حكاية الطبيب فيليب سالم.. أو حينما يستطيع السرطان تقييم حجم التخلف السياسي

29 نوفمبر 2013 - 14:04

نعم، يمكن ذلك. وهذا ما يفعله الكاتب اللبناني المقيم في أستراليا بطرس عنداري والكاتبة النيوزيلندية فرانسيس موراني في كتابهما السرطان، المحبة، وسياسة الأمل»، الذي يتمحور حول حياة الطبيب اللبناني فيليب سالم وحياته ورؤيته

يسلط كتاب «السرطان، المحبة، سياسة الأمل» الضوء على التخلف السياسي والحضاري والعلمي في المجتمع العربي ويرسي مفهوما جديدا للعمل الرصين لتغيير المجتمع. إذ يرى الكاتب أن مسؤولية هذا التخلف لا تنحصر في القادة السياسيين وحدهم، بل تتعداهم إلى قادة الثقافة والمجتمع والعالم الذين اختاروا أن يتعايشوا مع التخلف السياسي والحضاري والعلمي في المجتمع بدل العمل الرصين والمتمرد لتغيير هذا المجتمع.

وقد صدر عن دار كوارتيت في لندن كتاب جديد بالإنجليزية عنوانه «السرطان، المحبة، سياسة الأمل- فيليب سالم: حياته ورؤيته» للمؤلفين الصحافي والكاتب اللبناني المقيم في أستراليا بطرس عنداري والكاتبة فرانسيس موراني، وهي من أصل نيوزيلندي تعيش حاليا مع زوجها الصحافي وليد موراني في نيويورك. إذ وقع البروفسور فيليب سالم الكتاب في لندن قبل أيام في قاعة نادي اليخوت الملكي على ضفاف نهر التايمز.

لابد من القول أولا إن فيليب سالم لا يعد طبيبا فحسب، بل هو سياسي ومفكر وكاتب وفيلسوف (درس الفلسفة مع الطب في الجامعة الأميركية ببيروت). إذ يتساءل سالم عن أسباب فشل المثقفين العرب من العبور من «مستنقع الشرق إلى شرق جديد»، كما في قصيدة صديقه خليل حاوي. ويرد هذا الفشل إلى عدد من العوامل، حينما يقول: «نحن لم نتمكن من العبور، لأننا لم نلتزم قضايا شعوبنا، ولأننا لم نلتزم قضايا الإنسان في بلادنا: قضية الحرية، حقوق الإنسان، وقضية العقل وصناعته، وقضية القيم والأخلاق. وبدل أن نصب اهتمامنا على صنع عقل عربي جديد ينتج منه وعي عربي جديد يساهم في خلق حضارة عربية جديدة، ها قد أضعنا الوقت في التعبير عن الغضب بداخلنا».

وفي تبرير الفشل العربي بلوم الغرب والعداء له، يقول «ناهيك باللوم الذي نلقيه بعضنا على بعض وبالحروب الشرسة التي يشنها بعضنا على بعض. وأرجو أن تفهموني جيدا، فأنا لا أقول إن الغرب بريء من المأساة التي نحن فيها، لأنه بكل تأكيد هو أحد أهم أسبابها، بل جئت لأقول إن مسؤولية الانحدار إلى هذه المأساة ومسؤولية الخروج منها هي أولا وأخيرا مسؤوليتنا نحن».

وحول الحرية ومضمونها، يقول سالم في هذا الكتاب: «تبقى الحرية، أكبر وأهم مسألة في هذا الشرق، فإياكم أن تقبلوا دونها عطاءات مهما كان حجمها، والأفضل لكم أن تدخلوا السجون لأيام وسنين في سبيلها، بدل أن تعيشوا وتموتوا في سجون كبيرة زاهية يسمونها الأوطان. عندما نتكلم على الإرهاب، لماذا لا نتكلم على أخطر أنواعه، ألا وهو الإرهاب الفكري الذي يلف هذا الشرق ويسحق الإنسان ويميته؟» ويستشهد هنا بقول جبران خليل جبران: «قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر… وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر». ومن هنا، ليست الحرية ضرورية فقط لصنع التقدم والحضارة فقط، بل ضرورية أكثر لتكون الحياة حياة، كما يقول فيليب سالم.

كما يشدد سالم على أهمية البحث العلمي، حيث ينقل عنه المؤلفان عنداري وموراني إيمانه بأن البحوث العلمية هي الطريق الوحيد للمعرفة. إذ يقول سالم: «هناك أزمة حادة في مفهومنا للتربية في هذا الشرق. كثيرون من القيمين على التعليم الجامعي في العالم العربي يعتبرون أن البحث العلمي هو نوع من الرفاهية الجامعية.

ويعلق الناقد اللبناني جوزف باسيل على هذا العمل بالقول: «استنتج سالم خلال رحلته الطبية والإنسانية الطويلة مع السرطان الكثير، وأكثر ما استنتجه هو أهمية الحياة. فالإنسان السليم لا يقدر قيمة الحياة التي هي أكبر نعمة من الله. يجب أن نترفع كي نمجد هذه العظمة التي منحها الله لنا، وأن اكبر خطأ يرتكبه الإنسان هو أن يستيقظ في الصباح ويعتبر أن هذا الشيء عادي».

 

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي