الفصل في آلاف القضايا في آجال معقولة وبضمانات توفير شروط المحاكمة العادلة.
وقال الداكي اليوم الثلاثاء في كلمته خلال لقاء دراسي، إن تجربة التقاضي عن بعد مكنت من تدبير مرفق القضاء، من خلال تفادي انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد والحفاظ على الصحة والسلامة لكل المرتفقين، كما مكنت في الوقت نفسه من صون ضمانات المحاكمة العادلة داخل أجال معقولة، حيث تم منذ بداية العمل بها في 27 أبريل 2020 إلى غاية 16 أبريل 2021 من عقد 19139 جلسة عن بعد، أدرجت فيها 370067 قضية، استفاد منها 433323 معتقلا، وأفضت إلى الإفراج عن 11748 منهم، مؤكدا على أنه “لولا اعتماد هذه التقنية لما تمت محاكمتهم ولظلوا قيد الاعتقال”.
وأوضح الداكي أنه كان الهدف من استخدام هذه التقنية ضمان استمرار سير مرفق العدالة خلال الجائحة، بحكم أن القضاء يعد الملجأ الأول لضمان حماية الحقوق والحريات الأساسية والذي يعتبر الفصل في القضايا لاسيما المرتبطة بالحريات كتلك التي تتعلق بالأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وذلك داخل آجال معقولة.
وإذا كان القانون المغربي لم يتطرق صراحة إلى إمكانية اعتماد المحاكمة عن بعد بالنسبة للمتهم؛ فإن المادة 347-1 من قانون المسطرة الجنائية تنص على إمكانية لجوء المحكمة إلى استعمال تقنيات الاتصال عن بعد للاستماع إلى الشهود.
ورد الداكي على النقاش الذي كان قد أثير عن شرعية المحاكمة عن بعد، وقال إنه وإذا كان النقاش حول شرعية المحاكمة عن بعد مبررا في الظروف العادية من أجل تحسين تصريف العدالة أو تسريع الإجراءات وتخفيف الاكتظاظ، فإنه في الظروف الاستثنائية، تكون الغاية منها التوفيق بين حماية حقوق الأشخاص وحماية الصحة العامة، وذلك لكون حق المواطنين في الفصل في النزاعات حسب قوله داخل أجل معقولة، يهدف إلى الحصول على حقوقهم المضمونة دستوريا وقانونيا، خاصة إذا تعلق الأمر بالقضايا ذات الطبيعة الزجرية.
ولمح الداكي إلى التوجه نحو الاستمرار في اعتماد المحاكمات عن بعد مستقبلا، وقال إن اعتماد المحاكمة عن بعد باستعمال وسائل الاتصال السمعية والبصرية يدخل في إطار الرؤية المستقبلية للعدالة الرقمية، والتي تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل بالخصوص في ترشيد الزمن القضائي، وادخار الجهد، بما يضمن البت في القضايا داخل آجال معقولة، وكذا المساهمة في الحفاظ على المال العام وحسن تدبيره، لما تحققه التقنية المذكورة حسب قوله من اقتصاد في نفقات الدولة عن طريق تفادي المصاريف والتكاليف الثقيلة التي يقتضيها نقل المعتقلين، وتوفير شروط حراستهم وحمايتهم، إضافة إلى ما توفره هذه التقنية من تحديث لمرفق القضاء وجعله يواكب التطور التكنولوجي، ويمكن من مواجهة الظروف الاستثنائية التي يمكن أن تجعل من الاستماع للأطراف ونقل المعتقلين أمرا صعبا أو محفوفا بالمخاطر؛ كما هو الحال بالنسبة للظرفية الراهنة المرتبطة بوباء كورونا المستجد.