«لوزة»... قصص بطولات سكان الهامش

07 نوفمبر 2013 - 20:10

يستلهم الكاتب المصري عبدالستار حتيتة في مجموعته القصصية «لوزة» بعضا من أساطير مصر القديمة ومنها قتل الشرير لأخيه أوزيريس والاستيلاء على عرشه ثم عودة حورس ابن أوزيريس للانتقام من عمه رمز الشر. إذ لا يعيد الكاتب إنتاج الأسطورة، التي عولجت كثيرا في أعمال أدبية وفنية من أشهرها فيلم الكرتون الأميركي «الأسد الملك»، باعتبارها صراعا يدور في قمة السلطة حيث الآلهة والحكام وإنما يقف المؤلف وسط عموم الناس ويرصد كيف يعتبرون من تراه السلطة خارجا عن القانون بطلا.

ففي قصة «حكاية سالم»، يطمح العمدة القاسي إلى أن يكون نائبا في البرلمان عن هضبة حدودية يعيش أهلها على الرعي وتهريب البضائع ويستولي على أموال أخيه، فينشأ «سالم» يتيما فقيرا. لكن أباه أورثه حب الناس الذين يرون في تحديه للسلطة المتمثلة في شرطة الحدود وفي عمه نوعا من البطولة.

وأصبح «سالم» ثريا وفتى أحلام فتيات الهضبة، وفي مقدمتهن «علياء» بنت عمه التي تبادله حبا بحب فيوشي به العم ويتم القبض عليه وكان «الناس ينتظرون خروجه من السجن حتى يكون للهضبة معنى». ويخرج سالم من السجن ويستعرض مهاراته بصعود الهضبة الوعرة بمؤخرة سيارته عابرا الحدود في استخفاف بعمه ورصاص جنود الحراسة.

ولأن الهضبة وعرة ويصعب صعودها بمقدمة السيارة «إلا بشق الأنفس»، صعد الأهالي فوق أسطح البيوت ليروا كيف سيعبرها سالم وبجواره صديقه عثمان عازف المزمار. ثم هتف الناس بعفوية «هيلا هوب.. هيلا هوب» فتجاوزت السيارة بعض المنحدرات تحت قصف الرصاص إلى أن بلغت القمة ثم فوجئوا بسقوطها محطمة ومثقوبة بالرصاص.

وتنتهي القصة باختفاء سالم وعثمان ولا يعرف الناس هل ماتا في سقوط السيارة أم برصاص الحرس أم عثر عليهما أحياء ثم ألقيت جثثهما في بئر في سفح الهضبة كانت السلطة تلقي فيها جثث المهربين «وكل من نزلها حيا لم يخرج منها أبدا. أما المهربون القتلى فتبتلع جثثهم جميعا ولا تكتفي» لأنها تبدو بلا قرار.

واختفى الشابان وبقيت في الهضبة «نغمات تئن… صوت غناء سالم مع صوت مزمار عثمان يوجع قلب كل من يقترب من البئر» وازدادت عزلة العم عن الأهالي إلى «أن خلعته القبيلة» ومات دون تحقيق حلم في عضوية البرلمان في حين مازالت ابنته علياء تنتظر عودة سالم.

وفي «تل إمحيميد»، يجلس «إمحيميد» فوق أحد التلال ويمسح الأفق بنظرات الحسرة وينعي عمرا قضاه في مكان موحش يرحل أهله بسبب جفاف الآبار. وظل يراقب عالمه وهو ينهار حتى المرتحلون يختفون بعد فترة عن عينيه ثم تبتلعهم بطون الوديان. إذ ترسم القصة مشهدا قاسيا لعربة يجرها حمار وفوقها كومة من الأطفال وامرأة ورجل ضامر يعجزه «الظمأ عن التفوه بكلمة لتوديع إمحيميد» ولا يستطيع أن يهز لجام الحمار ليلحق بركب سبقه إلى المجهول.

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي