هل يكون عدم إدراك اختلاف مدلولي الرياضة والتربية البدنية هو الدافع وراء هذا الإلحاق؟!
كيف لعملية إلحاق قطاع الرياضة بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي أن تنعكس إيجابا على الرياضة المدرسية التي هي جزء يسير من المنظومة الرياضية؟!
أليس من شأن ذلك أن يعصف بقطاع الرياضة بأكمله في سبيل الارتقاء بالرياضة المدرسية فقط؟!
أسئلة كثيرة تناثرت حول قطاع الرياضة بعد خروج الهندسة الحكومية الجديدة، وقد زاد من حدتها تأخر الإعلان عن كاتب الدولة في الرياضة، ليبقى الغموض والسير نحو المجهول هو سيد الموقف!
لا يختلف اثنان على أهمية الأدوار التي أصبح يلعبها قطاع الرياضة في التنمية الشاملة والمستدامة على مستوى بلدان العالم كله وعلى استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية بها. وعلى غرار ذلك فقد صارت الرياضة تشغل في المغرب مساحة كبيرة ومهمة من اهتمامات الدولة والمجتمع، وينبع ذلك من عدة عوامل يتمثل أهمها في التطورات الكبيرة التي شهدها المجال الرياضي على المستوى العالمي والوطني منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي على وجه التحديد، حيث لم تعد الرياضة وسيلة للترفيه بل سارت حرفة لها قواعدها الراسخة كما سار للرياضة موقعها المهم في الاقتصاد الوطني للدول صاحبة السبق في مجال الاهتمام الرسمي بقطاع الرياضة.
فهل الحكومة المغربية في ظل الهندسة الجديدة تدرك جيدا الفرق بين الرياضة والتربية البدنية، فقطاع الرياضة منظومة مركبة لها تركيبتها الخاصة، وتشكل ورشا اقتصاديا وميدانا تربويا إبداعيا ووسيطا سياسيا يحتل مكانة بارزة في تأطير الشعوب وفي تقارب الحضارات وتنافسها في تظاهرات رياضية منظمة بإحكام تدر أرباحا اقتصادية مهمة وتعطي صورة مشرفة عن البلد المنظم والدول المشاركة .
إن إلحاق الرياضة بقطاع التربية الوطنية ،يلزمه دراسة خاصة لواقع الحال الذي تعيشه المنظومة الرياضية بصفة عامة.
فكيف يعقل أن نلحق قطاعا له وزنه وتاريخه وحمولته السياسية والاقتصادية بوزارة لا تمتلك حتى الوقت لحل مشاكلها الخاصة؟!
كيف يعقل أن يتم حصر قطاع بهذا الحجم في برنامج موجه لتلاميذ الثانوي في إطار مسلك دراسة ورياضة، الهدف منه هو محاربة الهدر المدرسي في صفوف التلاميذ الرياضيين؟!
فهل إلحاق قطاع الرياضة بالمنظومة التعليمية الهدف منه هو إصلاح واقع السياسات المتعاقبة التي أنهكت المدرسة المغربية؟!
هل هذا الإلحاق يجسد فعلا الإجابات الصحيحة على التساؤلات والإشكالات التي تضمنتها الرسالة الملكية للمشاركين في المناظرة الوطنية حول الرياضة بالصخيرات سنة 2008؟!
لقد جاءت هذه المبادرة الملكية السامية بخطاب شخص الواقع الرياضي بكل جرأة ووضوح، ووضعت مقترحات محددة لإرساء سياسة حكومية فعالة لقطاع الرياضة، فهي لم تكتف بعرض الإشكالات وإنما بتقديم عناوين كبرى للحلول، كما أنها حملت إشارات واضحة بخصوص السياسة العامة للدولة في المجال الرياضي، ورسمت خارطة طريق الرياضة الوطنية، في اتجاه الرفع من قيمتها، كما وجهت نقدا لاذعا للقيمين على الشأن الرياضي الوطني، الذين وصفهم جلالة الملك بالطفيليين والانتهازيين.
ولكي يقوم قطاع الرياضة بالأدوار الموكلة إليه في استقلالية تامة، لیس فقط في النظرة المتشكلة حوله سابقا كمجرد قطاع للهو واللعب ومضیعة للوقت والمال في نظر بعض المتعصبين، بل بتبوئه تدریجیا لمكانة متميزة في منظومة المجتمع عامة، لأن صنع السياسة الرياضية رهين بالأساس بالأدوار الأساسية التي يقوم بها المشرفون على قطاع الرياضة، بمعية كافة الفاعلين المساهمين في بلورة السياسة الرياضية بالمغرب.
لقد آن الأوان لكي نرد الاعتبار لقطاع الرياضة من خلال بناء جهاز مستقل أسوة بباقي مؤسسات الحكومة تناط به مهمة الإشراف على القطاع الرياضي بصفة مباشرة، والذي يعول عليه المغرب دولة وشعبا في ضمان استقراره والرفع من مردوديته الاقتصادية والاجتماعية.