حل المكتب التنفيذي ومطالبات باستبدال الغنوشي... ما الذي يجري في النهضة التونسية؟

25 أغسطس 2021 - 18:00

تعيش حركة النهضة في تونس انقسامًا داخليا غير مسبوق، وذلك منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد عن إجراءات استثنائية في 25 من يوليوز الماضي، تجلت في حل البرلمان، وتجميد العمل الحكومي.
وانقسمت حركة النهضة داخليًا، بين معارضٍ لقرارات سعيّد وبين مؤيدٍ لها، هاته الفئة الأخيرة، التي حملت الغنوشي وقيادة الحزب مسؤولية ما يقع في تونس، باعتبار أن الحركة، فاعل أول وقوي في البرلمان.

حل المكتب التنفيذي

أعلنت حركة النهضة، في بيان لها على موقعها الرسمي، أول أمس الاثنين، حل مكتبها التنفيذي (قيادة الحزب)، وإعادة تشكيله « بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة ».
وجاء قرار حل المكتب التنفيذي وتعويضه بـ »خلية أزمة » محدودة العدد كمقترحٍ في الدورة 52 من مجلس الشورى، الذي عُقد يوم 5 غشت الماضي، قدمه بعض الأعضاء، وعُرض على التصويت، لكن لم يتم التصويت عليه في المجلس.

وأثار قرار حل المكتب التنفيذي لحركة النهضة الجدل داخل الوسط السياسي التونسي، بين من اعتبره خطوة لإصلاح أخطاء المرحلة الماضية، وبين من اعتبره مراوغة سياسية. وينص النظام الداخلي لحركة النهضة على أن مجلس الشورى يمكنُه سحب الثقة من كل أعضاء المكتب التنفيذي أو من أحدهم، بنفس الأغلبية المطلوبة لتزكيتهم، كما أن الرئيس له الحق في إعفاء أو قبول استقالة أي عضو من أعضاء المكتب.

أيضًا يقترح رئيس الحزب على مجلس الشورى أسماء أعضاء المكتب التنفيذي، بما في ذلك الأمين العام ونائبه أو نوابه، ويكونوا من بين الأعضاء الذين تتوفر فيهم الشروط اللازمة.

وقال رياض الشعيبي، المستشار السياسي لراشد الغنوشي، في تصريح لـ »اليوم 24″ جاء « قرار حل المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله من جديد بالنظر للمرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد والحاجة لمزيد من النجاعة الفاعلية لمواجهة ما يستجد من أحداث ».

وأضاف المتحدث أن « هذا القرار كان محل نقاش داخل المكتب القديم، حيث حصل ما يشبه الإجماع بين أعضائه على هذه الخطوة المهمة، حتى أنهم عبروا عن استعدادهم للاستعفاء لتسهيل تنزيل هذا القرار ».

وأشار المتحدث إلى أن « رئيس الحركة، راشد الغنوشي بصدد إجراء مجموعة من المشاورات الداخلية لتشكيل المكتب الجديد في القريب العاجل، وذلك وفقًا لرؤية تؤكد على وحدة الحركة، والحاجة لقيادة سياسية قوية تنهض بالمهام الرئيسية الثلاث المطروحة عليها: وهي الأزمة السياسية في البلاد، والإدارة الداخلية للحركة، والإعداد للمؤتمر القادم ».

خلاف استثنائي

خلال الدورة 52 من مجلس الشورى لحركة النهضة، حمّل عدد من أعضاء القيادة الحالية رئاسة راشد الغنوشي مسؤولية الأوضاع التي وصلت لها تونس، من بينها التحالفات السياسية مع الأحزاب الأخرى التي لم تكن موفقة.

أيضّا تعرض الغنوشي إلى لومٍ كبيرٍ من طرف القيادة التي اعتبرته السبب في وصول علاقة الحركة مع الرئيس قيس سعيّد إلى الباب المسدود، وذلك بعد غلق باب الحوار، ونهج سياسة الشد والجذب مع قصر قرطاج.

