المفسرون!!

24 ديسمبر 2013 - 10:34

أما طريقة الفرار فهي كالآتي: عندما كان رئيس البلاد يلقي خطابه بمناسبة إعادة تنصيبه قال في معرض حديثه: «إن السجون ستفتح أبوابها»، التقط السجناء هذه الكلمة التي تحمل وعيدا وتهديدا لمن ينتهكون القانون، فاصطنعوا كرنفالا احتفاليا موحين للحراس أن التعليمات صدرت بفتح الزنازن احتفالا بعيد التنصيب… وشاركوهم في فتح أبوابها، ولاذوا بالفرار تحت أنظار الحراس الذين اعتادوا على تنفيذ الأوامر دون احتراز، بل طمعا في الحصول على مكافأة، فكانت أحسن مكافأة أن قدموا للمحاكمة نتيجة سوء تفسيرهم لخطاب الرئيس!! 

أما في إحدى بلاد المعمور فقد حدث شك في رؤية هلال رمضان، فذهب الناس إلى أحد كبار العارفين يسألونه المشورة، فطلب منهم أن يسألوا عن طفل ولد قبل الليلة، هل رضع اليوم من ثدي أمه أم لا؟ فجاؤوا إلى أمه، فإذا هي تبكي لأن ولدها يرفض الرضاعة منذ الفجر..فأكد لهم الفقيه ثبوت بدء شهر رمضان !!

في الواقعتين معا تطبيق عملي لخروج التفسير عن دواليبه… خروج مبني على الجهل المطبق بالمادة موضوع التفسير. فلا تتحقق الغاية أبدا من هذه العلمية الذهنية. خروج مبني على الخرافة والوهم وضحالة التفكير تُكَالُ بميزانه أمور الناس في دينهم ودنياهم، فيترسخ بذلك عمى الألوان، وتضيع مصلحة البلاد والعباد.

للتفسير قواعد يُعَّرفُ بها الدارسون في كل علم أو فن. وللمُفَسِّر شروط كشروط المجتهد سواء بسواء لا يجوز لغير ذوي الكفاءة والتجربة والموهبة والعقل والاتزان، أن يقبلوا على إيضاح ما أغمض وأشكل من مقتضيات في موضوع تقني، إقبالهم على ذلك مغامرة غير محسوبة العواقب…فيها من ضرر العرقلة والعوار ما يجعلها كالفأس الطائشة لا تفرق بين الغث والسمين… العليل والصحيح…الصالح والطالح..، أما درجة نبوغ الأمم ومقياس الحضارات فتعزى لذوي البصر والبصيرة من النابهين…لا لمن لا يفقه شيئا:

قل لمن يدعي في العلم فلسفة. فهمت شيئا وغابت عنك أشياء.

 

رئيس المنتدى المغربي للقضاة الباحثين

[email protected]

شارك المقال

شارك برأيك
التالي