كشف تقرير المجموعة الموضوعاتية المؤقتة لتقييم السياسات العمومية بمجلس المستشارين، أن التقييم الشمولي للبرامج الحكومية في مجال التشغيل أظهر تباينا في النتائج، فبالرغم مما تضمنته السياسات العمومية في مجال التشغيل من جوانب إيجابية، إلا أن نتائجها الكمية والنوعية لم ترتقي لحجم وسقف الطموحات التي رمت لها، بل إن آثارها الاجتماعية بالخصوص ظلت محدودة.
وفي سياق آخر قالت اللجنة الموضوعاتية، إن شدة التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا ليست وليدة اليوم، ذلك أن وجود مكامن الضعف وأشكال الهشاشة البنيوية في النموذج التنموي الحالي الذي بلغ مداه، قد شكل عاملا زاد من حدة الصعوبات التي تواجهها بلدنا في الآونة الأخيرة، وذلك نتيجة التأخر الذي تمت مراكمته في تنزيل أوراش رئيسية من قبيل تعميم الحماية الاجتماعية وتأهيل المنظومة الصحية، وإدماج القطاع غير المنظم، وتنزيل الجهوية المتقدمة، والنهوض بالمقاولات المغربية.
وكشف تقرير اللجنة الموضوعاتية المؤقتة بمجلس المستشارين، أن السياسات العمومية حول سوق الشغل بالمغرب، بات يواجها ثلاثة تحديات رئيسية، أولها استمرار هيمنة القطاع غير المهيكل والذي يؤثر على الدولة، من خلال استمرار التهرب من أداء الضرائب، وعلى المستهلك المغربي، من خلال التأثير على صحته واقتصاده، وعلى المقاولة، من خلال المنافسة غير الشريفة بين المقاولات المصرحة التي تدخل في إطار القطاع المنظم. وهي التأثيرات التي تمس بالعامل المغربي، وذلك عبر التوظيف والعمل في ظروف غير ملائمة.
كما سجل التقرير البرلماني أيضا حول السياسات العمومية صعوبة اندماج، الشباب والنساء، الذين يبقون من أقل الفئات المجتمعية بالمغرب اندماجاً من بقية السكان النشيطين في سوق
العمل، كاشفا انخفاض نسبة مشاركة النساء بشكل خاص، بالمقابل تراجعت مشاركة الشباب مع تضاعف عدد الشباب الذين يواصلون دراستهم.
وكشف التقرير ذاته، زيادة بطيئة في سوق التشغيل، مشيرا إلى أن عدد الوظائف التي تم إنشاؤها لا تكفي لاستيعاب تدفق
السكان في سن العمل.
وشدد تقرير السياسات العمومية على ضرورة وضع المواطن والفرد والإنسان المغربي في صلب العملية التنموية، الأمر الذي يتطلب مراجعة متعددة الأوجه للسياسات العمومية، من حيث الحكامة والتعليم والتكوين والصحة والحريات الأساسية، وسن تدابير محددة لتشجيع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.
ودعا تقرير مجلس المستشارين، إلى ضرورة تجاوز المنطلقات الكلاسيكية في التشغيل، والعمل على إيجاد مسارات انتقالية تسمح للمغرب بالالتحاق بنادي البلدان المتقدمة، اعتبارا لكون توفير الشغل يرتبط رأسا بالتطور الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو مرتفعة تفوق 6 في المائة.
كما طالب تقرير المجموعة الموضوعاتية لتقييم السياسات العمومية بمجلس المستشارين، بمراجعة بعض المقتضيات والبنود لدى منظمة التجارة العاملية لضمان التكافؤ النسبي بين دول الشمال والجنوب بخصوص اتفاقيات التبادل الحر.
ودعا التقرير ذاته إلى تسريع تنزيل الجهوية المتقدمة، وتمكين الجهات والجماعات الترابية بالموارد البشرية والمالية المناسبة، لتمكينها من تخطيط أفضل لتنميتها والمسامهة في تعزيز الثروة
الوطنية وتنويع مواردها.