خبير في العلاقات الدولية يتوقع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية لسنوات

17 أبريل 2022 - 22:00

توقع أستاذ النزاعات الدولية والخبير محمد الشرقاوي، استمرار الحرب الروسية الغربية لسنوات، بما سماه بالحرب المستدامة بحكم تقابل أسلحة الطرفين الروسي والغربي، وستظل حربا مفتوحا لعدة سنوات، يقول الشرقاوي الذي كان يتحدث في ندوة نظمتها مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن يوم الأحد.

وأرجع الشرقاوي توقعاته إلى عدة أسباب، منها عدم تقاطع السلاح العسكري الروسي، وسلاح العقوبات الغربية، التي تنعدم معها أي معادلة صفرية عادية أو رابح مقابل خاسر في الحرب، في المقابل تفرض نفسها معادلة صفرية مطلقة في سلبياتها لأن هذه الحرب تتجه نحو الاستنزاف المتبادل، بين مضاعفة حزمة العقوبات الغربية والابتزاز الروسي لأوروبا بورقة النفط.

كما استحضر الشرقاوي، نظرية عبد الرحمان بنخلدون، حَول دورة الحضارة وتطور القوة لتفسير توقيت الصراع الروسي الغربي القائم حاليا، حيث أن روسيا لا تعود من خلال هذه الحرب بنفس القوة العظمى فحسب، بل تعود بقوة « إمبراطورية » على الطريقة البوتينية، وهي تراهن على ضعف « امبراطوريات » غربية دخلت مرحلة الانعزالية، سيما بعد مغامرتين فاشلتين في كل من العراق وأفغانستان.

كما تراهن روسيا، يتابع الشرقاوي « على تراجع حلف شمال الأطلسي الذي يعاني موتا سريريا بتعبير الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل مَاكرون »، معتبرا الحرب الروسية الأوكرانية الحالية، تُشكل لحظة تاريخية مفصلية، وهي « لا تقل أهمية عن أحداث تاريخية توازي انهيار جدار برلين، والحربين العالميتين الأولى والثانية، والثورة الفرنسية أو حتى حدث اكتشاف أمريكا ».

وحول تأثير الحرب التي تدور رحاها بين روسيا والغرب، على المنطقة العربية ودولها، يقول الشرقاوي، إن ما يجري ينعكس على مصادر الطاقة والأمن الغذائي، حيث أن خمس دول عربية من بينها المغرب، إلى جانب لبنان ومصر وتونس الجزائر، تعتمد على صادرات القمح الروسي الأوكراني بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 80 بالمائة من احتياجاتها من سنويا، والتي لا تتوفر حاليا على مخزون كاف للأشهر الثلاثة المقبلة.

كما أن الوجود الروسي بالمنطقة العربية، يتيح لروسيا ممارسة نفوذها خارج جمهورياتها السوفيتية السابقة، حيث توجد منذ 2015 القوات الروسية بقاعدة جوية عسكرية في بلدة حميميم السورية المطلة على البحر المتوسط حيث مشاريع التنقيب عن الغاز، وهو ما يشكل منفذا لمحاولة فرض عقوبات غربية وعزل روسيا.

كما أن روسيا، يضيف الشرقاوي، ورغم استمرار الحرب لم تنسحب من ليبيا، لأنها بذلك تسعى إلى تعزيز نفوذها الاستراتيجي عند الخاصرة الجنوبية لحلف شمال الأطلسي، وإبقاء إنتاج النفط في دائرة الخطر، والتنسيق مع الرياض على مستوى منظمة « أوبك ».

أما عن رفض المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، زيادة ضخ المزيد من النفط وفق حاجيات الدول الغربية وخاصة أمريكا، فيرى الشرقاوي أن هذا الرفض مجرد رسالة موجهة إلى الرئيس الأمريكي، مفادها أن ضخ النفط سيتم وفق المصالح الخاصة بكل بلد، إذ لا يمكن أن تخسر السعودية شريكتها موسكو لصالح أصدقائها في واشطن، لأنها تدرك ثمن الانحياز إلى أحد طرفي النزاع.

وهو ذات الموقف الذي تتخذه باقي الدول العربية المنتجة للنفط ماعدا قطر التي أبدت استعدادا للتخفيف على الدول الأوروبية من أزمة الغاز الطبيعي وفق ما تسمح به عقودها، غَير أن هذا الرفص يظل حسب الشرقاوي، خاضعا لأهواء شخصية لرؤساء هذه الدول، ولا يمكن أن يرقى إلى مُستوى ما سماه ب « براغماتية الاختيار »، لأنه موقف من المحتمل أن ينقلب مائة وثمانين درجة في أي لحظة.

إلى ذلك، دعا الشرقاوي إلى عدم الغرق في تفاصيل الحرب الروسية الأوكرانية الحالية، ومحاولة النظر في الأهداف الكبرى لذلك، سيما ما يتعلق بسياق الحرب ودينامياتها ومآلها.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي