الكحص الذي قال، في محاضرته، «أنا هنا فقط لوصف معطيات نابعة من أعماقي في حق المتوسطي»، ذكّر أيضا بالظروف المتوسطية الراهنة، وبعامل الأزمة وعدم الاستقرار وارتباطه بالخوف من الغد، كما دعا إلى تأسيس فضاء متوسطي يخدم التنمية الاجتماعية، ويعرّف بالهوية المتوسطية في أفق اقتصادي ثقافي واجتماعي. وفي هذا السياق، تحدث الوزير السابق عن إمكانيات المنطقة المتوسطية لتطوير آليات التنمية عبر قنوات التواصل والثقافة، باعتبار الواجهة المتوسطية بوابة للعالمية. وأضاف الكحص بأن التنمية البشرية في الأقطار الاستراتيجية، تنبني على المعطيات الطبيعية التي تستمد قوتها من الوضع القائم في ارتباطه بالسياسة، واستراتيجية المجتمع، حيث اعتبر أن المنطقة المتوسطية زاخرة بمؤهلات ورساميل بشرية هائلة، قابلة للتطوير عبر الأجيال، كما أن لها فلسفة تشكل مصدرا للإلهام، ما يؤهلها لصناعة فضاء متوسطي، بمقومات مميزة. واستعرض الكحص عددا من المشاكل التي تعيشها المنطقة المتوسطية، المتمثلة في التطرف والعنصرية والإرهاب وكذا المخدرات والتهريب والهجرة والفقر، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية.
ودعا الكحص إلى بناء الإنسان المتوسطي، بصرف النظر عن جنسيته وديانته من خلال ترسيخ الرغبة في التعايش بين ضفتي المتوسط، فلا يمكن بناء فضاء متوسطي، يضيف الكحص، دون كسب حب القلوب وتوحيد الآراء في توافق تام، لكون الفضاء المتوسطي يمكنه أن يوحد الإفريقي والمتوسطي والآسيوي والأوروبي، في نسق واحد، من خلال الفن، معتبرا السينما تجسيدا للصورة، ودراسة نوستالجيا التاريخ، وبأنها مبعث للارتياح والسعادة، علاوة على كونها إحدى أهم الوسائل الناجعة لتأسيس الهوية المتوسطية إلى جانب المسرح والكتاب، وأن السينما مرتبطة، نوعا ما، بالفلسفة، وأن الثقافة المتوسطية في أمسّ الحاجة إلى هذا التوظيف الإيديولوجي، يقول رئيس لجنة تحكيم مهرجان طنجة السينمائي المتوسطي.
وتعليقا على هذه المحاضرة، قال عدد من المتابعين والنقاد، بينهم عبد الإله الجوهري، إنها حادت إلى حد ما عن المتوقع، وعن الدرس السينمائي ورؤى محمد الكحص السينمائية، من خلال همومها وإبداعاتها، إذ كان منتظرا منه أن يشاهد السينما برؤية المفكر، وهو ما لم يتم، حيث ساق بدله درسا عاما حول واقع الأبيض المتوسط ودور الساحل الجنوبي في بناء الساحل المتوسطي.