مغربية تروي قصة احتجازها في مخيم شمال سوريا بعد وفاة زوجها مع "داعش"

21 نوفمبر 2021 - 20:00

تبث القناة الأولى اليوم ضمن برنامج 45 دقيقة حلقة خاصة عن المغاربة العالقين في سوريا وتركيا، والذين سبق أن التحقوا بتنظيم داعش. وتركز الحلقة على وضعية نساء مغربيات رفقة أبنائهن محتجزات في مخيمات شمال شرق سوريا لدى قوات سوريا الديموقراطية.. منهن من قضين أكثر من ثلاث سنوات رهن الاحتجاز، ويرغبن في العودة للمغرب.

وسبق لموقع اليوم24″  أن أجرى حوارا مع أحد هؤلاء النساء وذلك عبر التواصل معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي  وهي تنحدر من مدينة تطوان   وهي تروي كيف وصلت لمخيم الاحتجاز بعد مقتل زوجها الذي التحق بداعش، وتعبر عن أملها في العودة مع أبنائها.. ننشره دون الإشارة إلى اسمها احتراما لرغبتها.

 

هل يمكن أن تعرفي بنفسك؟

انا ( ج.ن) انحدر من مدينة تطوان  عمري 33 سنة أم لطفلين. أرملة فقدت زوجي في الحرب

 أين أنت الآن؟

أنا الآن محتجزة بإحدى المخيمات شمال شرق سوريا على أراضي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية ما يعرف اختصارا ب “قسد”. منذ أواخر 2017 في المخيم.

متى غادرت المغرب؟

سافرت إلى سوريا مطلع سنة 2015 رفقة زوجي وأبنائي

كم عدد النساء المغربيات معك في المخيم وكم عدد الأطفال؟

بالمجمل بين المخيمين روج والهول لا يتعدى 150 بالنسبة للنساء المغربيات الأصليات  دون الحديث عن مزدوجات الجنسية. أما الاطفال  ففي حدود 200 طفل.

متى فقدت زوجك؟

زوجي قتل في  2017

هل كان مع تنظيم الدولة؟

نعم. عندما تأزم وضع العصابة انشق عنهم لأن وقت استقطابه لم يخبروه أنه سيحمل السلاح بالجبهة. خرج من المغرب وهو مبرمج على انه سيكون إداريا فقط.

من هو زوجك؟

زوجي من مواليد 82 أمازيغي الأصل درس الحقوق قانون خاص بطنجة وتخرج بتفوق. له شهادات أخرى منها التسيير الإداري والمحاسباتي إضافة إلى بكلوريا حرة

كان يعمل مياوما … ليس صاحب نفوذ أو وساطات عميقة حتى يحصل على الوظيفة. كان حلمه أن يكون مدرس معلوميات.

كيف تم استقطابه؟

كان مهتما بأنشطة تنظيم القاعدة ويتعاطف معهم. وبعد اندلاع ما يسمى بالخريف العربي بات مهتما بالأخبار كثيرا وعلى إثر ذلك قرر شراء حاسوب كي يتابع عن كثب وبعمق لأنه كان مقتنعا  أن الإعلام مسيس، ثم فتح عدة حسابات وهمية ومنها ما كان باسم امرأة.

هل هو من تواصل مع التنظيمات المتطرفة؟

بدأ  يجلس على الانترنيت مطولا … ثم برزت أسماء فصائل مسلحة بسوريا  فبدأ بمتابعة أخبارهم. من أدبيات عمل عناصر التجنيد الالكتروني تعقب الحسابات المناصرة  ومراقبة ما ينشره صاحب الحساب ومن ثم يتسللون إليه رويدا رويدا.

أول الأمر يسجلون الإعجابات بمحتوى يعنيهم. بعد ذلك يتفاعلون بالتعليقات إلى أن تتوطد العلاقة الافتراضية فيدخلون الخاص للدردشة.

وكيف أقنعك بالسفر مع الأطفال.. وهل كنت تعرفين انك متوجهة لسوريا حيث الحرب؟

نعم كنت أعلم أنني آتية معه إلى هنا …

كيف وافقت؟

انا امرأة عربية من أسرة متوسطة الحال ماديا ومتجذرة اجتماعيا. في مدينتي لم أكمل دراستي لأنه أمر ثانوي عند أمي فيما يخص الفتاة، لأن مستقبلها هو الزواج وبيت الزوج ولا يهم إن كان هذا الزواج ناجحا أو فاشلا وان كان على حساب ابنتها  وهذا منطق مجتمعنا المحافظ بالشمال خاصة. يعني لا ظهر لي ولا سند إن عارضته فمن المعيب جدا أن تكون لعائلتي  ابنة مطلقة فالمجتمع فوق كل اعتبار …

ماذا قال لك زوجك بخصوص السفر لسوريا؟

زوجي قال إننا سنتوجه إلى الدولة الإسلامية حيث لا وجود للطبقية  فالناس سواسية  وحيث نظام الحكم إسلامي لا هو علماني ولا مستورد … لنجربه إن ناسبنا الوضع أهلا وسهلا وان  لم يناسبنا عدنا أدراجنا.. فليس هناك قانون في العالم يجرم الهجرة الغير الشرعية. زوجي كان يبحث عن الفردوس المفقود  في  تنظيم الدولة حيث رغد العيش

هل أخبرت  والديك مسبقا انك متوجهة لسوريا أو تركيا؟

لم أخبر أحدا. لدي خلاف مع أهلي، قبل أن يفكر زوجي بالسفر. لم يكن أمرهم يعنيني لأنني أردت الطلاق من زوجي ولم يقفوا بجانبي وطردوني أمامه فكسروني ولم يعد لي أي احترام عنده.

هل يعني ذلك أنك لم ترغبي في السفر معه؟

أنه لم يكن لي خيار آخر

كان يمكنك التبليغ عنه؟

نعم بالفعل لكني لم افعل لأني إن كنت فعلت ذلك سيسجن وسيتخلى عني أهله وعن الأطفال كما فعلوا الآن وكنت سأعيش الأمرين مع أهلي.

كيف حال طفليك؟

طفولتهم محروقة لا يوجد تعليم ولا تمدرس احد اطفالي  يعاني من فقر الدم  والآخر لديه التهاب بالمفاصل ، وكلها أمراض ظهرت عليهم في آخر سنة لاحتجازنا. إنهما يتيمتين تحت وصايتي.

كيف تتعامل معكم قوات سوريا الديمقراطية؟

“قوات حماية المرأة” هي من تتعامل معنا. تعرضت للضرب أثناء التحقيق ولإهانات لفظية، وتعرضنا للجوع والضرب ولازلنا. قضيت بالمخيم أكثر مما قضيته مع تنظيم الدولة نعيش روتينا قاتلا  وحياة بهيمية، أكل وشرب ونوم.

هل تمت محاكمتك وهل ينوون تسليمك للمغرب؟

لم توجه لنا أي تهمة من الأساس غير انتسابنا للتنظيم وأنا اعتقلت   هاربة من التنظيم  ولم يتم أسري من أرض المعركة. لم يحاكمونا بل سرقت من أعمارنا ثلاث سنوات هباء  أما بخصوص تسليمنا لبلدنا الأم فكلما سألناهم يردون علينا “دولتكم لم تسال عنكم … انتم أمانة لدينا حتى تأخذكم دولكم”.

كيف اعتلقوك؟

خرجت من بلدة اسمها “غرانيج”  بتنسيق مع مهرب على أمل أن يوصلني لتركيا ومن هناك اسلم نفسي للسفارة المغربية قصد الترحيل فباعنا المهرب لأول  حاجز تابع لقوات سوريا الديموقراطية

كيف سافرت رفقة زوجك وأبنائك إلى هناك؟

سافرنا عبد مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء إلى تركيا ثم إلى دولة آسيوية وبعدها عدنا لتركيا وبعد ثلاث أيام تلقى زوجي اتصالا  فخرجنا من الفندق ورطبنا طاكسي إلى محطة حافلات السفر ثم توجهنا نحو “أورفا” مدينة تركية وبعد أسبوع من جلوسنا بفيلا  فخمة جدا، اخبروا زوجي ليستعد  ثم توجهنا نحو الحدود ودخلنا من هناك إلى سوريا سرا.

من سهل لكم السفر؟

زوجي كان على اتصال بمغربي من “هيئة التنسيق والهجرة” التابعة لتنظيم الدولة  وهو من أقنعه ومن أرسل له المال لأجل السفر.

هل تتواصلين مع عائلتك بعدما عرفت بتشكيل لجنة برلمانية لدراسة وضعكم؟

تواصت مؤخرا معهم بعدما كثر الحديث عن ترحيلنا إعلاميا أما هم   فلم يتواصلوا مع أي جهة   باستثناء تواصلهم مع تنسيقية  عائلات المغاربة العالقين حتى يتم ملئ استمارة لي.

