أعلن صندوق النقد الدولي الخميس أنه توصل بعد أشهر من المفاوضات إلى اتفاق مبدئي مع السلطات اللبنانية على مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمساعدة البلاد على الخروج من أزمة اقتصادية هائلة.
يشهد لبنان تضخما تجاوزت نسبته 100 في المائة وانهيارا للعملة منذ تخلفه عن سداد دينه في 2020. ورحب المسؤولون في لبنان بإعلان صندوق النقد عن الاتفاق، معتبرين أنه سيفتح الباب أمام مزيد من الدعم المالي.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بعد صدور الإعلان، إن الاتفاق « تأشيرة للدول المانحة أن تبدأ بالتعاون مع لبنان وإعادة لبنان إلى الخارطة الطبيعية المالية العالمية ».
وقال راميريز ريغو الذي ترأس وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان في بيان، إنه في حال تمت الموافقة على الخطة من قبل إدارة الصندوق ومجلس إدارته، ستندرج المساعدة المرسلة إلى لبنان على 46 شهرا، في إطار « دعم خطة السلطات الإصلاحية لإعادة النمو والاستقرار المالي ».
غير أن الموافقة رهن بـ »تنفيذ جميع الإجراءات المسبقة وتأكيد الدعم المالي للشركاء الدوليين ».
أضاف أن « سنوات عدة من سياسات الاقتصاد الكلي غير المستدامة » أدت إلى الأزمة التي بلغت ذروتها في 2020 عندما تخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية للمرة الأولى في تاريخه.
خسرت العملة الوطنية نحو 90 في المائة من قيمتها، وبات أربعة من كل خمسة لبنانيين الآن يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة.
واستفحلت الأزمة من جراء جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا إضافة إلى انفجار مرفأ بيروت في غشت 2020.
وقال ريغو إن « لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة أدت إلى انكماش اقتصادي هائل وزيادة كبيرة في الفقر والبطالة والهجرة »، مشددا على أن البرنامج سيسهم في زيادة الانفاق الاجتماعي.
وسيفرج عن مبالغ المساعدات في إطار « تسهيل الصندوق الممدد »، ولكن بعد أن يوافق البرلمان اللبناني على ميزانية عام 2022 وعلى قانون جديد للسرية المصرفية لمحاربة الفساد.
وسيتطلب ذلك أيضا موافقة الحكومة على برنامج لإعادة هيكلة الدين مع « مشاركة كافية من الدائنين لاستعادة القدرة على سداد الدين وسد فجوات التمويل ».
وأكد ريغو أن المسؤولين « عبروا عن التزامهم القومي بهذا البرنامج الإصلاحي ومواصلة التنفيذ الحازم خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة »
من جهته قال ميقاتي للصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، إثر إعلان الصندوق عن الاتفاق المبدئي، إن « الإصلاحات هي لمصلحة لبنان وبما أنها لمصلحة لبنان نحن سنقوم بالالتزام بها ».
وأكد عون وميقاتي في بيان مشترك « الالتزام الكامل باستمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي من أجل إخراج لبنان من كبوته ووضعه على سكة التعافي والحل ».
وبدأ لبنان في يناير الجولة الأولى من المفاوضات الرسمية مع صندوق النقد الدولي الذي طالما شدد على أنه لن يقدم أي دعم مالي طالما لم توافق الحكومة اللبنانية على مباشرة إصلاحات طموحة ضرورية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية، على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي بحزم للفساد المستشري.
وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي الذي يترأس الوفد اللبناني المفاوض أنه الاتفاق المبدئي « على برنامج تصحيح اقتصادي ومالي تحت اسم +التسهيل الائتماني الممدد+ ».
ويعتمد البرنامج، وفق قوله، على ركائز عدة بينها « إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لاستعادة النمو »، و »إعادة هيكلة القطاع المصرفي »، و »إصلاح القطاع العام ومؤسساته وخاصة قطاع الكهرباء »، وتوحيد سعر الصرف.
وأضاف « الوقت ثمين جدا (…) إن كلفة الانتظار باهظة جدا « .
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارا اقتصاديا غير مسبوق، صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
ويترافق ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحد من التدهور وتحسن من نوعية حياة السكان.