حظرت السلطات الباكستانية على المدارس الخاصة شراء كتاب الناشطة الباكستانية، ملالا يوسف زاي، وقالت إن فيه «محتوى مناهض لباكستان وللإسلام»، بحسب ما أفاد مسؤول بارز. إذ صرح رئيس اتحاد المدارس الباكستانية الخاصة، كاشف ميرزا «نعم، لقد حظرنا كتاب ملالا «أنا ملالا»، لأن فيه محتوى يخالف إيديولوجية بلادنا والقيم الإسلامية». وأضاف «نحن لسنا ضد ملالا، فهي ابنتنا وهي نفسها مشوشة بشأن كتابها، كما أن والدها طلب من الناشر إزالة فقرات عن سلمان رشدي، وأن يكتب عبارة «صلى الله عليه وسلم» بعد اسم النبي محمد حسب ما ذكر موقع سكاي نيوز عربية.
لكن، ما الذي يتحدث عنه هذا الكتاب المحظور؟ يعتبر كتاب «أنا ملالا» سيرة ذاتية يروي قصة مثيرة بطلتها أسرة حاول الإرهاب العالمي استئصالها وسعى إلى هدر حق ابنتها في متابعة الدراسة، لا لشيء، سوى لأنه يعتقد أن تعليم البنات حرام. إنه يروي قصة نضال ابنة من أجل التعلم، وكفاح والدها، الذي يمتلك مدرسة، والذي شجع ابنته على الكتابة وحضور الدروس، وكذا قصة والدين آمنا إيمانا قويا بمستقبل ابنتهما داخل مجتمع لا يؤمن إلا بحظوظ الأولاد. باختصار، إنها حكاية «تجعلك تؤمن بقوة صوت الفرد من أجل إلهام التغيير في العالم»، كما ورد في موقع يوسف زاي.
تستهل ملالا يوسف زاي كتابها بالعودة إلى أصل الحكاية في حياتها وبطولتها وشهرتها العالمية، عندما استولى تنظيم طالبان على وادي سوات في باكستان، وفرض رؤيته إلى العالم على سكان الوادي. لكن طفلة تكلمت بصوت عال، رافضة أن يُسكتها رصاص الطالباني، حيث انخرطت في الدفاع عن حقها وبنات جنسها في التربية والتعلم. غير أنها كادت تفقد حياتها ثمنا لهذا النضال. إذ أطلق عليها التنظيم رصاصة في الرأس يوم 9 أكتوبر 2012، وهي عائدة من المدرسة على متن سيارة مخصصة للتلاميذ. كادت تفقد حياتها، لولا ألطاف القدر.
بعدما نجت ملال بأعجوبة من الموت، كما تقول في كتابها، انطلقت هذه الفتاة الباكستانية، البالغة من العمر 16 سنة، في رحلة من وادي سوات الواقع شمال باكستان إلى ردهات الأمم المتحدة في نيويورك حيث ألقت فيه خطابا شهيرا قائلة إن «طفلا واحد، وأستاذا واحد، وكتابا واحد، وقلما واحد قد يغير العالم. التربية هي الحل. التربية أولا». ومن هنا إلى أطراف العالم كله، حيث تحولت بعد هذا الخطاب إلى رمز عالمي من رموز دعاة السلام، بل وأصبحت أصغر مرشحة في تاريخ جائزة نوبل للسلام.
ويبدو أن السبب الحقيقي الكامن وراء منع كتابها يتجلى في كونه يحتوى على اقتباسات مأخوذة من كتاب «آيات شيطانية» للكاتب البريطاني- الهندي سلمان رشدي، الذي أصدرت إيران فتوى تبيح قتله بسبب إساءته للإسلام وللنبي محمد. بل ذهبت بعض التقارير إلى القول إن باكستان تلقت أوامر بمنع الكتاب من الخارج. لكن كاشف ميرزا نفى أن يكون قراره نتيجة ضغوط أو تهديد من أي جماعة مسلحة، وكان مسلحو طالبان هددوا بمهاجمة المكتبات التي تبيع كتاب ملالا.
جدير بالذكر أن مسألة الإساءة للإسلام تكتسي حساسية كبرى في باكستان، حيث يمكن أن يُعاقب عليها بالإعدام.