وتنقسم محاور الخلاف داخل حركة النهضة في تونس إلى ما هو داخلي يتمثل في عدم احترام مؤسسات الحزب، إذ يُصرح عدد من القيادات أن الكثير من القرارات تم اتخاذها من طرف الرئيس راشد الغنوشي، ومقربين منه دون الرجوع إلى المكتب التنفيذي، ولا حتى لمجلس الشورى.

أما فيما يخص محور الخلاف الثاني فيتجلى في ما هو عام متعلق بإدارة الشأن العام وشؤون الحُكم، كون أن الغنوشي، حسب المعارضين له داخل الحزب، اختار أن يُغلب البُعد الحزبي على البُعد الوطني في محطات كثيرة هامة.

ومن بين أبرز نقاط الخلاف داخل حركة النهضة، التحالفات السياسية التي قام بها الغنوشي، منذ سنة 2014، أهمها التحالف مع حزب نداء تونس، بقيادة الراحل الباجي قايد السبسي، هذا التحالف الذي تم بشكل ثنائي بين الغنوشي والسبسي فقط، وليس بين المؤسستين الحزبيتين.

وتحالفت « النهضة »، بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2019، مع حزبي قلب تونس الذي يُلاحق رئيسُه نبيل القروي في قضايا فساد وتبييض أموال، ومع ائتلاف الكرامة الذي يثير ناطقه الرسمي سيف الدين مخلوف جدلاً دائماً في خطابه وسلوكه السياسي الذي يصفه المُتابعون بـ »الشعبوي ».

العلاقة مع سعيّد

تعتبر علاقة قيادة حركة النهضة مع الرئيس قيس سعيّد من أبرز نقاط الخلاف داخل الحركة، إذ عبر عدد من أعضاء مجلس الشورى على عدم رضاهم على الطريقة التي انتهجها الغنوشي والمقربين منه في التعامل مع الرئيس، والدخول معه في خانة الصراع عوض الحوار.

واعتبر التيار الإصلاحي داخل « النهضة » أن قيادة الحركة انتهجت مبدأ « الصراع » مع الرئيس قيس سعيّد منذ انتخابه، عوض البحث عن قنوات حوار دائمة، والتي تحتاجها تونس في هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى.

ورغم أن النهضة رفضت قرارات سعيّد واعتبرتها « انقلاباً على الدستور »، إلا أنها في الأخير حاولت الاصطفاف مع الرئيس، ومحاولة البحث عن حل لإخراج البلاد من عنق الزجاجة التي تمر بها.

ومن بين نقاط « حسن النية » التي أعلنت عنها النهضة، رفضها أي تشهير بعائلة الرئيس قيس سعيّد من طرف بعد المنتمين للحركة، متعهدةً باتخاذ « الإجراءات التأديبية » ضد أي عضو بها تثبت من خلال تدويناته « الإساءة لأي كان والابتعاد عن أخلاقيات الخطاب السياسي ».

تغيير القيادة

وشهدت الدورة الـ52 لمجلس شورى حركة النهضة، الذي عُقد يوم الخميس 5 غشت الجاري، خلافات حادة واستثنائية بين القيادات لم تعشها الحركة منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، وسقوط نظام بنعلي.

وتركزت الخلافات بين القادة على ضرورة إجراء المؤتمر 11 لتغيير القيادة الحالية، وعدم تعديل الفصل 31 من القانون التنظيمي للحركة، والذي يُعطي للغنوشي الحق في الترشح للمرة الثالثة لقيادة التنظيم السياسي.

وحسب المعلومات التي حصل عليها « اليوم 24 » فإن أعضاء مجلس الشورى لا ينوون تعديل الفصل 31 من النظام الأساسي، ويطالبون بضرورة تغيير الغنوشي في المؤتمر 11 المقرر عقده نهاية السنة الجارية.

كلمات دلالية

الغنوشي حركة النهضة
شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

قاسم منذ 3 سنوات

80 عام الله يجعل البركة. يمشي يرتاح ويخلي الناس يخدمو...

التالي