هل هناك دول بدأت في استرجاع مواطنيها؟

أول دولة استقدمت رعاياها كانت أمريكا وكزاخستان فلحقت بهما الجزائر و كوسوفو و البانيا. ومؤخرا  تم إخطار الأوزبك ( من أوزباكستان ) بان يستعدن.

هناك حديث عن قيامكم بمراجعات فكرية؟ هل صحيح بالنسبة لك؟

نعم، أول ما قمت به هو ردم خندق الراديكالية من خلفي وأنا خارجة من عند العصابة  وبالنسبة لأهم مراجعة قمت بها هي : التخلي عن كل قول  أو تفسير أو شرح لما جاء عن محمد بن عبد الوهاب  وتلامذته، أو الأصح أنني خرجت من بوتقة الجمهور الجهادي فليس كل ما قالوه أو فعلوه هو الصواب..

لماذا أصبحت تسميهم العصابة؟

لأنهم شياطين بلحى  وتجار الدين. شكلوا نظاما رأسماليا قذرا يتستر خلف عباءة الدين  حتى كرهوا الناس في دينهم وشوهوا جل ما هو من الدين الحنيف. في وقت ما حرمت على نفسي الاستماع إلى الأغاني، والآن لا يمر صباحي بدون حبيبتي ماجدة الرومي اجلس الساعات الطوال مع السيمفونيات.

هل يمكن أن تروي قصصا مما عشته مع داعش؟

مع أنني أريد النسيان، فانا في مرحلة أحاول جاهدة أن أتصالح مع نفسي كي اقبلها بسلبياتها قبل ايجابياته. في إحدى المرات كنت أعاني التهابا في الأذن والألم لا يطاق فتوجهت للمستشفى ومعي أبنائي، فمنعت من الدخول لأنه ليس معي محرم .. أقول لهم  أنا مريضة جدا وزوجي غير موجود في المدينة، وهؤلاء طفلاي معي، فيردون “يا حرمة تدبري أمرك  لا يجوز أن يكشف عليك الدكتور وزوجك غير موجود”

هل أنت نادمة؟

إذا كان هناك كلمة أعمق وأبلغ من نادمة فذاك حال ، أما قول أنني نادمة فقط،  فأحس أنها فقدت معناها بسبب الحالة التي وصلت إليها.  أكثر ما يجعلني أتألم هو أنني كنت مجرد أداة وجسر مر عليه زوجي لتحقيق هدفه في الحياة. هو حقق مبلغ مناه وأنا وصمت بأشنع وصف في العالم وأثقل تهمة ( إرهابية) وفوقها ادفع ثمن خياره واختياره وأحاسب بدل عنه تخوفي  أن  أعود لبلدي. ويشار إلي بالسبابة  “داعشية”

هل يوجد نساء مغربيات كثيرات معك في المخيم وما قصصهن؟

هناك العديد منهن واحتراما لخصوصيتهن لا يمكنني سرد قصصهن ربما يكون عندهن نوع من التحفظ.

هل زارتكم أية منظمات دولية؟

لا نرى أحدا ولا يكلمنا أحد ولم يجالسنا أحد . منذ ثلاث سنوات لم نغادر المخيم  أبدا. ثلاث سنوات في خيمة والخيمة داخل سياج عليه أكثر من 10 نقاط للمراقبة. لا نعرف كيف أصبح العالم الخارجي. المشكل أننا نحن الكبار من السهل  علينا الاندماج مستقبلا، ونستحق ما حصل لنا. المعضلة هم الأطفال.

متى كانت آخر مرة رأيت فيها زوجك ومن أخبرك بأنه قتل وليس معتقلا؟

آخر مرة رأيته في  2017  وفي 2019 علمت أن التنظيم قام بتصفية كل عناصره المنشقين.

هل حدثك عن العودة؟

أراد ذلك .. لكنه لم يتمكن.

هل تتوقعين العودة قريبا للمغرب؟

أتمنى ذلك

إذا عدت  كيف ستخططين لحياتك؟

أفكر في أن أحقق الاستقلال المادي بعيدا عن أهلي حتى أتمكن من أخذ الأطفال بعيدا عنهم  ثم سأركز على تعليم أطفالي. أهم ما يشغل تفكيري  إذا عدت هو كيفية تامين مورد دخل شريف وبعد استقرار حياة أطفالي تعليميا ومعيشيا سأنظر لحياتي وأول ما سأفعله سأحاول إكمال دراستي.

 

(صور خاصة من أحد المخيمات حيث توجد مغربيات عالقات)

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *